التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

أوباما يطلب المؤازرة في وجه “إيباك”، و٥ آب خطاب الحملة المضادة.. ما هو السيناريو المحتمل في حال إسقاط الفيتو؟ 

“نحتاج إلى دعمكم” صرخةٌ أطلقها أوباما لحثّ المؤيّدين للإتفاق النووي على التحرك في وجه التسونامي الإسرائيلي الذي يجتاح الكونغرس ويسعى بكل جهده ضاغطاً لإقناع أعضائه برفض الإتفاق النووي مع إيران. فالرئيس الأمريكي يعلم بأن الحراك الإسرائيلي من خلال “إيباك” يستطيع التأثير على أعضاء الكونغرس، حيث قال “المعارضون لهذا الاتفاق يتدفقون على مكاتب الكونغرس”. و”إيباك” أنفقت ٢٠ مليون دولار على إعلانات تلفزيونية للضغط على أعضائه. فالمواجهة إلى احتدام والتصريحات السياسية والتهديدات من الجانبين تؤكد المضي في التصعيد، فهل سينجح الكيان الإسرائيلي بإستمالة ثلثي أعضاء الكونغرس لتعطيل الفيتو الرئاسي؟ وما هو الثمن الذي يرضى به للتراجع عن حملته؟ وما هي الخيارات المحتملة في حال أُسقط الفيتو في ظل تحذير أوباما أنّ الخيار الوحيد البديل هو الحرب؟  

 

فقد توجّه الرئيس أوباما إلى داعمي الإتفاق النووي محذراً: “في ظل غياب أصواتكم فسوف ترون نفس مجموعة الأصوات التي قادتنا إلى الحرب في العراق، ما يقودنا إلى وضع نتخلى فيه عن فرصة تاريخية ونعود إلى مسار صراع عسكري محتمل”. فبعد أن حاولت إدارة أوباما تقديم التطمينات والدعم للإسرائيليين من أجل ثنيهم عن المضي في موقفهم الرافض للإتفاق، لم تفلح جهودهم في تغيير موقف نتنياهو. فهو يعلم كما الرافضين للإتفاق أنّ الموافقة عليه صدرت في الأمم المتحدة، ومفاعيله بدأت وبدأ معه الحجّ إلى إيران من الدول الأوروبية والعربية وغيرها. 

 

وفي سياق الحملة المضادة تقوم إدارة الرئيس الأمريكي بخطوات للتخفيف من تأثير “إيباك”. فقد أعلن البيت الأبيض أمس الجمعة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيلقي خطاباً في واشنطن في الـ٥ من أغسطس/آب يدعو فيه إلى دعم الاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وذكر المتحدث باسم الإدارة الأمريكية جوش إيرنست أن أوباما سيلقي كلمته في الجامعة الأمريكية وأنه سيتناول فيها، إلى جانب الاتفاق مع إيران، قضايا الأمن الدولي ودور الولايات المتحدة في ضمانه. 

 

العرض الأمريكي  

من الواضح انّ السقف الإسرائيلي العالي في المواجهة يريد نتنياهو من خلاله كسب الثمن الأكبر لإرضائه من خلال صفقة على أحد ملفات المنطقة وهذا ما حاول فاشلاً فرضه على طاولات المفاوضات النووية، وتحصيل الدعم المالي والتسليحي الأكبر كمّا ونوعا. فقد قالت مصادر إنّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عرض على رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحسين قدرات الجيش الإسرائيلي، بعد الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني، وذكرت الصحيفة أن نتنياهو لم يقبل العرض آنذاك، لتفادي إعطاء الانطباع بأن “الکيان الإسرائيلي” انضم إلى الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني.  

 

وقال المسؤول الأمريكي في حديث صحفي إن أوباما أبلغ نتنياهو بأنه يتفهم أسباب عدم قبوله لهذا العرض في شهر أبريل/نيسان، ولكن بعد التوصل إلى الاتفاق فإن أوباما يعتقد بأن على “إسرائيل” والولايات المتحدة إجراء محادثات للحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، آخذًا بعين الاعتبار التغييرات التي قد تجري في المنطقة نتيجة للاتفاق مع إيران، وقد جاءت زيارة وزير الدفاع أشتون كارتر إلى الكيان الإسرائيلي في هذا الإطار ولكن لم تكن نتائج العرض والتفاهم مقنعة للإسرائيليين بحسب ما أعلن بعد الزيارة. 

 

وأشارت مصادر صحفية إسرائيلية سابقاً إلى وجود مساعٍ إسرائيلية يقوم بها “تسفي هاوزنر” سكرتير الحكومة السابق المقرب من نتنياهو بهدف إقناع الأوساط الأمريكية بتأييد ضم هضبة الجولان المحتلة إلى الکيان الإسرائيلي. وهو ما يُعتبر طلباً صعب المنال بل مستحيلاً في ظل الأوضاع الأمنية المشتعلة. فمن الجليّ أنّ نتنياهو لن يختار طلباً متواضعاً ثمن التراجع عن موقفه. فهل تستطيع الإدارة الامريكية إرضاء نتنياهو في ظل تراجع وانكسار تعيشه في المنطقة؟  

 

حملة “إيباك”

إنّ “اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشـؤون العامة” American Israel Public Affairs Committee والتي كان إسمها القديم “اللجـنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة” تم تأسيسها عام ١٩٥٩ وهي أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي وتمثل اللوبي اليهودي. هدفها تحقيق الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي، ولا تقتصر على اليهود بل يوجد فيها أعضاء ديموقراطيون وجمهوريون. 

 

وقد بدأت “إيباك” حملة ضغط على الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونغرس، حيث وصفت الإتفاق مع إيران بأنه “ينطوي على ثغرات خطيرة”، وكانت اللجنة سابقاً قد قالت في بيان لها “كنا سنؤيد الاتفاق لو كنا على يقين بأن الخيارات لدينا هي بين اتفاق يمنع الحرب أو عدم اتفاق يقود إلى حرب، ولكن في هذه الحالة، لدينا اتفاق يؤدي إلى الحرب، ليس ضد إسرائيل وحدها بل ضد كل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة”. وتوجهت إلى أعضاء الكونغرس لكي لا يصادقوا عليه، ما يعني أنها ستمارس مختلف أنواع الضغوط على أعضاء مجلس النواب المؤيدين للاتفاق النووي مع إيران لكي يتراجعوا عن موقفهم. 

 

وأعلنت “إيباك” أن أهدافها الراهنة تتركز على منع إيران من الحصول على اسلحة نووية، ودعم الکيان الإسرائيلي وتأمينه، والدفاع عنه ضد أخطار الغد، وإعداد جيل جديد من القيادات الداعمة لإسرائيل وتوعية الكونغرس بشأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. وتنسق منظمة “إيباك” مع جماعات أخرى حليفة مثل جماعة “مواطنون من أجل إيران خالية من الأسلحة النووية” والتي تقود حملة دعاية تلفزيونية ضد الاتفاق، بالتزامن مع الجهود التي تبذلها المنظمة لنشر ٣٠٠ من أعضائها في الكونغرس في محاولة منها لإقناع المشرعين بعرقلة الاتفاق. 

 

“الفيتو” والخيارات المتاحة

بإنتظار إنتهاء المهلة المتاحة للكونغرس لمناقشة الإتفاق النووي قبل التصويت عليه، تتوالى التحليلات والتوقعات حول قرار الكونغرس، الذي يتمتع الجمهوريون فيه بالغالبية، والمسار القانوني بعده. وكان الرئيس الأمريكي أوباما قد أعلن مؤخرًا أنه سيستخدم حق “الفيتو” في حال تصويت الكونغرس على قرار يرفض الاتفاق، وفي حال حدوث ذلك لا بد من تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين، أي ٦٧ عضواً على الأقل، للتغلب على الفيتو الرئاسي، وهذا يعني أن أوباما بحاجة إلى دعم ٣٤ فقط من أعضاء مجلس الشيوخ المئة، للتغلب على اعتراض الكونغرس في حال حدوثه. وهو أمر ليس صعباً على الرئيس الأمريكي. ويرى مفاوض أمريكي سابق مع إيران أن أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطي على الأرجح سيفضلون مساندة “إنجاز تاريخي” في السياسة الخارجية الأمريكية، على دعم المعارضة البرلمانية للاتفاق. 

 

وقال دبلوماسي إسرائيلي سابق أن الضغوط الإسرائيلية لن تتمكن من تغيير الموقف الأمريكي الرسمي من الاتفاق النووي، وأن الحديث عن تجنيد ١٣ نائباً من الديموقراطيين ضد إدارة أوباما مجرد وهم، مرجحاً أن تتمكن حملة الضغط من الحصول على تعويض أمريكي سخي مالي وعسكري “لإسرائيل”. فالكونغرس قد يعطل الاتفاق النووي لكن لن يمنعه. 

 

وفيما يحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن الخيار الوحيد الذي يمكن أن يلي رفض الإتفاق مع إيران سيكون الحرب، يحاول الجمهوريون إيجاد بديل عن الحرب ليقدموه لناخبيهم كورقة ضغط على الرئيس الأمريكي لمنعه من استخدام “الفيتو”. وقال الأميرال جون ريتشاردسون، مرشح الرئيس الأمريكي لمنصب قائد العمليات البحرية إن “هناك خيارات أخرى غير الحرب يمكن للولايات المتحدة أن تلجأ إليها في حال رفض الكونغرس الأمريكي الاتفاق”. 

 

فكيف ستنتهي هذه المواجهة بين الطرفين؟ وهل ستشعل نتائجها شرارة تصعيد في الشارع الأمريكي فضلاً عن الكيان الإسرائيلي؟ أم أن الإدارة الأمريكية الخائبة سترضخ لضغط اللوبي الصهيوني وتثبت عجزها من جديد حتى على أداتها الوظيفية، بعدما أصبحت عاجزة عن إملاء شروطها وهيمنتها على قرار شعوب المنطقة.  

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق