التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

وقف إطلاق النار الشامل.. سلام أم إستسلام؟ 

فاق إقتراح رئيس الکيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين التوقعات، عندما دعا لإقامة اتحاد فدرالي إسرائيلي فلسطيني لحل الصراع بين الطرفين . دعوة ريفلين تأتي في سياق الحديث عن تسوية للصراع مع الفلسطينيين تفضي إلى وقف إطلاق نار شامل، وتتمثل بـ”إقامة اتحاد فدرالي إسرائيلي فلسطيني بدون حدود”، لأنه لا يرى أي إمكانية لتحقيق السلام إذا لم تكن هناك حدود مفتوحة بين الكيان الإسرائيلي و(جيرانه)، حسب قول ريفلين.

 

في المقابل، رغم الرفض العسكري والسياسي والشعبي الذي يتردّد بين الفينة والأخرى ومع كل مجزرة أو إعتداء إسرائيلي على أبناء الشعب الفلسطيني، لم تتوان بعض الشخصيات والأوساط الحمساوية في الجهر بتثبيت وقف إطلاق النار الساري منذ إنتهاء العدوان الإسرائيلي الصيف الماضي مقابل كسر الحصار عن قطاع غزة . فهل من الممكن التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل مقابل رفع الحصار؟ ما هي التكاليف التي سيدفعها الطرفان؟ وما هي التداعيات المفترضة على القضية الفلسطينية؟ 

 

عند الحديث عن وقف إطلاق نار شامل في غزّة لابد من مقاربة هذا الإتفاق مع معاهدة أوسلو القائمة في رام الله مع الأخذ بعين الإعتبار الفوارق الجيوسياسية، وقد يكون من المفيد في هذا السياق إستذكار المقاومة الفلسطينية في الإنتفاضات السابقة وتجربة المقاومة اللبنانية وبالتحديد حزب الله في صراعه مع الكيان الإسرائيلي. 

 

لم يكن حديث ريفيلين الأخير من باب الترف الفكري، بل جاء بناءاً على توصيات من الاجهزة الامنية لإدراكها أنه على الرغم من الدمار الواسع الذي ألحقه الجيش بقطاع غزة، والحصار الإنساني القائم الذي يمنعهم من إعادة بناء منازلهم ويحول دون استمرار تدفق إحتياجاتهم الغذائية والصحية، إلا أنّ ذلك وحده غير كاف لمنع نشوب مواجهة واسعة أخرى حسب صحيفة هآرتس، لكن الظروف الدولية هذه المرّة لا تخدم سلطات الکيان الإسرائيلي في المضي قدماً بإستهداف الفلسطينيين دون قيد أو شرط. 

 

من السلام إلى الإستسلام

السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه حالياً: هل سيكون وقف إطلاق النار الشامل مع قطاع هو “إستراحة مقاتل” كما هو واقع الحال في جنوب لبنان، اذ لا يصح تسميتها بالسلام، أم أنه مقدّمة لمرحلة الإستسلام التي تشهدها الضفة الغربية حالياً رغم وجود العديد من مظاهر المقاومة الفردية الشريفة؟ 

 

قد يكون الحديث حالياً عن وقف إطلاق نار شامل مقابل رفع الحصار أمراً واقعياً في نظر البعض، ولكن هل سيكتفي الکيان الإسرائيلي بذلك، ماذا لو ردّت المقاومة الفلسطينية على أي إعتداء عسكري إسرائيلي هل سيعود الحصار؟ وما التكلفة لإعادة رفعه مجدداً؟  

 

أثبتت التجربة والتاريخ منذ عهد الأنبياء (ع) أن المكر ونكث العهود من أبرز سمات “أصحاب السبت”، فهل سمحت سلطات الکيان الإسرائيلي ببناء ميناء بحري ومطار للتخلص تمامًا من الحصار المفروض على غزة رغم مرور أكثر من عام على العدوان؟  

 

تشير القراءة الأولية لوقف إطلاق النار أنها مقدّمة طبيعية للإستسلام، لأن الكيان الإسرائيلي لن يرضى بإمتيازات تقل عن تلك التي قدّمتها السلطة الفلسطينية في رام الله، فالمطالبات الإسرائيلية ستصل إلى خلع السلاح والتنسيق الأمني، وربّما مطالبة قيادات حماس بإعتقال المقاومين من الفصائل الفلسطينية الأخرى. عندها هل ستستطيع غزة الصمود حتى يوم واحد امام الإعتداءات الإسرائيلية؟ 

 

رغم صعوبة الوضع الإقتصادي والإنساني في قطاع غزّة، إلا أنه لن يعدم الصبور الظفر وإن طال به الزمن، فالحصار الإقتصادي على القطاع بات في مراحله الأخيرة في ظل الظروف الدولية الحالية. كما أن التعاون بين حركتي حماس وفتح عبر رفع السقف وبناء معادلة ثنائية للمقاومة بين القطاع ورام الله ستفضي إلى نتائج نوعية على الصعيد الفلسطيني. 

 

من الممكن لحماس إذاما أرادت رفع الحصار أن تعتمد على سياسة الوسطية في القضايا العربية والتركيز على رفع هموم وآلام الشعب الفلسطيني. عندها سيكون معبر رفح هو البديل المؤقت لرفع الحصار، على أمل أن يرفع الحصار قريباً بسبب العزلة الدولية وحملة المقاطعة الاوروبية والدولية للبضائع الإسرائيلية. 

 

من المفترض أن تستفيد كلا السلطتين في غزة من المنظمات الحقوقية للضغط على الدول الأوروبية في سبيل تمرير مشروع رفع الحصار عن القطاع، وتأمين الحصانة وإطلاق سراح المعتقلين الإداريين ووقف الإستيطان في رام الله، مقابل رفع مشروع المقاطعة للبضائع الإسرائيلية. 

 

قد يكون الأمر مجانباً للحقيقة في تحميل الشعب السلطات الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن الاوضاع القائمة في غزّة ورام الله، وما يترتّب من نتائج على وقف إطلاق النار الشامل في القطاع، لأن القضية الفلسطينية هي قضية عربية إسلامية، وبالتالي من المفترض أن تتحمل هذه الدول مسؤوليتها تجاه الأقصى قبلة المسلمين الأولى. 

 

أثبتت تجربة حزب الله اللبناني أنها الأنجع لمواجهة التحديات الإسرائيلية، لأن وقف إطلاق النار لم يجدي نفعاً طوال سنوات الإحتلال للجنوب اللبناني، وما يُراد للمقاومة الفلسطينية حالياً هو إستدراجهم من حيث لا يعلمون، إذ يحاول الكيان الإسرائيلي تركيع القطاع دبلوماسياً بعد أن فشل في ذلك عسكرياً وإقتصادياً.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق