التحديث الاخير بتاريخ|السبت, ديسمبر 28, 2024

عبدالله غول صديق الأمس عدو اليوم.. لماذا؟ 

يبدو أن الرئيس التركي السابق عبدالله غول دخل في مرحلة جديدة من المعارضة السياسية للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان في ظل الإختلاف القائم حول سياسة تركيا الخارجية تجاه العديد من دول المنطقة لا سيّما سوريا ومصر. لم يعد يتردّد غول في إنتقاد سياسة أردوغان في مناسبات مختلفة، سواء حضر أم غاب، كما أن الكتاب الذي أصدره أحمد سيفير مستشار غول كان بمثابة قنبلة انفجرت بوجه حزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو .

 

لم يتوان الرئيس السابق عبدالله غول خلال مأدبة إفطار نظمتها جمعية الصداقة التركية في مدينة إسطنبول، وجلس الرئيسان غول وأردوغان على الطاولة نفسها، من التحدث خلال الكلمة عن ضرورة إعادة النظر في سياسة تركيا الخارجية تجاه منطقة الشرق الأوسط، كما أنه إتهم أردوغان بأنه يعتمد مع رئيس وزرائه على سياسات غير واقعية، موضحاً أن “تفجير سوروتش نتيجة لما كان يحذّر منه من مخاطر السياسة الخاطئة تجاه سوريا والشرق الأوسط” .

 

وقد أوضح رئيس تركيا بين العامين ٢٠٠٧ و٢٠١٤ في كلمته أن “تركيا عليها تحسين علاقاتها مع كافة دول منطقة الشرق الأوسط، فالقضية الفلسطينية مازالت عالقة كما هي، وهناك العديد من الدول العربية تشهد صراعات داخلية كبيرة، ولكن تركيا لا تستطيع في ظل هذه الظروف تقديم المزيد من المساعدات لهذه الدول، ولذلك يجب على القيادة التركية إيجاد طرق جديدة لكيفية التعامل مع هذه الدول وتقديم المساعدات لها “.

 

لم تتوقف إنتقادات غول التي تتقاطع مع تصريحات العديد من القيادات السياسية والعسكرية في تركيا عند هذا الحد، بل أصدر مستشاره الصحفي أحمد سيفير، في كتاب له عن تفاصيل الخلافات بين غول والرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان ورئيس الحكومة أحمد داود أوغلو أثناء فترة حكمه. ويوضح كتاب “من الداخل: حول سنوات حكم حزب العدالة والتنمية”، تباين وجهات النظر بين غول وأردوغان وأوغلو، خصوصًا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية التركية، وبالتحديد الازمتين المصرية والسورية.

 

لا شك في أن إنتقادات غول التي تتقاطع مع العديد مع الأصوات المعارضة، وأعضاء الحزب نفسه إضافةً إلى القيادات العسكرية، تأتي في ظل السياسة العدائية التي بناها أردوغان وأوغلو. فقد باتت الظروف التركية معاكسة تماماً لسياستها السابقة المبنية على مبدأ “تصفير المشاكل مع الجيران”، إذ ينتقد مراقبون سياسة أردوغان باعتبار أنها طموحة جداً في ظل سعيها الى أن تكون القوة الأهم في الشرق الأوسط، ما يعيد إلى الذاكرة حقبة السلطنة العثمانية .

 

لقد بات أردوغان حالياً من “المغضوب عليهم” في تركيا في ظل خلافاته داخل الحزب، والإنتقادات الشديدة للمعارضة، كما أن إنتقاد سياسات أردوغان- داود أوغلو جاءت أيضاً من المؤسسة العسكرية عبر رئيس أركانها الحالي الجنرال نجدت سيزير الذي رفض التجاوب مع تعليمات أردوغان بدخول سوريا لإقامة منطقة عازلة. في المقابل دعا رئيس الأركان السابق الجنرال إيلكير باشبوغ إلى التواصل مع الدولة السورية، مصرحاً بأنه يجب تغيير سياسة تركيا تجاه سوريا والعمل على تقوية موقع الدولة السورية وإخراج تركيا من صورة البلد الداعم للإرهاب .

 

لا نعلم إذاما كان هدف أردوغان من إستهداف تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، يأتي في سياق “العثمنة الجديدة”، أي أنه يريد فرض تدخله العسكري بعد رفض الجيش عبر مخطط إستخباراتي يبدأ باستفزاز داعش والتواطئ معه لزعزة الامن في الداخل التركي، أم أنه راجع حساباته وأدرك أخطائه، وبالتالي يريد إبعاد الداخل التركي عن لهيب الحرب السورية التي أشعلها بنفسه عبر تهريب المسلحين.

 

ختاماً، تنطوي دعوة الرئيس التركي السابق عبدالله غول على مسؤولية وطنية كبرى تجاه بلاده، خاصةً أن مطالبته بأن تعود السياسة الخارجية التركية إلى سياسة المسافة الواحدة من الجميع في المنطقة، تعني بشكل أو بآخر القضاء على الإرهاب في المنطقة، وتجنيب الشعوب المسلمة عموماً، والداخل التركي خصوصاً ويلات التكفيريين وتنظيم داعش الإرهابي. في المقابل لم تعد تنفع سياسة المكابرة التي تمارس من الثنائي أردوغان-أوغلو في ظل تشويههما للصورة التركية التي باتت في الحضيض، فضلاً عن وصول النار السورية إلى الداخل التركي. بتنا قاب قوسين أو أدنى من اليوم الذي تدق فيه تركيا بوابة دمشق لطلب العون والمساعدة في القضاء على الإرهاب.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق