التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

الجيوسياسية اليمنية … شمال اليمن يبدد أحلام السعودية وأعوانها 

 فشلت “عاصفة الحزم” في تحقيق اهدافها المعلنة، فاتبعتها السعودية  والتحالف بـ”اعادة الامل”، وهذه الاخرى لم تحقق اي مكسب يذكر. فالسعودية التي تسعى من خلال الحرب للسيطرة على اليمن ووضعه تحت عباءتها، تحت ذريعة اعادة الشرعية لم تعد تراهن على طلعاتها الجوية لفرض اهدافها المعلنة حول عودة الرئيس الفار، “عبد ربه منصور هادي”. التوجه السعودي اليوم يراهن على جبهة الداخل، على “القاعدة” والميليشيات المسلحة في جنوب اليمن. فما هي امكانية تقدم الموالين للسعودية نحو الشمال؟ وما هي العقبات التي تقف في وجههم؟

 

بالرغم من اتساع رقعة العمليات العسكرية جنوب اليمن وسيطرة السعودية وحلفائها في الداخل على بعض المناطق، الا ان هذا لا يعني ان السعودية قادرة على التوسع اكثر من ذلك. هناك عوامل عدة لعبت دورا مهما في تمكن السعودية من تحقيق تقدم في الجنوب اليمني، منها: 

اولا: وجود عناصر “القاعدة” في هذه المناطق التي ضمت معسكرات ومعاقل كان التنظيم قد انشاها، بالاضافة الى تطعيم هذا التنظيم الارهابي ببعض السكان المحليين بعدما عملت السعودية على تزكية الفتنة وتصوير النزاع على انه حرب مذهبية.

ثانيا: الطبيعة الجغرافية للجنوب اليمني سهل عملية ارسال الامدادات اللوجستية والعسكرية للمقاتلين الموالين للسعودية. فالجنوب بطبيعته الصحراوية أمّن المساحات المفتوحة للانزالات الجوية التي غذت مقاتلي “القاعدة” و”ميليشيات هادي” بالعتاد والسلاح، كذلك مكنت هذه المساحات الصحراوية الشاسعة سلاح الجو السعودي من التحكم بالمعارك البرية، فكانت طائراته تستهدف الجيش اليمني واللجان الشعبية وتسهل تقدم القوات الموالية لها.

ثالثا: المنفذ البحري في الجنوب ساعد في تامين الغطاء الناري وكذلك لعب دورا في زيادة الدعم اللوجستي وحتى الدعم البشري، فقد ذكرت بعض المصادر ان حسم المعارك في “عدن” جاء بعد تدخل قوات خاصة سعودية واماراتية دخلت المدينة من البحر وقلبت الكفة لصالحها بعدما كانت كل المؤشرات تؤكد سقوط “عدن” بيد الجيش اليمني و”انصار الله”.

 

العوامل التي ساعدت السعودية والموالين لها في الداخل، لا تتوفر في شمال اليمن، مما يقف بوجه الاطماع السعودية بالتقدم نحو صنعاء والشمال اليمني. ومن هي العوامل: 

اولا: ينحصر تواجد مقاتلي “القاعدة” في جنوب اليمن ولا وجود لعناصر هذا التنظيم في الشمال. حتى انه لا وجود لمقاتلين موالين للرئيس المستقيل “هادي” او للسعودية في مناطق شمال اليمن، وتعتبر جميع المناطق تحت سيطرة الجيش اليمني و”انصار الله”.

ثانيا: عطفا على ما سبق، ان تقدم القاعدة نحو شمال اليمن يجعلها قاب قوسين او ادنى من الحدود السعودية مما يهدد بالدخول الى الداخل السعودي، وهذا ما تخشاه السعودية، التي سعت الى محاربة هذا التنظيم الارهابي وإبعاده عن اراضيها. فهل من مصلحة السعودية الاستمرار في دعم تقدم “القاعدة” نحو شمال اليمن؟

ثالثا: الطبيعة الجغرافية في الشمال تختلف بشكل كامل عما هي عليه في الجنوب، فالشمال يتمتع بطبيعة جبلية وعرة تجعل منه حصنا للقوات المدافعة وعائقا كبيرا امام القوات المهاجمة، وهذا ما يدركه الخبراء العسكريون. مما يصعب عملية تقدم القوات البرية وامدادها اللوجستي، بالاضافة الى ضعف مناورة سلاح الجو وعدم قدرته على اصابة اهدافه بدقة في مثل هكذا مناطق. فالحرب في هذه المناطق قد تكلف القوات المهاجمة خسائر كبيرة في العتاد والارواح بالاضافة الى تكلفة مادية عالية قد تكون السعودية بغنى عنها.

 

لا يمكننا ان نستهين بتقدم “القاعدة” والميليشيات الموالية للسعودية جنوب اليمن، الا ان هذا التقدم ليس بالاهمية التي يدعونها، فلا زالت العاصمة “صنعاء” محصنة بحكم موقعها شمال اليمن. كما وان معظم المحافظات (١١ محافظة) وغالبية سكان اليمن يقطنون في الشمال، ومعظمهم يؤيدون الجيش و”انصار الله”. بالاضافة الى ذلك، فالتقدم في الجنوب دونه عواقب وخيمة، فهناك تضارب بالمصالح بين انصار الحراك الجنوبي وتنظيم “القاعدة” الارهابي، فهل يرضى الجنوبيون الانفصاليون بان تهدد السعودية واعوانها وجودهم وحركتهم الانفصالية وتسليم ارضهم “للقاعدة”؟  

يبدو ان الطبيعة الجغرافية لجنوب اليمن ساعدت السعودية واعوانها، ولو قليلا، في التقدم على الارض، الا ان جغرافيا شمال اليمن لن تسمح بالتمدد السعودي وستكون صخرة تتحطم عليها آمال “ال سعود” ومن يقف معهم، وعلها تكون صدمة تدفع السعودية الى وقف الحرب والعودة الى الحل السياسي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق