ما علاقة إحتلال مدینة عدن بالإتفاق النووي؟
بعد فشل استمر مايقارب الأربعة أشهر لحربها علی الیمن، والتي ترافقت خلال الأيام الماضية مع انتهاكات واسعة للقانون الدولي إثر استهداف المدنيين وتدمير المنشآت المدنية في عدن ومدن اخری، إعتبر النظام السعودي توصل إيران مع المجموعة السداسية لاتفاق تاريخي، بمثابة ضربة قاسية لمشروعه الرامي لتدمير المنطقة عبر شن الحرب علی سوريا والیمن، وبات النظام السعودي لم یعرف كیف یواجه هذا الإتفاق فرد علیه بإحتلال مدینة عدن دون أن یعرف كیف سیواجه الشعب الیمني هذا الإحتلال وماذا سیكون مصیر مشروع السعودیة في المنطقة.
حيث كانت الرياض تأمل عدم توصل إيران والسداسية الدولية لاي إتفاق ينهي الأزمة بينهما، لإشعال حرب أخری في المنطقة، عبر دفع الدول الغربية والكيان الإسرائيلي لمهاجمة إیران علی خلفية برنامجها النووي، لكن باءت جميع هذه المساعي من قبل الرياض بالفشل، عندما أعلنت طهران ومجموعة الـ “٥+١” وصولهما الی اتفاق نووي ينهي خلافاتهما الثنائية. وبعد الإعلان عن هذا الإتفاق، زاد غضب النظام السعودي، ولم يجد مكاناً لصب غضبه سوی عبر تكثيف غاراته الجوية علی مدينة عدن. وظنت السعودية أن احتلال مدينة عدن من قبلها سيعوض شيئاً من خسائرها العسكرية والسياسية في المنطقة في مواجهة محور المقاومة بقيادة إيران.
حاولت السعودية من خلال إحتلال مدينة عدن، التخفیف من ألمها إثر الإتفاق النووي الإيراني، لكن ليس من المؤكد أن تستمر سيطرة السعودیة بالتعاون مع القاعدة وداعش علی مدینة عدن. حيث قال رئيس المجلس السياسي لأنصار الله صالح الصماد وفق ما نقلت عنه وكالة سبأ: كل ابناء الیمن معنيون بالوقوف مع اخوتنا الجنوبيين في وجه الغزو الخارجي ومن في فلكهم من عناصر القاعدة وداعش للحفاظ علی عدن لتبقی عدن لأبنائها الذين سيكون لهم ولبقية ابناء المحافظات الجنوبية الاولوية في ترتيب اوضاعهم وبناء مستقبلهم بعيدا عن التواجد الاجنبي وعناصر القاعدة وداعش.
وفي هذا السیاق قال الناطق الرسمي باسم قوات التحالف السعودي، أحمد عسيري إن «معركة عدن هي بداية الطريق» حسبما نقلت عنه قناة العربية، حيث إعتبر الكثير من المحللين هذه التصريحات بأنها إعتراف رسمي من قبل السعودية بفشل حربها علی الیمن خلال الأشهر الماضیة. وبالرغم من هذا ابدی عسيري مخاوفه من أن لا تستطیع السعودیة الحفاظ علی المناطق التي إحتلتها في مدینة عدن دون أن تكون هناك «قوات برية». وتأتي هذه المخاوف بالرغم من إرسال ١٣٠ الیة عسكریة اخری من قبل السعودیة للمقاتلین الموالین لمنصور هادي الذین یقاتلون في عدن حسبما أعلنت قناة الحدث في خبر عاجل.
لا شك أن إيران ستزيد من دعمها لحلفائها في المنطقة بعد توصلها الی اتفاق حول برنامجها النووي، وسيكون هذا الدعم عاملا لمزيد من الانتصارات من قبل حلفاء إيران في سوريا والعراق والیمن. لذا حتی في حال تمكنت السعودية الیوم من إحتلال بعض مناطق عدن، فإن هذا الإحتلال لن يستمر كثيرا وسيتمكن الجيش الیمني واللجان الشعبية من تحرير هذه المناطق خلال الفترة القادمة، والدليل على أن السعودية ليست مطمئنة من إنجازاتها في عدن هو عدم عودة منصور هادي الی هذه المدينة خشية من إستعادتها بالكامل مرة اخری من قبل الجيش واللجان الشعبية الیمنية.
وفي النهاية نعتقد أن شعوب المنطقة الیوم باتت أمام خيارين لحل أزمات المنطقة، هما «الحوار» الذي تدعو الیه إيران وخيار «الحرب» الذي تتبناه السعودية. وبعدما شهدت شعوب المنطقة ثمار الحوار الذي أنتج اتفاقا تاريخيا بين إيران والمجتمع الدولي، فمن المستبعد جدا أن توافق شعوب المنطقة علی خيار الحرب الذي تدعو الیه السعودية، لحل قضايا المنطقة الساخنة خاصة في الیمن وسوريا والعراق. إذن علی السعودية ألا تفرح حتی إن تمكنت من إحتلال مدينة عدن بالكامل عبر القصف الجوي والبحري، لأن خيار الشعب الیمني وجمیع شعوب المنطقة، هو الحوار ولیس الحل العسكري والأیام القادمة ستثبت ذلك.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق