التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

حظر السلاح النووي: تناقضٌ في التعاطي مع الأطراف تقوده المصالح الأمريكية 

 يمكن القول أنه ومنذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية، انطلق سباق التسلح النووي في العالم بين الدول الكبرى بالتحديد، وارتفعت مع ذلك عدة أصوات للحد منه، لكن هذه الأصوات لم تكن ذات مصداقية، بسبب أن الأصوات نفسها التي تنادي بالحد من السلاح النووي، تقوم إما بزيادة ترسانتها النووية أو غض النظر عن دول تمتلك رؤوساً نووية كباكستان وكوريا الشمالية، كما هو الحال بالنسبة للكيان الإسرائيلي. وعلى الرغم من أنه تم توقيع معاهدات من أجل الحد من الإنتشار النووي، إلا أن دولاً عديدة لم تقبل التوقيع على تلك المعاهدات. فكيف يمكن وصف التناقض الأمريكي في التعاطي مع التسلح النووي؟ وماذا في خارطة العالم النووية اليوم لا سيما باكستان والكيان الإسرائيلي؟

 

أمريكا وإزدواجية المعايير في التعاطي مع المسألة النووية:

على الرغم من أن أمريكا حاولت إحتكار تقنيات السلاح النووي، إلا أنه سرعان ما انتشر هذه التقنيات مع التطور العلمي وارتفاع وتيرة الصراع بين الدول الكبرى ودخول السلاح النووي هذا الصراع. لكن واشنطن وبعد فشلها في احتكار هذه التقنية، سرعان ما قامت بإيجاد ميثاق يمنع إنتشار السلاح النووي، عُرف بمعاهدة حظر انتشار السلاح النووي عام ١٩٦٨. وعلى الرغم من أن هذه الإتفاقية وبحسب المراقبين نجحت في منع انتشار السلاح النووي بشكل ما، إلا أن الواضح من خلال مراقبة التعاطي الأمريكي بالتحديد مع مسألة التسلح النووي، هو أن واشنطن هدفت لإيجاد آلية للضغط على من تريد بناءاً لمصالحها وسياساتها في المنطقة والعالم. وهو ما يمكن الإستدلال عليه من خلال قراءة التاريخ السياسي الجديد في التعاطي مع المسألة النووية لا سيما التعاطي مع إيران. في وقتٍ يعرف العالم بأسره أن دولاً معيّنة لم توقع على المعاهدة مبررةً ذلك برفض الإحتكار النووي، وهذه الدول هي الهند وباكستان الى جانب الكيان الصهيوني.

وفي مقالٍ نشرته صحيفة الإندبندنت خلال شهر نيسان من هذا العام، أشارت فيه الى خريطة جديدة للدول التي تمتلك صواريخ نووية في العالم والبالغ عددها وفق تقرير الجريدة ١٤ دولة. ووفقًا لتقرير الإندبندنت فإن هذه الدول يمتلكون ١٦ ألفا و٣٠٠ صاروخ نووي متواجدة في ٩٨ موقعاً ١٠ آلاف موقع منها متواجد في مناطق عسكرية، وفقا لنشرة العلماء الذريين، أما الباقي فموجود في المخازن. ومن بين تلك الصواريخ، أربعة آلاف منها متاح عملياً، بينما يُعتقد أن ألف و٨٠٠ سلاح نووي يعتبرون في حالة تأهبٍ قصوى، ما يعنى إمكانية نشرها في أقرب وقت ممكن، فيما تمتلك أمريكا وروسيا ٩٣% من تلك الأسلحة.

 

ثانياً: باكستان والكيان الإسرائيلي مثالٌ على التجاهل الدولي:

تعتبر باكستان والكيان الإسرائيلي نموذجين للأطراف التي لا تلتزم الإتفاقيات النووية، كما ترفض التوقيع على معاهدة الحظر النووي. وهو ما يجعل المراقبين يتساءلون عن ازدواجية المعايير الأمريكية، والتي تتغاضى عن بعض الأطراف حين يكون لها مصلحة في ذلك. وهنا نُشير لما تمتلكه باكستان وتل أبيب من سلاح نووي في هذا التقرير كأمثلة تدل على التجاهل الدولي.

 

باكستان:

في منتصف السبعينيات من القرن الماضي مضت باكستان في مسار تخصيب اليورانيوم وصولاً الى إعلانها إمتلاك السلاح النووي نهاية التسعينات. ومن المعروف أن العالم النووي عبد القدير خان كان له الفضل الكبير في التجارب النووية الباكستانية التي تقول التقارير أنه كان يدير منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم في منتصف الثمانينات. وما تزال باكستان تقوم بتوسيع ترسانتها النووية في محاولةٍ منها لمواكبة الهند. إلا أنه وبسبب تفشي الجماعات المسلحة ومنعاً لوصولها للترسانات النووية، تحاول باكستان تنويع مواقع تخزين الرؤوس النووية.

وبحسب التقارير تمتلك باكستان حالياً من ١٠٠ إلى ١٢٠ رأس نووي، تتمتع بنظام تشغيل معقد يُعيق القدرة على استخدامه من قبل غير المصرح لهم بذلك، كما يعتقد المراقبون أن باكستان تخزن السلاح النووي بطريقة مفككة بحيث أن أجزاء السلاح الواحد المختلفة بعيدة عن بعضها البعض.

 

الكيان الإسرائيلي:

كذلك الحال بالنسبة للكيان الإسرائيلي الذي يمتلك ترسانة نووية يضعها ضمن سياسته المعروفة بالغموض الإستراتيجي تحت ذريعة ردع أعدائه في منطقة الشرق الأوسط. لكن وعلى الرغم من إتسام السياسة الإسرائيلية بالغموض حيال برنامجها النووي، يعرف الجميع طبيعة برنامجها خصوصاً منذ بدأت تل أبيب عام ١٩٥٨ بإنشاء مفاعل ديمونة بمساعدة فرنسية. وتشير التقديرات أن الكيان الإسرائيلي يمتلك حوالي ٧٥ – ٢٠٠ رأس نووي.

إذن ما يزال التسابق على السلاح النووي أمراً يطغى على الصراع الحالي بين الدول. في حين تتحكم ظروف كل بلدٍ بسياسته الخاصة، تتفق دولٌ عديدة على المضي قدماً في تطوير التقنيات النووية الخاصة بها، في ظل صمت دوليٍ وتحديداً أمريكي، يتزامن مع المصلحة الأمريكية. في وقتٍ لا يستغرب أحد من المراقبين، إزدواجية المعايير لدى واشنطن، وهو ما يطغى على سياساتها منذ زمنٍ طويل.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق