التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

ما سبب الضجة تجاه إيران.. قوتها العسكرية أم نفوذها الأيديولوجي في قلوب شعوب المنطقة؟ 

إنه لأمر غريب مساعي الدول العربية لإثارة الخوف والبلبلة تجاه إيران في المنطقة، دون أن تكون إيران هددت أياً من هذه الدول خلال أكثر من ٣٥ عاما مضت علی عمر الثورة الإسلامية. وبالنظر الی الارقام والإحصائيات فيما تشتريه الدول العربية من سلاح ومعدات عسكرية، مقارنة بما تستورده إيران من سلاح، يتضح الفارق الكبير في هذا السياق. إذن لماذا كل هذه الضجة الإعلامية والسياسية في المنطقة ضد إيران؟ ولماذا كل هذا التسويق لهذه الأوهام أن إيران تهدد المنطقة؟ وما هو الهدف من وراء رسم صورة عن إيران بانها عدوة للشعوب العربية؟! في حال هي المدافع الاول عن شعوب هذه المنطقة، إزاء المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية.

وبالنظر الی إستيرادات السلاح فقد احتلت السعودية المركز الثاني، فيما جاءت الإمارات في المركز الرابع ضمن الخمس دول الأكثر استيراداً للأسلحة التقليدية علی مستوی العالم في الفترة بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١٤، بحسب ما ذكره موقع “ديفينس نيوز”. وأوضح الموقع أن الميزانية العسكرية لكل من الإمارات والسعودية آخذة في الارتفاع، ومن اللافت أن هذا التقرير يذكر بان الإمارات والسعودية استوردتا، ما نسبته ٩% من إجمالي واردات السلاح التي إستوردتها جميع دول العالم في تلك الفترة، وبذلك قد تفوقت هاتان الدولتان علی الصين التي حازت علی ٥% فقط من مجموع الاستيراد العالمي بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١٤.

ووفقا لدراسة أعدتها شركة (IHS ) للأبحاث فان إستيراد السلاح من قبل السعودية في فترة ٢٠١٣ ـ ٢٠١٤ قد شهد نمواً بحجم ٥٤%، حيث يقدر هذا النمو بحوالي ١٠ مليارات دولار مقارنة بفترة ٢٠١٢ـ ٢٠١٣. ووفقا لأحد تقارير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام العالمية (SIPRI )، فقد وصلت إستيرادات السعودية من السلاح خلال عام ٢٠١٤، الی ٨٠ مليار و ٨٠٠ مليون دولار خلال هذا العام. وبناءً علی المعلومات التي تصدر من قبل المنظمات الدولية المهتمة بسوق السلاح، فلا توجد أي معلومات تشير الی أن إيران، قد استوردت مبالغ طائلة من السلاح خلال العقود الثلاثة الاخيرة، بالرغم من أن طهران كانت ولازالت تتعرض للتهديد المستمر من قبل أمريكا والكيان الإسرائيلي، وفرضت علیها حرب ضروس من قبل النظام العراقي البائد خلال الثمانينيات من القرن الماضي.

وبفضل إنكشاف الحقائق أمام شعوب المنطقة من خلال وسائل الإعلام المحايدة، فقد أُنيط اللثام عن وجه الدعایة الإعلامیة التي تروج لاکذوبة تسمّی “التهديدات الإيرانية” ضد المنطقة، بالنسبة لشعوبها. لكن بالرغم من ذلك لازال التضليل الإعلامي مستمراً من قبل قناة العربية والجزيرة وغيرها من القنوات. تصوروا يتم إتهام إيران من قبل هذه القنوات علی أنها محتلة لليمن بينما لا يتواجد جندي إيراني واحد في الیمن، وفي المقابل تم تدمير معظم المدن الیمنية من قبل الطائرات الإماراتية والسعودية بإسم انقاذ اليمن من إیران!. هل يوجد تناقض أوضح من هذا؟ والإتهامات الأخری التي توجه لإيران في سوريا ولبنان والعراق، هي نفس الإتهامات التي تواجهها إيران حالیا في الیمن من قبل الدول العربية.

وفي ظل مساعي الدول العربية لرفع نسبة إستيرادها من السلاح بعد توقيع الإتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية، إعترف باراك أوباما الرئيس الأمريكي مؤخراً، أن ميزانية إيران الدفاعية أقل بحدود ثمانية مرات، قیاساً بميزانية الدفاع المخصصة من قبل الدول العربية الخليجية مجتمعة. وعلی الرغم من التهديدات المستمرة التي تواجهها إيران، فقد إمتنعت طهران من التعاقد مع مصدري السلاح خلال السنوات الأخيرة، لإستيراد السلاح، وبادرت الی إنتاج ما تحتاجه من سلاح داخل البلاد.

وهذه الأسلحة التي أهدرت الدول العربیة خاصة السعودیة والإمارات علی إستیرادها مبالغ طائلة، لیس فقط لم تستخدم في الدفاع عن شعوب المنطقة فحسب، بل باتت تستخدم لقتل العراقیین والسوریین والیمنیین من قبل هذه الدول. ولم تستخدم حتی ضد إیران لانه في الأساس لم یصدر من طهران أي تهدید ضد الدول العربیة، وهذا دلیل واضح علی أن الضجة الإعلامیة التي تصنع من إیران خطرا علی الدول العربیة، هي في الأساس مفبرکة وبعیدة عن الواقع.

إذن أصبح من الواضح أن خوف دول المنطقة من إيران، لا يعود في الأساس الی قوة إيران العسكرية بالرغم من أنها تمتلك رصيداً دفاعيا وطنيا هائلا، بل تأتي هذه المخاوف من نفوذ إيران الأيديولوجي والإجتماعي والثقافي الذي دخل قلوب الشعوب العربية والإسلامية وأیضا خطاب الثورة الإسلامیة الذي حظي بإهتمام بالغ لدی کثیر من المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية، وهذا هو سبب الضجة الإعلامية الشرسة التي تسوق لها وسائل الإعلام المعادیة لإيران في المنطقة والعالم. 

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق