التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

عدن الى المجهول… تخبّط وانقسامات في الصف الواحد 

اعتقد البعض كما الكثيرون أنه عندما يقوم “التحالف السعودي-الأمريكي” “بتحرير” عدن من أيادي الجيش اليمني واللجان الشعبية سوف تنعم بالرخاء والاستقرار الداخلي، ولكن على العكس من ذلكتعيش محافظة عدن فوضى واحتقانات سياسية هذه الأيام، حيث تسعى قوى حزب الإصلاح وتنظيم “القاعدة” إلى فرض سيطرتها على المحافظة، وسط معارضة شديدة من قوى “الحراك الجنوبي” و”المقاومة الجنوبية” التي تطالب بتغيير محافظ عدن والقيادي الإصلاحي، نايف البكري، محملين إياه مسؤولية التدهور الأمني في المحافظة وغياب أبسط الخدمات الأساسية. وتصاعدت الاحتجاجات على تورط المحافظ وقيادات إصلاحية بقضايا فساد كبيرة وسط مطالبات من الشارع العدني بتغيير المحافظ وتعيين بديل له، بحسب بيان صادر عما يسمى “المقاومة الجنوبية” التابعة لـ”الحراك”.

 

الانقسامات داخل الصف الواحد

عدن اليوم يتداخل فيها مشروع التقسيم بقيادة “الحراك الجنوبي” أو ما يسمى “المقاومة الشعبية” مع مشروع “الإصلاح” صاحب الصبغة «الإخوانية» وما يحمله من إعادة إنتاج للنموذج الموحد، انما ضمن منظومة تقسيمات على مستوى المحافظات والأقاليم تخدم فكرة التقسيم المذهبي النهائي. وبين المشروعين يطل ثالث أكثر راديكالية ممثلاً بتنظيم “القاعدة” أو ما يشبهه على الارض اليمنية.

على “الارض المحررة” يقتتل الخليجيون كما فعلوا ويفعلون في مصر وليبيا وسوريا، حيث يمضي حزب “التجمع اليمني للإصلاح” المدعوم من قطر بالسيطرة على المراكز الحساسة كمحافظة عدن وإدارة مطارها ومصافيها ومراكز إغاثتها، بإشراف شخصيات عدنية إخوانية أساسية كطارق عبده ونايف البدري، فيما ينفذ تنظيم “القاعدة” عملية قضم بطيئة انما فعالة لمناطق عديدة من عاصمة الجنوب اليمني، حيث فرض نفسه كقوة أساسية في التواهي والمناطق المحيطة بالميناء، وعمد “القاعدة” الى رفع راياته ثم سحبها مباشرة كخطوة تكتيكية لإلزام الآخرين بالاعتراف بوجوده على الأرض، برغم أن التنظيم قلص عملية ظهوره الإعلامي بطلب خليجي كما تقول أوساط “الحراك الجنوبي”، كي لا يتهم التحالف العربي بدعم الإرهاب.

“الحراك الجنوبي” باعتباره القوة العسكرية الأبرز التي ساهمت في “منجزات” المعركة ضد صنعاء، بدا وكأنه الضحية الأكبر للأضرار الجانبية المصاحبة للعاصفة. فالتيار الأكثر شعبية في عدن دخل المدينة برايات دولة الجنوب السابقة، بقيادة العميد عيدروس قاسم الزبيدي المدعوم إماراتيا وصاحب السيرة الحسنة في الشمال والجنوب، وعينه على تثبيت الواقع ونقله الى منجز “وطني” يمكن استثماره بانفصال كامل أو فدرلة مرضية للجميع. وحاول انطلاقا من هناك فرض خطة أمنية على عدن ومحيطها لوقف التدهور واستلام المناطق التي وقعت تحت سيطرة “القاعدة” وميليشيات “الإصلاح”. لكن قيادة التحالف لم تظهر رغبة في تعويم الرجل ومشروعه في الجنوب، ما أنتج توترا قد يفضي الى انسحاب قوات عيدروس الى الضالع في أي وقت من الأوقات.

وبعدما خرجت قوى “الإصلاح” أمس في تظاهرات جابت شوارع عدن، للمطالبة ببقاء البكري وللتحذير من تغييره، طالبت “المقاومة الجنوبية” الرئيس الفارّ عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة المستقيلة، خالد بحاح وقيادة دول التحالف، بتعيين قيادة جديدة لمحافظة عدن وإحالة القيادة السابقة للمحاسبة. وأفادت مصادر محلية في عدن بأن اشتباكات تجري في المحافظة بين قوات مدربة تابعة للسعودية والإمارات بإشراف البكري، وعناصر “القاعدة”. وتأتي تلك الاشتباكات تنفيذاً لخطة أمنية لتأمين عدن من “القاعدة” تمهيداً لإعادة حكومة هادي من الرياض إلى عدن بحسب ما يتداوله مسؤولون في حكومة بحاح المستقيلة. وتتزامن هذه التطورات مع رفض هادي وبحاح الحوار مع أنصار الله وحزب المؤتمر في مسقط. وترى المصادر أن السعودية استخدمت “القاعدة” خلال الأيام الماضية لتصفية الحراكيين، وبصورة أدق أغلب قيادات الحراك الفاعلة والذين ليس بمقدورهم شراء مواقفهم، ومن المتوقع أن ينسحب “القاعدة” من المشهد في عدن خلال الأيام المقبلة، تمهيداً لبلورة خطة التحالف. وكان مسلحون قد اغتالوا مدير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وعضو الهيئة العليا لمكافحة الفساد، إبراهيم علي هيثم، مساء أمس في عدن.

ضرر مصاحب آخر أنتجته حرب التحالف السعودي-الأمريكي على اليمن، ويتمثل بالفاتورة الاجتماعية والإنسانية الشديدة الثقل والتعقيد. فالآلاف قتلوا وجرحوا وشردوا، وما تيسر من منظومة الدولة المبنية منذ الوحدة تدمر أو على وشك أن يدمر. فيما الأثر الأكثر عمقا يقبع في معضلة الارتباط بين عدن وصنعاء وما تلاه، حيث أذكت الحرب هذه روح الانقسام المجتمعي إذكاءً غير مسبوق، فأضحت الخلافات صاحبة الخلفية الجنوبية والشمالية تشمل رفاق الخندق الواحد كما يحصل في مأرب وتعز وعدن. بينما تعكف وسائل الإعلام العربية على دراسة وإحصاء “الشوافع والزيود” بأعدادهم ومراكز ثقلهم، في استنساخ لتجاربها في لبنان والعراق وسوريا، وفي تعزيز لانقسام تاريخي بين المكوّنات اليمنية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق