مواجهة أوباما-الكونغرس.. والتداعيات الداخلية للإتفاق النووي
تلوح في الأفق حالياً معركة قانونية بين البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي من ناحية وبين الحزبين الجمهوري والديمقراطي من ناحية آخرى حيث من المقرّر أن يصوت الكونغرس على “الاتفاق النووي” الذي وقعته الدول الست الكبرى مع إيران في العاصمة النمساوية فيينا، وفي حين يؤكد الرئيس أوباما أنه سيستخدم حق “الفيتو” في حال تصويت الكونغرس على قرار يرفض الاتفاق، نرى أن الكونغرس الأمريكي يسير بجدية على طريق رفض القرار (كلياً أو جزئياً) حيث قدّم رئيس لجنة الخارجية في الكونغرس ايد رويس مقترحا تشريعيا لرفض الاتفاق النووي الإيراني، كما أن زعيم الأغلبية الجمهورية في الكونغرس الأميركي ميتش ماكونيل أوضح أنه في جميع الاحتمالات سيتم النظر في قرار يناقش رفض الاتفاق النووي الإيراني.
ماذا لو رفض الكونجرس الأمريكي “الاتفاق النووي” مع إيران ؟ وما هي الخطوة القادمة في حالة الرفض؟ ماهي التداعيات المفترضة على الجبهة الداخلية؟ أسئلة كثيرة يثيرها تحرك أعضاء بارزين في الكونغرس واللوبي الصهيوني لرفض الاتفاق، وتعهد رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإسقاطه، مقابل تعهد الرئيس الأمريكي باراك اوباما بتمرير المشروع عبر الفيتو.
البيت الأبيض والكونغرس
مع إقتراب المهلة المحدّدة للكونغرس والتي تنتهي بحلول١٧ أيلول المقبل لقبول الاتفاق النووي أو رفضه، تحتدم التجاذبات العلنية والسرية بين الكونغرس والبيت الأبيض، وبالتالي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي. رويس، رئيس لجنة الخارجية في الكونغرس، يؤكد أن الجمهوريين الذين يملكون الأغلبية في الكونغرس سيمررون مشروع قرار يقضي برفض الاتفاق النووي الإيراني والذي قد يشل الاتفاق عوضا عن بلورة قرار غير ملزم، في المقابل يهدد أوباما باستخدام حق الفيتو ضد المشروع، باعتبار أنه قد يزعزع سير المفاوضات النووية مع إيران، كذلك إن إعلان مسؤول أمريكي بالأمس أن الرئيس أوباما سيلقي خطاباً اليوم الاربعاء يعتبر فيه “المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني أهم قرار دبلوماسي اتخذته الولايات المتحدة منذ غزو العراق، وذلك في محاولة منه للدفاع عن الاتفاق الذي ابرم مع طهران” أمراً في غاية الأهمية. يضيف المسؤول في البيت الابيض طالبا عدم ذكر اسمه ان اوباما “سيشير إلى أن نفس الاشخاص الذين دعموا حرب العراق يعارضون اليوم (حلا) دبلوماسيا مع ايران، وان تفويت هذه الفرصة سيكون خطأ تاريخيا”.
يبدو أن التجاذبات بين الطرفين ستفضي إلى إستخدام الرئيس للفيتو، حينها لا بد من تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين، أي ٦٧ عضوًا على الأقل، للتغلب على الفيتو الرئاسي (أوباما بحاجة إلى دعم ٣٤ فقط من أعضاء مجلس الشيوخ المئة، للتغلب على اعتراض الكونغرس)، ولكن ماهي التداعيات الداخلية لهذا الخلاف القانوني-السياسي.
التداعيات الداخلية
رغم أن كلا الطرفين يرى أن مصلحة بلاده ومصلحته الحزبية في قبول أو رفض الإتفاق النووي، إلا أن المواجهة القائمة حالياً لا تخلو من البعد السياسي الذي سيرتب عليها العديد من التداعيات الداخلية أبرزها:
البيت الأبيض والكونغرس، من اهم التداعيات الداخلية للقرار هو الهوّة التي ستحصل بين أوباما والسلطة التشريعية، خاصةً أن الفترة السابقة شهدت العديد من المشاحنات( خطاب نتنياهو في الكونغرس، قانون ترحيل المهاجرين غير الشرعيين)، لذلك سيشوب العلاقة بين الجهتين الكثير من التجاذبات حتى إنتهاء الفترة الرئاسية لأوباما.
الحزبين الجمهوري والديمقراطي، رغم أن المواجهة المباشرة حالياً تبدو بين البيت الأبيض ورئيسه الديمقراطي والكونغرس الأمريكي ذو الأغلبية الجمهورية، إلا أن المواجهة في الحقيقية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لذلك فإن إستخدام الرئيس الامريكي في خطابه المرتقب اليوم حرب العراق المكروهة شعبيا للتدليل على الخيار الواجب اتباعه في مسألة الاتفاق مع ايران، وربّما التذكير أيضاً بجهود الرئيس كينيدي وخطابه الشهير قبل بضعة اشهر من اغتياله خطابا في نفس الجامعة لوقف التجارب النووية، خطوات تهدف بشكل أو بآخر لجذب الرأي العام نحو الصف الديمقراطي، إلا أن تخلّف عدد من أعضاء الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن دعم الاتفاق وما سينجم عنه من تعديل في موازين القوى في الدورة المقبلة للكونغرس سيزيد الأمر تعقيداً.
الإنتخابات، كل التجاذبات السابقة وتداعياتها ستظهر نتائجها في الإنتخابات الرئاسية المرتقبة في العام المقبل، لذلك يدافع الرئيس الأمريكي عن الإتفاق بإعتبار الخيار السلمي الوحيد والذي يقضي على طموحات إيران النووية، في حين يرى أعضاء الحزب الجمهوري أن البديل عن الإتفاق السيئ هو المزيد من العقوبات، أو إتفاق أفضل. نرى أن الجانبين يحاول إضفاء صبغة المصالح القومية الامريكية على قراره، وبالتالي محاولة جذب الرأي العام الأمريكي نحوه. هنا لا بد من التذكير أن اللوبي الصهيوني يلعب حالياً دوراً بارزاً للقضاء على طموحات أوباما في تمرير المشروع، كما أن لهذه المنظمة المدعومة مالياً من العديد من الممولين الصهاينة درواً أساسياً في دعم المشاريع الإنتخابية لأي رئيس أمريكي “صهيوني الهوى”، خاصةً أن البازار المالي يستحوذ على حصّة الأسد في الإنتخابات الأمريكية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق