من هو لازال متهما بإستعمال الكيميائي.. سوريا أم المجموعات الإرهابية؟
بعد أن تعرضت سوريا الی موجة واسعة من الإرهاب عام ٢٠١١، للاطاحة بحكومتها الشرعية، أصبح إتهام هذه الدولة بانها “استخدمت السلاح الكيميائي” ضد المجموعات المسلحة، خاصة في منطقة «خان العسل» بضاعة رائجة، لممارسة المزيد من الضغوط الدولية علی دمشق. وصارت الدول الغربية والعربية بالاضافة الی تركيا تتستر علی التنظيمات المسلحة التي استخدمت بالفعل المواد الكيميائية ضد الابرياء في العديد من مناطق سوريا كما أكدت السلطات السورية، وذلك بدل أن يتم ملاحقة هذه التنظيمات لارتكابها هذه الجرائم البشعة. لكن وعلی عكس تلك الإتهامات التي وجهت لسوريا، فقد تحدث جنرال أمريكي يوم أمس، أن الاختبارات الأولية أظهرت أن ثمة آثار لغاز الخردل السام تم رصدها على قذائف الهاون التي استخدمها مسلحو تنظيم داعش، فلماذا كل هذا التناقض من قبل القوی العالمية تجاه الارهاب في المنطقة، رغم إدعاء محاربته؟
وفي الحقيقة لقد انقلبت جميع المعايير في الأزمة السورية من قبل خصوم سوريا، وبات الضحية جلادا، والجلاد ضحية، والإرهاب، دفاعا عن النفس والعكس صحيح. حيث أن هؤلاء الخصوم بدل أن يوجهوا أصابع الاتهام نحو المجموعات الإرهابية التي دخلت سوريا عبر أكثر من ٨٠ دولة، بادروا الی إتهام دمشق بانها هي المسؤولة عن استعمال المواد الكيميائية، مما أدی ذلك الی وقوع جرائم عدیدة من قبل هذه المجموعات.
لكن الحكومة السورية نفت أن تكون استخدمت أي نوع من السلاح الكيميائي ضد خصومها، وفي المقابل اتهمت تركيا وقطر بانهما يقفان وراء عملية استخدام السلاح الكيميائي عبر تزويدهم للمجموعات المسلحة بهذه الأسلحة بالاخص في منطقة «خان العسل» بحلب. وأكد العديد من المسؤولين السوريين آنذاك (عام ٢٠١٣) من ضمنهم «عمران الزعبي»، وزير الاعلام السوري، ان بلاده وفي حال كانت تملك سلاحاً كيميائياً فانها لم تستخدمه علی الاطلاق لأسباب أخلاقية وسياسية وإنسانية.
بعد ذلك وعندما ارتفعت حدة الضغوط علی سوريا، وافقت دمشق أن تتخلی نهائيا عن سلاحها الكيميائي بعد ان إعترفت بامتلاكها مثل هذا السلاح للمرة الاولی رسميا. حيث تم تدمير الاسلحة الكيميائية السورية باشراف دولي وأصبحت الجمهورية العربية السورية عضوا موقعا علی اتفاقية حظر الاسلحة الكيميائية في الرابع عشر من أيلول عام ٢٠١٣. حيث تخلصت سوريا من سلاحها الكيميائي دون أن يضغط المجتمع الدولي علی الكيان الإسرائيلي للتخلص من ترسانته النووية باعتباره العدو رقم واحد لدمشق.
وفي هذه الاثناء تحدث جنرال أمريكي يوم أمس، أن الاختبارات الأولية أظهرت أن ثمة آثار لغاز الخردل السام تم رصدها على قذائف الهاون التي استخدمها مسلحو تنظيم داعش، في الهجوم على القوات الكردية في العراق. وأكد الجنرال «كيفن كيليا»، رئيس أركان عمليات الجيش الأمريكي في سوريا والعراق، قوله: إن الاختبار الميداني ليس قاطعا، وأن الاختبارات النهائية جارية للحصول على تحليل كامل للعناصر الكيماوية الموجودة على الشظايا.
وفي سياق غير بعيد أعلن المتحدت باسم الوزارة الخارجية الروسية «ألكسندر لوكاشيفيتش» قبل فترة «إن أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين يهاجمون دمشق بلا هوادة في تصريحاتهم يتجاهلون تماما ويصمتون عمدا عن الإثباتات الكثيرة بشأن استعمال تنظيمات متطرفة وخاصة تنظيم داعش الإرهابي مواد سامة في سورية والعراق» حسب ما نقلت عنه وسائل الاعلام الروسية. وتاتي هذه التصريحات الروسية حول الازدواجية الغربية تجاه سوريا فيما يخص ملفها الكيميائي، في حين أعربت مؤخرا منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن ترحيبها بالتخلص من كامل نفايات الأسلحة الكيميائية السورية التي جرت في الآونة الاخيرة. وفي سياق متصل نقلت وكالة الانباء السورية عن «سيغريد كاغ» رئيسة بعثة المنظمة الدولية للتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية، أثناء فترة عملها في هذا البلد، أن التعاون السوري أدى إلى نجاح مهمة المفتشين وطاقم المنظمة.
هنا يجب القول بعد هذه الإعترافات الأمريكية حول إستخدام داعش للسلاح الكيميائي، ان هذه الحقائق يجب أن تكون دافعا لتعزيز شرعية الحكومة السورية، ومواجهة التنظيمات الإرهابية لوقف جرائمها ضد الابرياء في سوريا والعراق، بل علی المجتمع الدولي أن يلاحق الدول التي زودت الجماعات الإرهابية بالسلاح الكيميائي وهي معروفة للجميع، بعد أن أشارت جميع المعلومات التي توصل الیها المجتمع الدولي، أن من استعمل هذا السلاح، هي المجموعات الإرهابية وليست سوريا.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق