التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

أسباب تبني روسيا إستراتيجية عدم التدخل في تطورات اليمن 

تدرك السلطات الروسية جيداً آثار العدوان العسكري السعودي على اليمن، وتعلم أنه إذا انتصرت السعودية، فلن یعود ذلك بالنفع على روسيا، ومع ذلك، اختارت الحكومة الروسية “سياسة عدم التدخل” ضد هذا العدوان العسكري. وإلى جانب عدم التدخل هذا، یتابع الروس أيضاً دبلوماسية من خمس ركائز تحدد أساس سياستهم الخارجية تجاه اليمن، وتُظهر فهم الروس للتطورات في هذا البلد. 

بالنسبة إلی إستراتيجية روسيا وأسباب اعتمادها، يجب الانتباه إلی عدة قضايا، ومنها:

١.    شكوك روسيا إزاء نتائج العدوان السعودي علی اليمن: تنظر الحكومة الروسية إلی التطورات في اليمن من وجهة نظر مصالحها الوطنية والأمنية، وطالما لم تقیّم بشكل كامل التكاليف والمنافع المترتبة على أزمة ما، فلن تعلن عن موقفها.

والموقف الحالي للروس يدل على أن موسكو لدیها شكوك جدية حول انتصار أحد الطرفين في النزاع الحالي، وبالتالي فهي لا تنوي الوقوف إلی جانب طرف محدد في اليمن؛ خصوصاً أن الروس يعلمون أنه في الظروف الحالية، لا یمکن انتصار أو هزيمة أي طرف دون شنّ هجوم عسكري بري على اليمن. 

٢.    عدم إدراج الأزمة اليمنية ضمن أولويات السياسة الخارجية الروسية: من الضروري أن نلاحظ أنه فيما یتعلق بالمصالح الأساسية والحيوية للسياسة الخارجية الروسیة، لا تعتبر أزمة اليمن من أولويات صناع القرار لدی الحكومة الروسية.

کما أن الروس يعلمون جیداً أن أي تدخل مباشر أو غير مباشر في اليمن، سیؤدي إلی رد فعل غربي مماثل في أوكرانيا، الأمر الذي قد يعرض المصالح الحيوية لروسيا للخطر. ولا ينبغي أن ننسى أیضاً أن قدرة روسيا علی اللعب في النظام الدولي محدود نسبياً، ولا تستطیع إقحام نفسها في كل الأزمات الدولية.

٣.    المصالح الاقتصادية لروسيا جراء استمرار الأزمة في اليمن: إن روسيا ستحصل علی منافع اقتصادية نتیجة استمرار الأزمة في اليمن أکثر من تضررها منها، ذلك أن استمرار الأزمة في اليمن يمكن أن يؤثر على الأسعار العالمية للطاقة أیضاً، وهذا يصب في مصلحة روسيا.

هذا في حین أن الروس یعتقدون أن أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع أسعار النفط يعود إلى سياسات السعودية في هذه المنطقة؛ بحیث یری البعض في روسيا أن السعودية ومن خلال خفض الأسعار، کانت ترید ممارسة الضغط الاقتصادي على روسيا، بهدف إجبار الحكومة الروسية علی الامتناع عن التدخل في شؤون الشرق الأوسط، وسوريا على وجه الخصوص.

وفي مثل هذه الظروف، فإن وقوع الحرب في اليمن والتدخل السعودي المباشر فيها، يمكن أن يسبب زيادة في أسعار النفط. ومثل هذا الوضع غیر مرغوب فيه لروسيا التي تواجه العديد من الضغوط الاقتصادية.

بشكل عام، یُظهر موقف روسيا تجاه التطورات في اليمن أن هذا البلد قد حدد استراتيجيته تجاه الأزمة في اليمن، على أساس “عدم التدخل”. وفي الواقع، في حین یبدو أن موقف روسيا تجاه اليمن يتعارض مع موقف السعودية والغرب، وقد انتقدت بشدة ازدواجية المعايير لدیهم في أوكرانيا واليمن، لكن الحكومة الروسية قد قررت استراتيجية “عدم التدخل” في هذه القضیة، کي تستطیع بهذه الطريقة الحفاظ على علاقاتها مع جميع الأطراف المعنية في الأزمة، وتدخل علی الخط كوسيط عند الضرورة. 

بالنظر إلى ما سبق، يبدو أن الدبلوماسية الروسية تعتمد علی خطة من خمسة أرکان تجاه الهجوم العسكري السعودي على اليمن، وهي:

١.    الحفاظ على التركيز القوي على العلاقات الثنائية مع أطراف النزاع.

٢.    السعي لتنويع وتطوير العلاقات مع الدول المتعارضة مع بعضها البعض في الأزمة اليمنية.

٣.    إقامة التواصل الفعال مع القوى والاتجاهات المعارضة، بالإضافة إلى الحفاظ على العلاقة مع السلطات الرسمیة.

٤.    لعب الدور كوسیط فاعل في أزمة اليمن، في إطار قوانين الأمم المتحدة ودون تقدیم الدعم لطرف محدد، أو معارضة الأطراف الأخرى.

٥.    السعي إلی الامتناع عن إطلاق التصریحات المجابهة، والعمل ضد الدول التي تعارض روسيا في القضايا العالمية والإقليمية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق