التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

فتح السفارة القطرية في بغداد بعد قطیعة استمرت ربع قرن 

منذ عقود من الزمان لم تشهد العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون تقدماً يمكن ان يكون علامة مميزة، وبقي التوتر طاغياً على مسار تلك العلاقات والذي بلغ أوجه بعد احتلال العراق للكويت عام 1990.

وطيلة السنوات التي أعقبت سقوط نظام صدام عام 2003 رفضت معظم دول مجلس التعاون اقامة علاقات مع العراق رغم تبادل الزيارات من قبل بعض المسؤولين لحلحلة القضايا العالقة بين الجانبين.

وبعد 25 عاماً من القطيعة بين العراق وقطر قررت الأخيرة فتح سفارتها في بغداد واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، واصدر أمير قطر (تميم بن حمد آل ثاني) قراراً بتعيين (زاید الخیارین) لشغل منصب السفير.

وكانت زيارة وزير الخارجية القطري خالد العطية للعراق في نهاية آيار الماضي، وهي الأولى من نوعها لمسؤول قطري منذ 2003 قد توّجت بالاتفاق على إعادة افتتاح سفارة بلاده في بغداد والمغلقة منذ 1990.

وجاء تعيين السفير القطري الجديد في بغداد بعد اسبوع من استدعاء القائم بالاعمال العراقي في الدوحة للتشاور على خلفية استضافة قطر لمؤتمر ضم شخصيات عراقية متهمة بالارهاب ومطلوبة للقضاء العراقي بينها وزير المالية الأسبق (رافع العيساوي) ونائب رئيس الجمهورية الأسبق (طارق الهاشمي).

ووصفت الخارجية العراقية مؤتمر الدوحة بأنه تدخل سافر في الشأن الداخلي وخرقاً لمبادئ العلاقات بين البلدين، وطالبت بتوضيح رسمي بشأن المؤتمر، في حين أكد وزير الخارجية إبراهيم الجعفري أن بلاده ترى في قرار قطر تعيين سفير لها في بغداد بأنه علامة طيبة، لكنها ترفض تدخلها في شؤون العراق الداخلية وتعتقد أنه لا يخدم العلاقات بين البلدين ولا العلاقات العربية عموماً.

ويأتي فتح السفارة القطرية في العراق بعد ثلاثة أشهر تقريباً على تعيين السعودية (ثامر السبهان) سفيراً لها في بغداد، والذي أثار موجة من الانتقادات في الاوساط الرسمية والشعبية العراقية بعد اتهام السبهان بالتعاون مع الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا.

وفي الوقت الراهن يسعى الجانب العراقي الى تقوية علاقاته مع دول مجلس التعاون التي تدهورت في السنوات الاخيرة بعد اتهام بغداد لقطر والسعودية بدعم الجماعات الارهابية والتكفيرية ومن بينها تنظيم (داعش) الذي يحتل مناطق من العراق لاسيما في محافظتي نينوى والانبار.

ويرى المتابعون للشأن العربي ان العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون بدأت بالتحسن بعد تولي رئيس الوزراء حيدر العبادي منصبه في ايلول 2014 بهدف رفع مستوى التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات لاسيما في مجال مكافحة الارهاب وتنمية العلاقات الاقتصادية. ويعتقد المراقبون ان التقارب العراقي مع دول مجلس التعاون يمكن أن يساعد في تعزيز تحالف إقليمي للتصدي للجماعات الارهابية التي تسيطر على مساحات كبيرة من العراق وسوريا.

هذه المعادلة الجديدة بدأت معالمها تتضح مع الزيارات المكثفة التي قام بها مسؤولون عراقيون إلى دول مجلس التعاون بينها زيارة الرئيس فؤاد معصوم الى السعودية في نوفمبر 2014، وزيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى دولتي الإمارات والكويت في ديسمبر 2014، وزيارة وزير الداخلية محمد الغبان إلى قطر في نوفمبر 2014، والتي أعقبتها زيارة الرئيس العراقي إلى هذا البلد في فبراير 2015.

هذه الخطوة اعتبرها محللون أنها تمثل أولى مراحل الترجمة الفعلية لسياسة الانفتاح التي تحدث عنها رئيس الوزراء العراقي بداية تسلمه لمنصبه في ايلول 2014، وأعاد صياغتها أثناء لقائه وزير الخارجية الكويتي صباح خالد الحمد الصباح خلال زيارته الى بغداد.

في مقابل هذا التوجه ثمة مؤشرات لرؤية مشتركة لدى دول مجلس التعاون أخذت تتبلور في الآونة الاخيرة وتهدف إلى إحداث توازن في العلاقات الإقليمية ما بين العراق وإيران من جهة، وبينه وبين دول المجلس من جهة اخرى، اتساقًا مع حقيقة أن فصل العلاقتين يبدو أمراً غير واقعي على الاطلاق لاعتبارات عديدة. وهناك من يرى أن دول مجلس التعاون هي التي سارعت الى استئناف العلاقات مع العراق والتي انعكست بإعادة فتح سفاراتها في بغداد. وهناك من يعتقد أيضاً أن دول مجلس التعاون قد تأخرت في إحداث تقارب ملموس مع العراق، وهي مطالبة الآن بالتحرك الواسع والفاعل بهذا الاتجاه حفاظاً على مصالحها وأمنها أيضاً وليس مصالح وأمن العراق فقط.

وثمة متغيرات موضوعية دفعت إلى هذا الالتقاء بين الجانبين، أهمها ضرورة الاصطفاف لمواجهة خطر الارهاب المتوغل في عموم المنطقة والذي أثبت “التحالف الدولي” عدم جديته وفاعليته في مواجهته. فهذا التهديد لا يمثل خطراً على أمن العراق وحده، وإنما يمثل تهديداً لأمن دول مجلس التعاون، سواء بصورة مباشرة عن طريق الحدود المشتركة مع العراق، لاسيما على الجانبين السعودي والكويتي، أو غير مباشرة من خلال تجنيد مواطنين من هذه الدول للانضمام الى الجماعات الارهابية أو تشكيل خلايا نائمة في هذه الدول، وما قد يشكله ذلك من ارتدادات سلبية على أمنها واستقرارها في المستقبل.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق