التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

التقارب السوري- المصري ومعالم التحالفات الجديدة في المنطقة 

مؤشرات ومعطيات عديدة تتحدث عن عودة وشيكة للعلاقات الدبلوماسية بين سورية ومصر، كان آخرها ما نشرته جريدة الأخبار اللبنانية عن زيارة قام بها رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك للعاصمة المصرية في أواخر شهر أغسطس/ آب الماضي، التقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدداً من كبار المسؤولين في الجيش والاستخبارات والأمن في مصر، وذلك بحسب ما ذكرته مصادر لبنانية قالت إن الزيارة “كانت ناجحة جداً”، وإن الطرفين “راضيان عن نتائجها”.

 

وبحسب الصحيفة اللبنانية فقد جرى التوافق على “ضرورة أن تلعب مصر دوراً أكبر في الشأن السوري لما تشكله سوريا من عمق استراتيجي للأمن القومي المصري”.

 

وكانت دمشق قد سحبت في شباط ٢٠١٢ سفيرها في القاهرة يوسف الأحمد بعدما استدعت مصر نظيره في سوريا شوقي اسماعيل للتشاور، إلا أن التنسيق الأمني بين البلدين بقي مستمراً حتى في عهد الرئيس محمد مرسي، من خلال المؤسسة العسكرية.

 

ومن المؤشرات على التقارب السوري المصري، اللقاء التلفزيوني الذي أجرته قناة النهار المصرية المقربة من السلطة، مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حيث كان أول لقاء لمسؤول سوري على محطة رسمية مصرية منذ أندلاع الأزمة في سوريا.

 

وفي إطار هذا الانفتاح الاعلامي المصري على دمشق، قام وفد اعلامي كبير في منتصف أغسطس/ آب الماضي بزيارة للعاصمة السورية، في زيارة هي الأولى من نوعها، وضم الوفد كتّاباً وصحفيين وإعلاميين من صحيفتي الأخبار المصرية والمصري اليوم وقناتي النهار المصرية والأهرام، حيث التقى الوفد الرئيس السوري بشار الأسد إضافة إلى عدد من المسؤولين وجال على بعض المحافظات السورية.

 

وكان الرئيس السوري بشار الأسد أشار في لقاء مع قناة “المنار” اللبنانية، في ٢٥ أغسطس/ آب، إلى أن العلاقات بين سوريا ومصر تحققان التوازن في الساحة العربية، كما أن سوريا تجد نفسها في خندق واحد مع الجيش والشعب المصريين في مواجهة الإرهاب.

 

وقد وقفت مصر بقوة خلف قرار جامعة الدول  العربية بعدم اعطاء مقعد سورية للائتلاف الوطني السوري المدعوم من دولة قطر والمملكة العربية السعودية.

 

من جهتها انتقدت صحيفة «الأهرام» المصرية الرسمية على لسان رئيس تحريرها “محمد عبد الهادي علام” في افتتاحيته التي كتبها في عدد الجمعة الماضي، “أطرافاً عدة عربية ودولية” تصر على “وضع العصا في العجلة” على حد تعبيره، من خلال اشتراط تنحي بشار الأسد. وقال علام إن النظام الحاكم في دمشق لا بد أن يكون جزءاً من مواجهة من سماهم “الظلاميين”، مؤكدا إن الأسد يتمتع بشعبية وسط قطاع لا يستهان به من الشعب السوري.

 

تقارير أخرى تحدثت عن علاقة قائمة بين البلدين أبعد من التنسيق الأمني، وصلت إلى حد تصدير الصواريخ إلى سوريا، حيث قال موقع “دبكا” الإسرائيلي، في ٣٠ أغسطس/ آب، إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي توصل لاتفاق سري مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، تقوم القاهرة بمقتضاه بتصدير أسلحة وصواريخ من إنتاج هيئة الإنتاج الحربي المصرية إلى الجيش السوري، وزعم الموقع، نقلا عن مصادر استخباراتية خاصة لم يكشف عنها، أنه في إطار هذا الاتفاق، تم تصدير صواريخ أرض أرض قصيرة المدى للقوات السورية. 

 

أسباب التقارب السوري المصري

 

إضافة إلى العلاقات التاريخية بين مصر وسوريا، تجتمع مصالح البلدين اليوم في كثير من الملفات المحلية والاقليمية، على رأسها محاربة الارهاب، والعداء لحركة الأخوان المسلمين، أما اقليمياً فقد لعبت الصداقة مع الروس، والعداء لقطر وتركيا دوراً في التقاء الجانبين على أرضية مشتركة، لا تسمح فقط لعودة العلاقات الدبلوماسية بل إنها قد تكون مقدمة لشراكة استراتيجية على أكثر من صعيد.

 

فقد بدا واضحاً اهتمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتوسيع علاقاته مع روسيا منذ وصوله إلى الحكم، وكانت الزيارة التي قام بها الشهر الماضي إلى روسيا، بمثابة نقلة نوعية في العلاقات المصرية الروسية، حيث أسست لانطلاق محور عربي روسي جديد ينسق في القضايا الاقليمية والسورية خصوصا، في موازاة المحور الامريكي السعودي التركي. وقد تزامنت زيارة السيسي إلى روسيا مع تصعيد الأخيرة لدعمها العسكري للجيش السوري، عبر تسليم طائرات ومعدات حربية متطورة، وإجراء مناورة عسكرية قبالة قاعدتها البحرية في طرطوس، في رسالة عسكرية واضحة للأطراف المعنية، حول تكريس محور روسي عربي جديد يقف قبالة المحور الأمريكي السعودي التركي.

 

من ناحية أخرى، تمثل تركيا الخصم المشترك لكل من الحكومتين السورية والمصرية، فهي تُعتبر الداعم الأصلي للجماعات الارهابية في سوريا، ومن ناحية أخرى تنحاز في مصر إلى حركة الأخوان المسلمين، لذلك فإن التقارب السوري المصري سيكون من شأنه منح مصر هامشاً جديداً للمواجهة مع تركيا، بحيث لن تبق هذه المواجهة محصورة في الداخل المصري، بل ستأخذ بعداً إقليمياً.

 

وفي مجال مكافحة الارهاب، فإن التنسيق الأمني بين الجانبين يشكل ضرورة مشتركة لمواجهة تنامي ظاهرة الارهاب وتمدد تنظيم داعش الارهابي، الذي أعلن عن وجوده في محافظة سيناء المصرية، مرتكباً العديد من العمليات الارهابية التي ذهب ضحيتها عشرات الجنود المصريين.

 

وأخيراً لا يخفى الحماس المصري للقيام بدور مساعد في حل الأزمة السورية، كون هذا سيسمح لها بالعودة إلى الساحة العربية من البوابة الواسعة، واستعادة دورها الذي خسرته لصالح دول خليجية صغيرة وثرية لعبت في مصير المنطقة دون أن تكون مؤهلة لذلك.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق