التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

فرصة التعاون التركي الإيراني: بين الأهمية والتأثير 

 لا يمكن التقليل من أهمية الدور التركي في الشرق الأوسط، وإن كان هناك العديد من الملاحظات على السياسة التركية التي انتهجها أردوغان وفريقه إن من ناحية السياسة الخارجية أو الداخلية. لكن الإتفاق النووي جاء كفرصةٍ لجميع الدول التي قد تكون أخطأت في حساباتها وبالتالي قامت بإنتهاج سياساتٍ كلَّفتها الكثير من الخسائر على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي. وهنا نشير الى أن تركيا تقع في خانة هذه الدول. وإنطلاقاً من الفهم الإيراني لأهمية الدور التركي، تُشير تصريحات المسؤولين الإيرانيين لا سيما بعد الإتفاق الى ضرورة التعاون بين البلدين، مع التأكيد على إيجاد أرضيةٍ مشتركة. فماذا في آخر التصريحات الإيرانية حول هذا الموضوع؟ وكيف يمكن ترجمة هذا الواقع على الصعيد العملي؟

 

أولاً: آخر التطورات بين البلدين:

وفقاً لما أوردته وكالة (IRNA ) الرسمية في إيران، أفاد النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جيهانغير أنّ على إيران وتركيا زيادة التعاون والتنسيق فيما بينهما لمكافحة الإرهاب والتصدي للمجموعات الإرهابية الناشطة في منطقة الشرق الأوسط. وأكّد جيهانغير خلال استقباله للسفير التركي لدى العاصمة الإيرانية رضا هاكان تكين، أنّ بلاده ترغب في زيادة التعاون والتنسيق مع تركيا لمحاربة الإرهاب، مشيراً في الوقت ذاته إلى أهمية التعاون بين دول الشرق الأوسط من أجل التصدي للمجموعات الإرهابية.

 

وأشار جيهانغير إلى أنّ رفع مستوى التعاون بين تركيا وإيران بخصوص مكافحة الإرهاب، هو السبيل الوحيد لإعادة الأمن والإستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط. كما تطرّق نائب الرئيس الإيراني خلال حديثه مع السفير التركي إلى العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين قائلاً: “هناك روابط تاريخية وثقافية عميقة تربط بين الشعبين الإيراني والتركي وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بين الدّولتين فيما يخصّ بعض المشاكل العالقة في منطقة الشرق الأوسط، إلّا أنّ هذه الخلافات يجب أن لا تعيق تطوير العلاقات القائمة بيننا”.

 

وفيما يخصّ الزيارة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الإيرانية طهران في شهر نيسان الماضي، أفصح جيهانغير أنّ نتائج الزيارة كانت إيجابية وأنّ الرئيسين أردوغان والشيخ حسن روحاني اتفقا خلال محادثاتهما على ضرورة العمل من أجل رفع سقف التبادل التجاري بين البلدين إلى ٣٠ مليار دولار أمريكي سنوياً. وأعرب جيهانغير عن امتنان بلاده من توافد المستثمرين الأتراك إلى إيران، حيث أشار إلى رغبة إيران في تطوير العلاقات مع تركيا في مجالات السياحة والطاقة والصناعات التكنولوجية. وشكر جيهانغير خلال معرض حديثه عن العلاقات التركية الإيرانية، القيادة التركية على الدّعم الذي قدّمته لإيران في فترة الحصار الإقتصادي التي انتهت مع توصّل إيران للإتفاق بشأن ملفها النووي مع دول الـ (٥+١) خلال الشهر الماضي. وعن مرحلة ما بعد الإتفاق النووي أوضح جيهانغير أنّ العلاقات الثنائية بين تركيا وإيران ستشهد قفزةً نوعية وأنّ هذه العلاقات ستنعكس بشكل إيجابي على المنطقة برمتها.

 

ثانياً: آفاق التعاون والدور التركي المطلوب:

لا شك أن سياسة مد اليد الإيرانية ليست جديدة. لكن طهران اليوم تؤكد من خلال ذلك على العديد من المسائل، وهو ما يجب أن نشير له كما يلي:

 

– إن الطرف الإيراني من خلال تعاطيه يؤكد على مضيه في سياسة مد اليد، وهو الأمر الذي يجب احترامه وبالخصوص أن إيران تتعاطى من منطق القوة وليس الضعف. وتعتبر أنها قدمت فرصةً للجميع من أجل إعادة حساباتهم. لذلك ومن منطلق التعاطي مع الواقع الموجود وليس الأهداف الموضوعة لدى كل طرف، يجب الإتفاق على معايير لبناء الشراكة والتعاون وهي أنه على الجميع الإنتباه لحقائق الواقع السياسي الإقليمي والدولي، واحترام السيادة الوطنية للدول، والإلتفات الى الخیارات الشعبية في كل دولة والإمتناع عن العمل ضمن مشاريع تهدف لإسقاط أنظمة الدول الأخرى.

 

– وهو الأمر الذي يفرض بالنتيجة ضرورة التعامل مع الحكومات المركزية في الدول المجاورة وبالتحديد سوريا والعراق، وعدم إعطاء الشرعية للأطراف التي تسعى للتقسيم. مما يؤدي الى ترسيخ واقعٍ يساهم في إحلال السلام والأمن في المنطقة وحل الأزمات الداخلية وإعادة الإستقرار السياسي والأمني لهذه الدول.

 

– إن ايران وتركيا لديهما العديد من المصالح المشتركة لا سيما على صعيد التعاون في مكافحة الإرهاب الدولي المتمثل في المنطقة، والتعامل مع مسألة الصراع مع الکيان الإسرائيلي والقضية الفلسطينية. الى جانب أنه لا بد أن يشمل التعاون مسألة انفصال الأكراد، والإستقرار الأمني والسياسي في البلاد العربية.

 

إن الدور التركي يمكن أن يُشكل منعطفاً في السياسة الدولية، في حال إن عملت تركيا ضمن المعايير التي تُعيدها الى خانة الدول الفاعلة على كافة الأصعدة. وهو الأمر الذي تسعى إيران للتوصل له من خلال التعاون مع الطرف التركي. كما أن التبادل التجاري القائم أصلاً لا بد وأن يتأثر إيجاباً. وهنا نقول إن الأمور تعود لحجم الإستجابة التركية لهذه المسائل، وتغيير أردوغان لسياساته التي ينتهجها تحديداً الخارجية. فيما قامت إيران بواجبها من خلال إعطاء الفرصة ومد اليد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق