التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

“جولات مستمرة”؛ أبعاد التقارب الإيراني من دول شمال أفريقيا 

 بدأ وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” الإثنين الفائت ثالث جولة إقليمية له بعد الإتفاق النووي، حيث زار “ظريف” في اليوم الأول من جولته تونس ليتوجه في اليوم الذي تلاه إلى الجزائر في زيارة تستمر ليومين، وتأتي جولة ظريف هذه بعد أن كان قد زار في جولتين سابقتين دول الكويت والعراق وقطر ولبنان وسوريا، فضلا عن الهند وباكستان وروسيا، وتدل زيارة وزير الخارجية الإيراني على صلابة العلاقات الإيرانية مع تونس والجزائر.

 

تعود علاقات إيران مع البلدين المتجاورين إلى فترة ليست بالقصيرة وخاصة مع الجزائر، إذ زار الرئيس “بوتفليقة” طهران عام ٢٠٠٣ ليقوم بعدها الرئيس الإيراني في ذلك الوقت “محمد خاتمي” بزيارة الجزائر في ٢٠٠٤، أما عن تونس فطهران ترى أنها أولى دول الصحوة الإسلامية، وقد رحبت إيران بالثورة التونسية، واستقبلت بعد الثورة نخبًا ثقافية وسياسية وسينمائية من تونس بهدف تطوير العلاقات بين هذه النخب ونظيرتها الإيرانية، كما أن تونس من أوائل الدول التي رحبت بالاتفاق النووي الإيراني معتبرة أن الطاقة النووية السلمية حقٌ للجميع.

 

أما عن زيارة “ظريف” لكل من البلدين، فهي تشير إلى طبيعة السياسة الإيرانية القائمة على احترام استقلال الدول وسيادتها، والعمل على بناء علاقات متينة وجدية تقوم على الثقة المتبادلة مع كافة الشعوب ودول العالم ومن بينها تونس والجزائر، وقد أثبتت جولات “ظريف” هذا التوجه الإيراني المغاير لسياسات العديد من دول المنطقة التي تحاول من خلال ضخ الأموال وتجنيد الجماعات المسلحة الهيمنة على الدول والسيطرة على الشعوب، كما أن جولات “ظريف” الثلاث التي تلت الاتفاق النووي توجه رسالة إلى الدول بأن انفتاح الغرب على طهران لا يعني تخلي طهران عن علاقاتها مع دول المنطقة والدول الإسلامية.

 

کما أن توجه ظريف إلى تونس والجزائر وسائر الدول يُبطل الأقاويل الزاعمة بأن إيران كانت تسعى لبناء علاقات مع الدول العربية والإسلامية للتخفيف من شدة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وللخروج من عزلتها السياسية، فاليوم وبعد التوافق النووي نرى إيران توسع علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية وتعمل على تعزيز هذه العلاقات مع الجميع، مؤكدةً أن التفاهم مع الغرب في الملف النووي لن يزيد علاقات إيران إلا متانةً وقوة.

 

هذه الزيارة تثبت أيضًا قوة العلاقات بين إيران والدول العربية والإسلامية، على خلاف ما يحاول البعض إشاعته والترويج له ونشر “إيران فوبيا”، فزيارة ظريف إلى تونس ودعوته الرئيس التونسي لزيارة إيران تدل على ثقة متبادلة بين الطرفين، وتنبئ بدخول العلاقات التونسية الإيرانية مرحلةً جديدة تسجل تطورًا متسارعًا في العلاقات بين الجانبين، كما أن اجتماع الوزير الإيراني مع الرئيس الجزائري “عبد العزيز بوتفليقة” يؤكد العلاقات المتينة والتاريخية بين الجانبين.

 

والعلاقات الوطيدة التي تجمع إيران مع كل من تونس والجزائر تعزز أهمية التنسيق بين هذه الأطراف لإيجاد حلٍ لأزمات المنطقة، وخاصة ما يتعلق بالأزمة السورية والملف اليمني، بالإضافة إلى سبل مكافحة الإرهاب الذي يضرب العديد من الدول العربية، فتونس والجزائر تبديان قلقًا من تنظيم داعش الإرهابي الذي يضرب الجارة ليبيا، وهذا يفتح بابًا جديدًا من أبواب التعاون مع طهران التي تساهم في مواجهة التنظيم نفسه في كل من العراق وسوريا، وما يشجع الجزائر وتونس على توطيد العلاقات مع طهران هو انحسار السياسة التركية القطرية شمال أفريقيا وفشلها.

 

العلاقات الإيرانية مع تونس والجزائر وباقي دول أفريقيا والمنطقة ليست علاقة عابرة قائمة على المصالح المؤقتة، وليست محاولات استغلالٍ للشعوب وفرض الهيمنة كما يحاول البعض إظهارها، بل هي علاقات وطيدة قائمة على الثقة والاحترام المتبادلين، والرئيس الأوغندي “يوفه كاكوته” أكد هذا عندما قال إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية اعتمدت دومًا سياسة قائمة على حسن النية تجاه أفريقيا وطهران من أهم أصدقائنا وشركائنا التجاريين”.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق