في الضفة الغربیة: حرق للأحياء وتدمير للبيوت.. فماذا یفعل الزعماء العرب؟
من يتابع تصريحات الزعماء العرب وبرامج وسائلهم الاعلامية في هذه الایام، ضد سوريا والعراق والیمن، بل حتی إزاء إيران وحزب الله، فانه يتصور أنه لا توجد أزمة في العالم الإسلامي، اسمها أزمة فلسطين. حيث صارت القضية الفلسطينية في حسابات هؤلاء الزعماء، قضية هامشية ومنسية، رغم المأساة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والاسری في سجون الکيان الإسرائيلي. وفي هذه الاثناء يتعرض سكان الضفة الغربية هذه الايام الی موجة جديدة من محاولات التهجير القسري، حيث أنه من غير الواضح، في ظل غياب رؤية واضحة من قبل العالم العربي والإسلامي لتقديم الدعم الی الشعب الفلسطيني، الی أين ستسير الامور بالفلسطينيين.
الشهر الماضي، تألم العالم باسره عندما سمع بخبر حرق الطفل الرضيع الشهيد «علي الدوابشة» في الضفة الغربية، علی يد المستوطنين الاسرائيليين، دون أن يتألم الزعماء العرب لهذه الجريمة. والدليل علی هذا القول إن الزعماء العرب لم تتأثر مشاعرهم إزاء حرق الشهيد الدوابشة، هو أننا لم نر أي رد فعل من هؤلاء الزعماء، تجاه هذه الجريمة البشعة ضد الإنسانية. ومر الزعماء العرب من أمام حادثة حرق الرضيع علی الدوابشة، مرور الكرام، كما التزموا الصمت العام الماضي، عندما تم حرق الشهيد «محمد أبو خضير» حيا، بعدما اجبره المستوطنون علی شرب البنزين، ومن ثم إشعال النار فيه، ليتذوق مرارة الموت، حياً، وهو لایتجاوز الـ ١٧ من عمره.
وفي هذا السياق تشير تقارير الامم المتحدة والمنظمات الفلسطينية، الی ازدياد نسبة تخريب مساكن الفلسطينيين من قبل الكيان الإسرائيلي في الضفة الغربية، مما يؤدي ذلك تلقائيا الی رفع نسبة الهجرة القسرية بين الفلسطينيين، حتی يصبح بوسع تل أبيب، بناء المزيد من المستوطنات، للاسرائيليين في الضفة الغربية. وإذاما تتبعنا ردود فعل الزعماء العرب إزاء هذه السياسة الإسرائيلية، فاننا سوف نری انه لا يوجد رد واضح من قبلهم، سوی الصمت. وفي هذه الأثناء وخلال الساعات الماضية اشتبك الفلسطينيون في قرية «قصرة» بالقرب من نابلس شمال الضفة الغربية، وفي «بيت لحم»، وكذلك في منطقة «بيت جالا» الواقعة جنوب القدس، مع المستوطنين، دفاعا عما تبقّی من أراضيهم التي يعمل المستوطنون علی سلبها لصالح الاستيطان.
وبالاضافة الی مصادرة الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، واجبار أهلها علی الرحيل من هذه المنطقة، فقد بات احراق مساكن الفلسطينيين وأهلها احیاءا في الضفة الغربية، من قبل المستوطنين، أحد الاسالیب الرائجة، لاجبارهم علی ترك المنطقة لصالح المستوطنين. وفي هذا السياق أحرق المستوطنون الاسرائيليون (يوم الاثنين /٢٤ من أغسطس) منزلا آخر لعائلة الدوابشة، في بلدة «دوما»، جنوب شرق نابلس بالضفة الغربية. واوضح مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة «غسان دغلس»، أن “هذه الجريمة نفذت بشكل مشابه لحادثة إحراق منزل عائلة الشهيد سعد دوابشه (والد الشهيد علي الدوابشة) في ذات البلدة علی يد المستوطنين قبل أربعة أسابيع”.
البناء المتسارع الذي تنفذه تل أبيب في الضفة الغربية، يعتبر بمثابة نكسة جديدة بالنسبة للفلسطينيين، لان هذا البناء يحرم الشعب الفلسطيني من قليل ما تبقّی له من الارض، حيث سترتفع الكثافة السكانية في الضفة الغربية، دون أن تكون ارض في تلك المنطقة لاستيعاب مزيد من الفلسطينيين الذين سيولدون لاحقا. فمن الجدير بالاهتمام أن نسأل قادة الدول العربية، لماذا هم يغضون البصر عما يفعله الكيان الإسرائيلي في الضفة الغربية؟ لكن يجب أن لاننسی أن قادة الدول العربية، لیسوا عاطلین عن العمل في هذه الایام رغم ترکهم للقضیة الفلسطينية، فانهم اوجدوا صراعات هامشية للعالم العربي والإسلامي في سوريا والعراق، لإلهاء الامة العربية والإسلامية عن القضية الفلسطينية. حيث نری أن الإعلام العربي بات مشغولا في قلب الحقائق في سوريا والیمن، بحيث أصبح يروج هذا الاعلام، أن الحرب السعودية علی الشعب الیمني وكذلك دعم الجماعات الإرهابية في سوريا، خدمة للشعوب العربية وللقضية الفلسطينية!
بالاضافة الی هذه القضايا، يساهم التطرف في المنطقة المدعوم من قبل بعض الانظمة العربية، وكذلك دعمها لتنظيمي النصرة وداعش الإرهابيين في حربهما علی سوريا والعراق وليبيا، ساهم بشكل كبير، لكي يستغل الكيان الإسرائيلي هذه الظروف، حتی يمضي قدما في بناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية ويستمر في حصار غزة. وبناء علی هذه المواقف من قبل الزعماء العرب، فانه يصبح من الواضح جداً، أنهم لايبحثون عن تحرير فلسطين وانقاذ القدس من مشاريع التهويد، ويعود ذلك الی خوفهم من الیوم الذي ستصحو فيه الامة الاسلامية من سباتها، لتحاسب الزعماء العرب علی تقصيرهم، في ما فرطوا تجاه القدس وفلسطين.
اذن بعد كل هذا التخاذل من قبل الدول العربية وحتی معظم الدول الإسلامية، فعلی الفلسطينيين أن يتعلموا درسا واحدا لا أكثر من المقاومة اللبنانية التي حررت ارض لبنان من لوث الاحتلال، وهو، أن لا يعوّلوا علی أحد في هذا العالم، سوی علی أنفسهم بعد التوكل علی الله سبحانه وتعالی، لتحرير أراضيهم من الکيان الإسرائيلي، دون أن ننسی أن دعم محور المقاومة للشعب الفلسطيني سيتواصل دون توقف.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق