التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الكيان الإسرائيلي و”فينوغراد” السعودية 

 “المملكة العربية السعودية هي حليف لإسرائيل” كلامٌ أطلقه المدير العام لوزارة خارجية الکيان الإسرائيلي، دوري غولد، مطلع العام الجاري ليكون بذلك أول تصريح إسرائيلي رسمي يوضح العلاقة التي تجمع السعودية مع هذا الكيان، هذه العلاقة تُعتبر في نظر الكثيرين أنّها ضبابية وليست واضحة، فرغم كلام غولد إلا أنّ السعوديين يدينون في كثير من الأحيان الممارسات الإسرائيلية كجريمة حرق الرضيع الفلسطيني التي ندد بها وزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير.

 

لدراسة حقيقة الروابط التي تجمع الكيان الإسرائيلي بالسعودية يكفي تسليط الضوء على الوقائع والأحداث التي تجري أو جرت في المنطقة، والتي كان أبرزها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام ٢٠١٤، فخلال العدوان أكد الكاتب ديفيد هيرست في مقال له في موقع “هافينغتون بوست” الإخباري أن “الهجوم على غزة تمّ عن طريق أمر ملكيّ سعوديّ”، مسميًا السعودية بـ”الشريك الثالث غير المعلن في هذا الحلف غير المقدّس”، والذي يضم وفقًا للكاتب أمريكا ومصر أيضًا، وبعد كلام الكاتب، خرج السفير السعودي في بريطانيا نواف آل سعود غاضباً وانتقد مقال هيرست واصفاً إياه بأنه “هراء مطلق” يتكون من “أكاذيب لا أساس لها من الصحة”. 

 

ولكن كلام السفير لم يتفق مع السياسة العامة السعودية، فالأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية سابقاً، اعتبر في مقالٍ نشره في صحيفة الشرق الأوسط أن “حماس تتحمل تبعات ما يحدث في غزة من مجازر، نتيجة لتكرارها لأخطاء الماضي وغطرستها، وعبر إرسالها للصواريخ عديمة الأثر إلى إسرائيل”، كلام تركي الفيصل هذا يعطي الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي بتدمير حماس، وهذا يؤكد ما كان قد نشره الكاتب هيرست الذي رد على السفير السعودي قائلاً “ليس من السهل أن تكون سفيرًا للسعودية في بريطانيا، حيث يجب عليك أولاً أن تقوم بنفسك بنفي الأمور التي لا يمكن نفيها، ومنها أن الهجوم الإسرائيلي على غزة جاء بدعم السعودية؛ إنّه أمر مهين”.

 

إلقاء السعودية اللوم على الفلسطينيين وحركات المقاومة التي تطلق الصواريخ يشير إلى أن السعودية تدعم الكيان الإسرائيلي في عدوانه الذي اعتبره السعوديون “دفاعاً عن النفس” وذلك عندما اتهموا صواريخ المقاومة بأنها هي السبب، كما يشير الموقف السعودي هذا إلى أنه على الفلسطينيين عدم مقاومة الكيان ومحاربته، وهذا اعترافٌ سعودي رسمي بالإسرائيليين.

 

ولا يقتصر الدور السعودي على تقديم الدعم السياسي للكيان الإسرائيلي، فعدوان ٢٠١٤ تم تمويله سعودياً أيضاً حسب ما كشفته صحيفة هافينغتون الأمريكية، وكذلك فإن السلطة السعودية تمارس دوراً محورياً في فرض الحصار على غزة، الأمر الذي أكده مصدر سياسي إسرائيلي بارز في كلامٍ نقلته الإذاعة العبرية اعتبر فيه أنّ “الجهود الدبلوماسية التي بذلتها السعودية لعبت دوراً في تقليص عمليات تهريب السلاح للمقاومة في القطاع بشكل جذري”، وهذا إعترافٌ إسرائيلي رسمي بسعي السعودية لحماية الكيان الإسرائيلي وحفظ أمنه من خلال فرض الحصار على حركات المقاومة والشعب الفلسطيني.

 

السياسة السعودية تجاه الكيان الإسرائيلي تتعدى الشأن الداخلي الفلسطيني، فالعلاقة تمتد إلى الساحة الإقليمية والدولية، والجميع يتذكر الحضور السعودي في “مؤتمر إسرائيل للسلام” الذي انعقد عام ٢٠١٤، والذي عبر فيه تركي الفيصل في مقالة نشرتها “هآرتس” ضمن فعاليات المؤتمر أشار فيها تركي الفيصل إلى اليد الممدودة للتسوية مع تل أبيب، وشوقه إلى دعوة الإسرائيليين لزيارة منزله في الرياض حيث قال “تعالوا نحلم للحظة تخيلوا أن أستطيع أن أركب الطائرة من الرياض وأطير مباشرة إلى القدس، وأركب من هناك سيارة أجرة لأزور قبة الصخرة… وبعدها إلى متحف المحرقة اليهودية” ولم ينتهِ حلم الأمير السعودي بزيارة الكيان الإسرائيلي، بل شمل أيضاً دعوة الإسرائيليين إلى زيارة السعودية، إذ أضاف “يا لها من لذّة ألا أدعو الفلسطينيين فقط، بل الإسرائيليين الذين سألقاهم أيضاً، ليأتوا لزيارتي في الرياض، حيث يستطيعون التجول في بيت آبائي”.

 

تتعدد الساحات والمواقف والهدف واحد، فالسعودية تملك روابط وثيقة ومتينة تجمعها مع الكيان الإسرائيلي ووصلت هذه الروابط إلى حدٍ يمكنها أن تدين جرائم الكيان دون أن تتأثر العلاقة بينهما، فكما أنّ لجنة فينوغراد الصهيونية أدانت الحكومة الإسرائيلية عقب حرب تموز، كذلك فإن السعودية تدين بعض جرائم الكيان الإسرائيلي من باب “إدانة فينوغراد” وليس من باب الإدانة التحذيرية المعادية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق