التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الأسباب الواقعية للتوافد الغربي على طهران 

 يشكل الإتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين إيران والغرب مرحلة جديدة في حال تنفيذه، هذه المرحلة بدأت منذ اللحظات الأولى من الإتفاق، وشهدت انحرافاً للبوصلة الغربية نحو إيران، فلقد وصلت “فيديريكا موغيريني”، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، إلى طهران في زيارة رسمية، وكذلك فقد وصل الیوم “لوران فابيوس”، وزير الخارجية الفرنسي، إلی إيران أيضاً. 

 

توجه المسؤولين الغربيين إلى العاصمة الإيرانية يعود إلى الأهمية التي تتميز بها طهران، وكذلك فإن الثقل السياسي لإيران يدفع الكثير من الدول إلى التقرب منها والتوجه إلى أبوابها، فالغرب يحتاج إلى إيران في كثير من الملفات والقضايا، فالمصالح الإستعمارية التوسعية للدول الغربية في المنطقة تواجه رفضاً وإفشالاً من الجانب الإيراني، وعلى هذا فإن الغرب يسعى إلى التقرب من إيران في محاولة للتخفيف من حدة وصلابة المواقف الإيرانية تجاه متغيرات المنطقة، وهذا ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” عندما رأت أن “الإتفاق قد يخلق فرصة للتعامل بفعالية مع قضايا أوسع مثل الحروب التي تعصف بكل من سوريا واليمن”، ولكن يمكن التنبؤ بأن التوقعات الغربية هذه تنتظر فشلاً ذريعاً، فالجمهورية الإسلامية تتخذ مواقفها المقاومة والممانعة وفق أسس عقائدية دينية، وليس وفق مصالح مادية أو سياسية، فإذا أراد الغرب من إيران أن تغير موقفها من القضايا الإقليمية، عليه أولاً أن يبدل نيته الاستعمارية التي يضمرها تجاه منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما أكده الباحث المصري محمد حسنين هيكل في حوار مع “السفير” حيث اعتبر أن “التناقض الإيراني الأمريكي لم ينتهِ ولن ينتهي”.  

 

وفي سياق متصل بدأت الحملات الإعلامية تتكثف حول تحليل الأهمية الإقتصادية لإيران، معتبرةً أن سبب زيارات المسؤولين الغربيين لطهران يعود لمصالح واستثمارات اقتصادية يرغب الغرب بالقيام بها على الأراضي الإيرانية، ولكن تبقى هذه التحليلات منفصلة عن الواقع، ففي حال تم التصويب النهائي على الإتفاق الذي تم التوصل إليه، فإن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران يحتاج إلى ما بين ٥ و٦ أشهر، وهي فاصلة زمنية طويلة تمنع التأسيس لأي مشاريع اقتصادية في الوقت الراهن. 

 

وفي هذه الأثناء تنتشر تقارير تعتبر أن الإتفاق النووي الذي تم التوصل إليه غيّر المكانة السياسية لطهران في المنطقة، وأن سفر المسؤولين الغربيين إلى طهران ناتج عن تغير في الموقف الإيراني، وهذا ما نفاه قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي الذي أكد أن بلاده مستمرة بدعم حلفائها المتمثلين في حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية بالإضافة إلى سوريا وغيرها من الدول والشعوب، وكذلك فإن السيد الخامنئي أكد بأن هذا الاتفاق لن يغير من سياسة إيران تجاه أمريكا “المتغطرسة”، وفي السياق نفسه أكد وليد المعلم، وزير الخارجية السوري، أن الإتفاق الذي أبرم أخيراً بين إيران والدول الست لن يؤثر على الدعم الثابت الذي تقدمه طهران لدمشق، لا بل من شأنه أن يقويها، وهذه الإشارات تؤكد أن التقارير الإعلامية التي تشير إلى أن موقف إيران سيتغير في المنطقة ليست إلا محاولة لشق صف محور المقاومة والتفريق بين مكوناته.  

 

والجدير بالذكر أن هناك من يحاول زرع نوع من التوتر بين إيران ودول المنطقة، ففي وقت سابق إعتبرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن إيران تحاول تخويف الدول العربية، والآن يصرح وزير الخارجية السعودي بأن إيران تفتعل التوتر في المنطقة، وغير ذلك من الفكر الذي يحاول تشويه صورة إيران وإظهارها على أنها دولة معادية للدول العربية والإسلامية، وهذا يدخل في إطار العمل على عزلة إيران بعد الإتفاق النووي ومنع الدول من التقرب منها، فالتاريخ والسنوات الطويلة تثبت أن إيران لم تحمل إلا رسالة المحبة والسلام لدول المنطقة، وإيران كانت دوماً تؤكد أنها لا تعادي إلا الكيان الإسرائيلي وسلاحها لايستهدف غيره.  

 

وعلى ضوء هذا يمكن أن نعتبر أن الإتفاق النووي لن يغير من المواقف السياسية الإيرانية تجاه المنطقة شيئاً، المواقف التي تتميز بمعاداة كل الحركات الإستعمارية والتكفيرية بالإضافة إلى نشر السلم والصلح والعدالة في المنطقة، وما زيارات المسؤولين الغربيين إلى طهران إلا لحاجتهم إليها، الأمر الذي عبر عنه الرئيس الإيراني حسن روحاني بقوله “القوى العالمية الست في حاجةٍ إلى الصفقة أكثر من إيران”.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق