في أي سياق توضع دعوة بوتين لإنشاء حلف لمواجهة التكفير
أدلى الرئيس الروسي فلادمير بوتين وخلال زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى موسكو بمجموعة من التصريحات التي صبت في إطار تجاوز الخلافات بين سوريا وتركيا والسعودية والأردن وبالتالي تشكيل حلف فيما بينهما للقضاء على جماعات التكفير في سوريا والتي تشكل خطرا حقيقيا على الجميع، جاء ذلك مع تأكيد بوتين أن روسيا مستمرة في سياستها الداعمة لسوريا قيادة وشعبا قناعة من أن سوريا وشعبها سينتصران في نهاية المطاف. هذه التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي فلادمير بوتين تأتي في سياق الجهود التي تعمل عليها روسيا لوضع حد للجماعات التكفيرية في سوريا وجر الأمور إلى محور التوافق والنقاش السياسي بين الأطراف السورية التي لم تتورط في الأعمال الإرهابية. هذه الجهود سبقها مكالمة هاتفية قام بها الرئيس بوتين مع نظيره الأمريكي أوباما، تلاها زيارة قام بها وزير الخارجية الروسي لنظيره الأمريكي للبحث في الشأن السوري.
الآفاق التي يجب أن يكون عليها الحل للأزمة السورية
لا يختلف اثنان على أن حل الملف السوري لا بد أن يكون داخليا بإمتياز في إطار جهود دولية مساعدة في ذلك من خلال وضع حد للدول الداعمة للجماعات التكفيرية، فمحاربة الفكر التكفيري تتطلب توحيد جهود كافة دول المنطقة لا سيما دول الجوار، وعليه تكون ببذل جهود قصوى لإقامة حوار بناء مع جميع الدول المهتمة بمحاربة هذا الفكر الإرهابي. وإن الخلافات والتناقضات بين دول الجوار لا ينبغي أن تؤدي إلى أي شكل من أشكال دعم هذه الجماعات التكفيرية على حساب تحقيق بعض الأهداف الآنية، وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول كتركيا والأردن والسعودية ومن خلال المباحثات والمساعي الروسية أظهرت استعدادها للمساهمة في محاربة هذه الجماعات، يأتي ذلك مع التمدد المناطقي لهذه الجماعات والتي اصبحت تشكل خطرا حتى على الدول الداعمة لها والذي بدأ يظهر بعض اشكاله من خلال الأعمال الإرهابية التي تطال هذه الدول كالسعودية والكويت وفرنسا وغيرها.
الدول المدعوة ومسلكها المتناقض
الحكومة السورية والتي كانت ولا زالت داعمة وساعية لتشكيل جهود متضافرة في مواجهة الفكر التكفيري لا شك أنها أول المرحبين لدعوة الرئيس الروسي فلادمير بوتين، خاصة أن الشعب السوري هو أكثر المتضررين من جماعات التكفير وداعميهم، إلا أن التشكيك من قبل الحكومة السورية يبقى بإمكانية قيام هكذا تحالف لمحاربة الفكر التكفيري الإلغائي بإعتبار أن التحالف مع تركيا والسعودية وقطر وأمريكا يحتاج إلى معجزة كبيرة جدا، فهذه الدول هي نفسها الداعمة لهذه الجماعات بل أنها المؤسسة والحاضنة لها والوثائق التي تثبت ضلوع تلك الدول بإنشاء مراكز التدريب لهم وتهيئتهم بالمال والسلاح وفتح الحدود أمامهم خير دليل على التناقض في المسلك بين تلك الدول من جهة واستعدادهم للمساهمة في محاربة هذه الجماعات من جهة أخرى. إذن إمكانية تحول هذه الدول التي تآمرت على سوريا وشجعت الإرهاب ومولته وسلحته وبنت مصالحها على ذلك إلى مكافح ومحارب له أمر بالغ الصعوبة. فهل تنتظر هذه الدول ليسقط مزيد من الضحايا في السعودية والكويت وتونس وفرنسا حتى يدرك المجتمع الدولي انتشار الإرهاب وأن هذا الإرهاب سيرتد عليهم؟
في أي سياق توضع دعوة بوتين
إذن حيال هذا التناقض في مسلك الدول المدعوة من جهة والحاجة لقيام حلف مواجه للجماعات التكفيرية من جهة أخرى تأتي دعوة الرئيس الروسي فلادمير بوتين في سياق السياسة الروسية الهادفة إلى إزالة العقبات التي تحول دون وضع حد لجماعات التكفير وإعتداءاتهم بالإنطلاق من التقريب بين وجهات النظر والإلتقاء على نقاط وخيوط مشتركة من العمل بين الدول التي سلكت وانتهجت مسلكاً خاطئاً فيما مضى وبين الدول الجادة في عملها لمحاربة هذه الجماعات، وبالتالي السير وفق خطة بالإعتماد على التحليل الموضوعي للأوضاع الراهنة خاصة بعد انتشار هذا الفكر الذي أصبح يهدد بما فيه الدول الداعمة نفسها، وهذه الدعوة هي في سياق الدعوات السابقة أيضا والقائمة على إقناع الآخرين بخطورة هذه الجماعات والفكر المنتهج لديهم وأن لا مصلحة لأحد ببقائهم وامتدادهم.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق