أفول (طالبان) وبروز (داعش) في أفغانستان.. الخلفيات والتداعيات
بعد ثلاثة أيام فقط من اعلان موت (الملا عمر) قائد حركة طالبان، أشارت تقارير غير رسمية الى موت (جلال الدين حقّاني) مؤسس جماعة حقّاني في باكستان، فيما اعلن تنظيم (داعش) عن موت (أيمن الظواهري) زعيم تنظيم القاعدة، إلاّ ان مصادر غربية كذّبت هذا الخبر في وقت لاحق.
وبالتزامن مع هذه الأخبار دعا (الملا أختر منصور) الزعيم الجديد لحركة طالبان خلال بيان صوتي عناصر الحركة للتمسك بالوحدة في داخل الحركة، إلا ان تقارير غير رسمية أشارت الى وجود خلافات حقيقية بين قادة هذه الحركة، فيما اشارت تقارير خبرية الى ان قادة الحركة بصدد اختيار زعيم آخر عن طريق الانتخاب بدلاً من (الملا أختر).
ويعتقد المراقبون ان التصدع الذي أصاب حركة طالبان تقف خلفه في الحقيقة دول اقليمية ويتم بالتنسيق مع أمريكا لاستبدال هذه الحركة بتنظيم (داعش) الإرهابي الذي وسّع نفوذه في أفغانستان خلال الأشهر الأخيرة، والذي يعد المستفيد الأول من موت (الملا عمر) في هذا الوقت بالذات.
وسارع عدد من زعماء (داعش) للتعبير عن فرحهم بموت (الملا عمر) عبر بيانات نشرت على مواقع تابعة للتنظيم في شبكة الانترنت والتي دعوا فيها ايضاً عناصر طالبان للإلتحاق بـ (داعش) واعلان ما يسمونه “البيعة” لزعيمهم الارهابي المدعو (أبو بكر البغدادي).
ويرى المتابعون للشأن الأفغاني ان الاعلان عن موت (الملا عمر) و(جلال الدين حقّاني) في وقت متقارب يهدف في الحقيقة الى تهيئة الأذهان وتعبيد الأرضية لتقوية نفوذ (داعش) في أفغانستان في حين يعتقد آخرون ان جهاز الاستخبارات في الجيش الباكستاني (أي.أس.آي) هو الداعم الأصلي لتحركات (داعش) في أفغانستان وتقف وراءه الادارة الأمريكية لأداء هذا الدور.
وكان جهاز الاستخبارات الباكستاني يدعم في السابق حركة طالبان ويستفيد من عناصرها لضرب أهداف محددة في داخل أفغانستان لإضعاف حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها (أشرف غني احمد زي).
ونتيجة التطورات التي حصلت في الآونة الاخيرة لاسيما الانشقاقات التي شهدتها طالبان باتت الأخيرة بحكم المنتهية الصلاحية (ورقة محترقة).. ولهذا تحركت أمريكا وباكستان لاستبدالها بتنظيم (داعش) لتنفيذ ذات المهمة التي كانت تنفذها طالبان في السابق داخل أفغانستان لكن بأسلوب أشد وحشية وأكثر ضراوة.
وفي هذا الوقت أعرب عدد من اعضاء مجلس الشيوخ الأفغاني عن قلقهم ازاء قيام جهاز الاستخبارات الباكستاني بضخ أموالٍ الى عناصر (داعش) في ولاية ننغرهار شرق أفغانستان وتهيئة منازل لإسكان عوائلهم في هذه الولاية.
ويعتقد المحللون ان الضعف والتصدع الذي أصاب طالبان لن يسهم في إنهاء النزاع المسلح في أفغانستان. ليس هذا فحسب؛ بل يرون أنّ هذا الضعف هو الذي مهّد الأرضية لقدوم حركة ارهابية أخرى الى هذا البلد أكثر تشدداً وتطرفاً في اشارة الى تنظيم (داعش).
في هذا السياق أعرب عدد من المراقبين بينهم (وحيد مُجدة) الخبير بالشؤون الأفغانية عن اعتقادهم بأن اسلام آباد تسعى الى تشكيل جماعة صغيرة للتفاوض مع الحكومة الأفغانية بشأن عملية السلام في البلاد، في وقت يسعى فيه الكثير من عناصر طالبان للالتحاق بتنظيم (داعش)، وهذا الأمر يهدف في الواقع بنظر هؤلاء المراقبين الى إبعاد تهمة دعم الارهاب عن باكستان.
وفي وقت سابق وتحديداً في ٢٤ مايو/آيار من العام الجاري صرح قائد قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال الأمريكي (جون كامبل) ان تنظيم (داعش) ينشط منذ فترة لتجنيد عناصر جديدة من طالبان وضمّها الى صفوفه في هذا البلد، مشيراً الى أن اعداداً كبيرة من طالبان قد التحقت بهذا التنظيم في الآونة الأخيرة.
وفسّر العديد من المتابعين للشأن الأفغاني تصريح قائد قوات الحلف الأطلسي بأنه لايعبر فقط عن قراءة ميدانية لما يحصل في أفغانستان؛ بل يشير أيضاً الى وجود مشروع أمريكي يهدف الى تقوية (داعش) في هذا البلد.
الى جانب ذلك يجب أن لا ننسى الدور السعودي في دعم وتقوية (داعش) في أفغانستان الذي يتم بالتنسيق مع واشنطن واسلام آباد والذي لايقل خطورة عن الدور المحوري الذي تلعبه الرياض في دعم الجماعات الارهابية والتكفيرية ومن بينها (داعش) لتنفيذ عمليات اجرامية في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وهو ما تم توثيقه بالادلة والارقام من قبل الكثير من المصادر الدولية التي تتابع تحركات هذه الجماعات الى درجة بات معها الحديث عن هذه الجرائم أشبه بتكرار المكررات لكثرتها وهمجيتها وبشاعتها.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق