التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, نوفمبر 25, 2024

إيران تقترب من السلطة الفلسطينية؛ لكن ليس علی حساب حماس والجهاد 

يعرف الجميع أن إيران تدعم الفصائل الفلسطينية المقاومة منذ عدة عقود، وذلك لمواجهة الکيان الإسرائيلي، ومن أجل تمكين الشعب الفلسطيني أن يتخلّص من هذا الکيان. لكن من يعرف عمق السياسة الإيرانية تجاه فلسطين التي رسمها الامام الخميني (رض) وسار علیها بعده الامام الخامنئي، يدرك جيداً أن إيران تدعم في الأساس الشعب الفلسطيني قبل أن تكون داعمة لفصائله الإسلامية وغير الإسلامية، ولهذا رأينا أن هذا الدعم لم يتوقف خلال أكثر من ثلاثة عقود مضت. خلال الأيام الماضية سمعنا کلاماً حول نية الرئيس «محمود عباس» رئيس السلطة الفلسطينية زيارة طهران خلال الشهرين القادمين. حيث تحمل هذه الزيارة المرتقبة الكثير من المفاهيم في طياتها، وبقدر ما هي تسرّ جهات معينة، من الممكن أن تخيف جهات اخری، فما الهدف الذي تبحث عنه طهران والسلطة الفلسطينية من وراء هذا التقارب؟ 

 

كما قلنا في المقدمة ان الهدف الرئيسي الذي تبحث عنه إيران فيما یخص القضية الفلسطينية، هو تحرير كامل فلسطين من الکيان الإسرائيلي، وهذا هو الهدف الذي يطمح الشعب الفلسطيني للوصول الیه، وبناءً علی هذه القاعدة فانه لا يوجد مانع لإيران أن تكون لها علاقة مع السلطة الفلسطينية أو سائر الفصائل المقاومة، إن كان هدفها هو تحرير فلسطين من الاحتلال. وفي هذه الاثناء زار عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير «أحمد مجدلاني» إيران الاسبوع الماضي، التقى خلال زيارته بوزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف» وسلّمه رسالة الرئيس «محمود عباس» للرئيس «حسن روحاني» خلال اللقاء. بالطبع فان الشعب الفلسطيني سيرحب بتقارب السلطة الفلسطينية مع إيران، وذلك بسبب الدور الرئيسي الذي يمكن لايران ان تلعبه في دعم الشعب الفلسطيني ومساندة مواقفه في المحافل الدولية ضد الکيان الإسرائيلي. 

 

ولم يمض كثيرا علی حديث مجدلاني حول نية السلطة، الاقتراب من إيران، حتی حاولت العديد من الجهات إثارة الخلافات بين إيران والفصائل الفلسطينية خاصة حماس والجهاد الإسلامي، متهمة طهران بتقليص دعمها لهاتين الحرکتين، وأن اقتراب طهران باتجاه السلطة الفلسطينية ياتي رداً علی زيارة «خالد مشعل» للسعودية. لكن الحقيقة المتعلقة برغبة طهران والسلطة الفلسطينية للاقتراب من بعضهم البعض تعود لقضايا اخری، حيث أنها بالنسبة للسلطة الفلسطينية تعود الی أن إيران أصبحت دولة مركزية في المنطقة بعد توصلها الی الاتفاق النووي مع مجموعة “٥+١”، ولهذا تشعر السلطة أنه صار ضروريا التنسيق مع طهران لمواجهة سياسات الکيان الإسرائيلي خاصة ضد القدس الشريف ومن أجل مواجهة عنصرية المستوطنين ضد سكان الضفة الغربية. ومن جهتها فان إيران تريد علاقات أوسع مع فلسطينيي الضفة الغربية، ولهذا فان تعزيز هذه العلاقة يستوجب الاقتراب من السلطة الفلسطينية، ولعل هذا أحد الاسباب الرئيسية التي جعلت إيران ترحب بزيارة أبو مازن إلى طهران. 

 

وفي هذا السياق يجب أن لا ننسى أن زيارة أبو مازن لايران وترحيب طهران بهذه الزيارة ليست بمعنی أن الجهتين وصلتا الی رؤية مشتركة حيال جميع القضايا، بل أن الجهتين لا زالتا تؤمنان بمواقفهما المعروفة تجاه قضايا مصيرية مثل مقاومة الکيان الإسرائيلي والمفاوضات. حيث أن إيران ستظل الدائم الرئيسي لحماس والجهاد الاسلامي وسائر الفصائل الفلسطينية المقاومة، ولم تغير سياستها تجاه هذه الفصائل حتی إن زار أبو مازن طهران، بالاضافة الی أن إيران لم ولن تعترف في يوم من الايام بوجود الكيان الإسرائيلي علی عکس إعتراف السلطة بهذا الکيان علی حدود ١٩٦٧.  

 

لكن من الواضح في عالم السياسة انه بوسعك أن تتعاون مع الطرف المقابل في المجال الذي يمكنك ان تتعاون معه فيه وتترك المجالات الخلافية علی حالها. إذن ونظرا لمواقف السلطة الفلسطينية الصائبة تجاه الازمة في سوريا، وسیاستها الجديدة المتمثلة بملاحقة تل أبیب قضائیا وقانونیا في المحافل الدولية، فبامكان طهران ورام الله أن تعملا علی مساعدة السوريين لحل الازمة في بلادهم وکذلك الشعب الفلسطیني، حيث أن عدم اصطفاف السلطة الفلسطينية مع الجماعات الإرهابية التي تقاتل في سوريا، علی عکس ما فعلت السعودية وقطر، بحد ذاته یمکن أن یکون عاملا مهما لتقارب طهران ورام الله. 

 

كما علینا أن لا ننسی أن السلطة الفلسطينية وبالرغم من علاقاتها القوية مع السعودية، فانها لم تقحم نفسها بالأزمة السورية علی عكس ما فعلت حماس، بل ظلت معترفة بالحكومة الشرعية السورية. لكن علی سلطات رام الله أن ينتبهوا الی أنه إذا ارادوا أن تكون زيارة أبو مازن الی طهران مكللة بالنجاح، فانه ينبغي علیهم إعتماد سياسة المقاومة ضد الکيان الإسرائيلي، او علی قاعدة أضعف الايمان، عدم ملاحقة عناصر المقاومة في الضفة الغربية، لانه في حال استمر التعاون الأمني من قبل السلطة والكيان الإسرائيلي ضد المقاومين، فان هذا سيفسد المساعي لتقريب المواقف بين طهران ورام الله. 

 

وختاما ستظل إيران داعمة لاي فلسطيني يومن بتحرير فلسطين من بحرها الی نهرها والقدس الشريف من الکيان الإسرائيلي، سواءً كان ذلك الفلسطيني من الضفة او من غزة، وكذلك سواءً كان فتحاويا او حمساويا او جهاديا، فانه لا فرق في ذلك بالنسبة لإيران، وبوصلة هذا الدعم دائما هي مبادئ المقاومة وليس الفصيل.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق