التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

إخلاء المستوطنات: أمراً كان مفعولا! 

لم يمض سوى بضعة أيام على نشر القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي، الوثيقة الجديدة التي يطلق عليها البعض “عقيدة إيزنكوت” وحملت توقيع رئيس الأركان غادي إيزنكوت تحت عنوان “استراتيجية الجيش الإسرائيلي”، حتى بدأ جيش الکيان سلسلة من التدريبات والمناورات لمواجهة أي حرب مقبلة مع حزب الله، لاسيّما في المستوطنات الشمالية.

 

لا يمكن فصل التدريبات والمناورات الأخيرة عن العقيدة الجديدة للجيش الإسرائيلي، “عقيدة إيزنكوت”، والتي حاكت مواجهة أي تهديد لمنشآت الغاز وتضمنت مواجهة انواع مختلفة من التهديدات والقدرات، والتي تدربت عليها قوات سلاح البحرية في السنة الاخيرة، وقد تمثل أحد السيناريوهات التي تتدرب عليها القوات بمحاولة السيطرة على المنشآت حيث إستعرض سلاح البحرية الاسرائيلي، ما سمّي «تشكيلة شمولية» جديدة لحماية حقول الغاز ومنصات التنقيب العائمة في البحر المتوسط. كما تضمنت المناورات تدريبات تحاكي التصدي لغواصين تابعين لحزب الله حيث تدرّبت قوات جيش الکيان الإسرائيلي على “تسلل” مسلحين غواصين من البحر باتجاه الشواطئ الواقعة بين نهاريا ورأس الناقورة، فضلاً عن خطة جديدة تمّت بلورتها في الجيش الإسرائيلي أظهرت أنه في “حال حصول مواجهة على الحدود الشمالية سيتم إخلاء عدد من المستوطنات، على أن يبدّل السكان بجنود احتياط وخريجي وحدات خاصة يعدّون من سكان المنطقة ” ، وفق صحيفة معاريف.

 

في الواقع، تعتبر الخطوات الأخيرة لجيش الکيان الإسرائيلي بمثابة الرؤية الجديدة لـ«عقيدة إيزنكوت» الأمنية والمؤلفة من ٣٣ صفحة، والتي تشرح وظيفة الجيش الإسرائيلي، وتحدد أهدافه العسكرية وطرق تحقيقها. ويبدو أن تهديدات «حزب الله» أجبرت إيزنكوت على الضرب بالبند الأول في العقيدة العسكرية الاسرائيلية عرض الحائط، والمتمثل بنقل المعركة إلى أرض العدو، فضلاً عن دخول هذا البند في «العقيدة القتالية» لحزب الله.

 

وعند دراستنا للدلالات التي تحملها المناورات الأخيرة، لا بد من أن نستحضر، في الآن نفسه، الخطاب التاريخي لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، والذي وعد فيه بالسيطرة على الجليل من قبل أبناء المقاومة الإسلامية، كما ولا بد من إستحضار التهديدات المتوازية للسيد نصرالله مع الاستيلاء على الجليل، وأبرزها عدم وجود أي نقطة آمنة لا للجيش الإسرائيلي ولا للمستوطنين على كافّة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عندما قال السيد نصرالله إن «شعاع المعركة مع العدو في اي حرب قادمة سيكون على طول فلسطين المحتلة من كريات شمونة الى ايلات».

 

وتشير خطة إخلاء المستوطنات المحاذية للحدود والتي حازت مصادقة قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي اللواء أفيف كوخافي، في انتظار عرضها على طاولة القرار لدى المؤسسة السياسية في تل أبيب، تشير إلى أن «التهديدات تغيّرت بشكل جوهري. بات لدينا عدوّ من نوع آخر. وهذا يلزم الجيش الاسرائيلي بتأهيل مختلف للجنود على المستوى المهني والذهني»، وفق مصدر عسكري إسرائيلي لصحيفة معاريف.

 

يبدو أن الكيان الإسرائيلي بات يعيش حالياً «أزمة وجود» تتشابه بشكل كبير مع الأحداث التي عصفت به عام ١٩٤٨ لإستقرار “الدولة العبرية”، مع الفارق أنه سابقاً حاول الإنتقال من اللاإستقرار إلى الإستقرار أما الآن فالمعادلة عكسية، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال وثيقة إيزنكوت غير المسبوقة في تاريخ الکيان الإسرائيلي حيث تستند على عناصر تشكّل عقيدة امن قومي تم كشفها للرأي العام، فلم تصدر عقيدة امن قومي رسمية ومكتوبة منذ عهد رئيس وزراء الکيان الاول ديفيد بن غوريون. كذلك فإن خطوة إخلاء المستوطنات تؤكد أن جيش الکيان الإسرائيلي يعد العدة لمواجهة أي توغل بري من الأراضي اللبنانية، وهو التطور الذي لم يشهد له مثيلاً منذ عام ١٩٤٨. 

 

هذا هو حال الكيان الإسرائيلي اليوم، مقابل قرار واضح من «حزب الله» في حال نشوب أي حرب مقبلة على الجبهة الجنوبية حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. وبصرف النظر عن «الأمر المفعول»، فإن الكيان الإسرائيلي يواجه اليوم تحديات معقدة جداً في محيطه العربي والإسلامي، مما “يشكل معضلات حادة من النواحي الاستراتيجية والعملانية والداخلية، في ظل إمتلاك حزب الله ما يزيد عن ١٠٠ الف صاروخ وقدرته على اطلاق اكثر من ١٥٠٠ صاروخ يومياً خلال فترة اسابيع”، كما يوضح المدير السابق لوحدة التخطيط الاستراتيجي في جيش الکيان “مايكل هرزوغ”، ناهيك عن فوبيا حزب الله وأنفاقه التي تلاحق بشكل دائم سكان الشمال الإسرائيلي والمستوطنات الحدودية مع لبنان. 

 

إن ثلّة عرفوا ربهم من أبناء المقاومة، يجبرون اليوم الكيان الإسرائيلي على خطوات مصيرية تنذر بهدم المشروع السياسي بأكمله على الأراضي الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨ حتى يومنا هذا، وتخلط أوراق السياسة الإسرائيلية حالياً مع بعض «جيرانها» العرب، بعد أن باتت في مأمن منذ إندلاع ما يسمى «الربيع العربي»، فكيف اذاما إجتمعت الأمتان العربية والإسلامية على هذا الكيان؟ ربّما يراه البعض بمثابة الحلم فقط، ولكن نراه حقيقة لا لبس فيها، فقطار تحرير فلسطين قد فات «أصحاب السبت» في الأنظمة العربية، وإننا ننتظر بفارغ الصبر «الأمر المفعول» لأن الله تعالى لا يخلف وعده.

المصدر : الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق