التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

من نتائج الإتفاق النووي: حين يستنجد الكيان الإسرائيلي بالأنظمة العربية المتخاذلة 

أدخل الإتفاق النووي الذي وقعته الدول الست مع إيران، المنطقة والعالم في مرحلةٍ جديدة من إعادة خلط الأوراق ورسم السياسات. فالإتفاق لم يكن مسألةً ظرفية التأثير، بل تعدى ذلك ليكون مسألةً تؤثر بالمنحى المستقبلي والسياسات الإستراتيجية للدول، لما أعاد الإتفاق من تأسيسه، ليكون واقعاً جديداً لا يمكن التغافل عنه. وفي هذا السياق جاءت التصريحات الإسرائيلية لا سيما على لسان الرئيس السابق للموساد، والذي صرَّح بضرورة تشكيل حلفٍ عربيٍ إسرائيليٍ ضد التعاظم الإيراني، فيما أعطى الحلف العربي صفة الحلف السني. فماذا في تصريحات شافيت الأخيرة؟ ولماذا يسعى الكيان الإسرائيلي لتشکيل هذا الحلف؟ وهل للعرب مصلحةٌ في ذلك؟ 

 

تقرير حول تصريحات شافيت :

أشار شبتاي شافيت الرئيس الأسبق لجهاز الإستخبارات الإسرائيلية “الموساد”، أن الكيان الإسرائيلي بات أكثر تحمساً تجاه تبني قضية مشتركة مع الدول العربية (السنية) في منطقة الشرق الاوسط، والتي أصابها التوتر والقلق إثر انفتاح الغرب على خصمها المشترك، إيران، وتوصل الدول الست الكبرى إلى إتفاق نووى مع إيران. ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن شافيت قوله في مقابلة مع إذاعة “يو إس راديو” إنه يعتقد أنه في الوقت الحالي صارت هناك نافذة من الفرص أمام الكيان الإسرائيلي لتشكيل نظامٍ جديدٍ وتحالف مناهض لإيران يضم الدول السنية بالشرق الأوسط بحسب تعبيره. وقال رئيس الموساد الأسبق إن الدول السنية مثل مصر، والأردن والدول الخليجية تشارك كيانه شكوكها حول إيران، مما يعطي تل أبيب بحسب رأيه، عضوية فعلية في المعسكر المعتدل. 

وأضاف شافيت “تُعتبر إيران خصما لكل من السعودية ومصر والأردن والإمارات، أو بمعنى آخر الدول التي تمثل الإسلام السني الأكثر اعتدالا… ونحن ننتمي لذات المعسكر”. وتابع رئيس الموساد الأسبق “لدينا فرصة فريدة لبذل الجهود ومحاولة تشكيل تحالف يضم الدول العربية المعتدلة تتزعمه السعودية والكيان الإسرائيلي بغرض مواجهة القدرات النووية المحتملة لإيران في المستقبل، ولوضع نظام جديد في الشرق الأوسط”. وأوضح أن تشكيل التحالف الجديد يستند إلى إيجاد تسوية للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني حيث يمكن للحكومات العربية السنية المساعدة في تسهيل تحقيق تلك التسوية.

 

 تمهيدٌ للتحليل: 

عندما يتم الحديث عن الإحتلال الإسرائيلي، لا بد من الأخذ بعين الإعتبار عدداً من المسائل المهمة. وهو ما يمكن أن يكون تمهيداً لما سَيَلي من تحليلات. وهنا نقول التالي: 

– ليس جديداً أن تحاول تل أبيب إقامة حلفٍ مع بعض الدول العربية لا سيما الخليجية منها. فالتاريخ السياسي المعاصر، ذكر أن الكيان الإسرائيلي لم يكن ليُرسِّخ واقعه العدواني ضد الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة لولا التخاذل العربي معه. وهو الأمر الذي يعكسه التعاطي الرسمي العربي مع القضية الفلسطينية.

 – لذلك فالتعاون العربي الإسرائيلي قائمٌ بالأصل وإنما يحاول الكيان الإسرائيلي اليوم، إستغلال الفرصة السانحة، والتي للأسف يعتبرها بعض العرب لا سيما السعودية، قاسماً مشتركاً بينه وبين تل أبيب. فالإتفاق النووي للغرب مع إيران، أصبح بحد ذاته خطراً إستراتيجياً على الكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يعني بالنتيجة أن إيران تقف في صف الشعوب المُستضعفة. فيما يعني حتماً أن السعودية تقف في الصف المقابل لإيران. وإلا فلماذا تجتمع اليوم مصالح الرياض وتل أبيب، وفي هذا الوقت بالذات؟ إنما الحقيقة هي أن الطرفين جمعتهم المصالح في الماضي، واليوم وصلت الأمور الى مرحلة إظهار الأوجه الحقيقية. 

– وفي الربط بين النقطتين أعلاه، فإن النتيجة تصبح أن الكيان الإسرائيلي لم يُدافع يوماً عن المصالح العربية، بل قام بإستغلال تعاون الأنظمة العربية معه، لقهر الشعوب وحكمها. لتتغيَّر موازين القوى في المنطقة مع التعاظم الإيراني مما أصبح يهدد مصالح الكيان الإسرائيلي والدول التي تَبعت السياسة الأمريكية.

 

القراءة التحليلية:

إن السياسة الدولية اليوم أصبحت في مرحلةٍ جديدة بمجرد أن دخلت إيران نطاق التعاظم الدولي. وهو الأمر الذي أدى لبناء واقعٍ جديدٍ قد يختلف الكثيرون في رؤيته. لذلك فإننا نقول التالي من منطلق تحليل الوقائع والأحداث وليس النوايا: 

– إن الصراع العربي الإسرائيلي ومنذ قيامه لم يحظ بسياسات تهدف لإيقاف الهمجية الإسرائيلية، أو إعادة الحقوق للشعوب العربية لا سيما الشعب الفلسطيني، وهو الأمر الواضح في التاريخ. لكننا اليوم نقول إن المنعطف الذي شكل بداية تحرُّر الشعوب وقوة المقاومات العربية كان عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران. وبقي ذلك وتصاعد وصولاً للإنجاز التاريخي الجديد لطهران اليوم. 

– وهنا نقول إن الدور الإيراني في الصراع وأهميته ليس جديداً بل يشكل إمتداداً للسياسة الإيرانية الإستراتيجية الهادفة لتحصيل مكامن القوة وإستخدامها فيما يصب في خانة مصلحة محور المقاومة. وهنا يأتي الحديث عن التعاطي الإيراني مع ورقة الإتفاق النووي. مما يعني أن إيران وبحسب ما يُشير المحللون، زادها الإتفاق قوةً ضمن إطار سياساتها التاريخية المتواصلة ولن يكون شيئاً جذرياً في حركتها، بل ستستخدمه في إطار تقوية خيارات محور المقاومة. 

– وفي المقابل فإن الأطراف الأخرى تراجع نفوذها وليس صدفةً أنها تنتمي للسياسة الأمريكية، مما أدى لتراجع هيبتها وتأثيرها لا سيما الدول الخليجية وتل أبيب. وهنا فإن الأزمات العربية المتلاحقة لا سيما في ليبيا وسوريا والعراق، أدت لدخول المنطقة في دوَّامة الصراعات الجديدة ضد الإرهاب التكفيري الطابع. لكن النتيجة كانت أن تعاظمت إيران ومحورها، وسقطت أمريكا وحلفاءها. 

بين التمهيد والتحليل حقائق واضحة لا تحتاج للإستدلال. لكن النتيجة التي يجب الوقوف عندها، هي أن الأنظمة العربية اليوم وعندما تقف الى جانب الكيان الإسرائيلي، لا تقوم بجديد بل تكشف حقيقة دورها التاريخي. كما أن الخيارات التي ستقوم بها طهران بعد الإتفاق، لن تكون كما يحلم البعض مخالفة لماضيها المقاوم. لذلك فإن الواقع الحالي، هو لصالح إيران ومحور المقاومة. أما اللعب على الوتر الطائفي الذي تقوم به تل أبيب لتشكيل حلفٍ ضد إيران، فلن ينجح على الإطلاق. وها هي فلسطين بأسرها، تسير خلف محور المقاومة الذي تقوده إيران. لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل أصبحت المصائب تجمع تل أبيب والعرب لا سيما الرياض بعد أن جمعتهم المصالح؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق