التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

هل تستقر الأوضاع لحكومة بحاح في عدن؟ 

اعلن نائب الرئيس اليمني المستقيل، خالد بحاح عن عودة الحكومة إلى عدن، لمباشرة أعمالها، أمس الأربعاء، بعد الإقامة عدة أشهر في السعودية. عودة بحاح، مع بقاء هادي في الرياض، تطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل الحكومة في الجنوب اليمني، وكيفية ممارسة مهامها في ظل الخلافات القائمة في عدن بين الفصائل المختلفة من جهة، وبين الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ونائبه بحاح من جهة أخرى.

 

وعند الدخول في تفاصيل رحلة العودة إلى عدن بعد عدة أشهر من الإقامة في فنادق الرياض، لا بد من الإجابة على سيل من الأسئلة، أبرزها: هل ستكون عودة اللاعودة إلى الرياض، أم أنها رحلة مؤقتة، مع هامش زمني أكبر من الزيارة السابقة التي قام بها بحاح واقتصرت على الحضور في المطار لبضع ساعات؟

 

لا شك في أن حديث بحاح عن أن “ملف الإغاثة وإعادة الإعمار والبناء يشكل أولوية حكومية لتعود الحياة إلى طبيعتها وبناء مدن تتمتع بروح المدنية وطابعها الحقيقي بعد سنوات عجاف مضت عليها”، ينطوي على الكثير من الصواب من ناحية التخطيط، بصرف النظر عن القدرة على التنفيذ، حيث ستحاول الرياض دعم الحكومة المؤقتة لأسباب عدة، أبرزها: أولاً كسب ثقة أهل المدينة، ومحاولة إستمالتهم بالأموال والخدمات مقابل التعاون مع حكومة بحاح لإعطاء نموذج سعودي راقٍ في الأوساط الدولية. ثانياً محاولة محو الصورة الجديدة التي طبعت في ذهن الشعب اليمني عن آل سعود بإعتبار أنهم تورطوا في تدمير البلاد وهلاك العباد. وثالثاً جعل عدن نموذجاً يحتذى به من قبل كافة المحافظات اليمنية، بعبارة أخرى، تريد السعودية الترويج لسياسة العصا الصعداوية والجزرة العدنية، أي أن أي مدينة ترفض التعاون مع الحلف السعودي ستلقى مصير مدينة صعدة، في حين أن أي مدينة تقاتل إلى جانب السعودية ستنعم بخيرات الرياض، كمدينة عدن، ولكن ما تريده الرياض لازال على الأوراق وفي غرف المخابرات، فهل هناك قابلية للتطبيق؟

 

عقبات الحكومة في عدن

رغم المحاولات اليائسة للسيطرة الكاملة على مدينة عدن، طرأت عدّة تغيرات حالت دون تحقيق الأهداف السعودية، حيث برزت خلافات قوية بين مختلف الفصائل المتواجدة هناك (الحراك الجنوبي، مليشيات هادي المدعومة سعودياً وإماراتياً، تنظيم القاعدة وحزب الإصلاح). ففي حين تريد مليشيات هادي السيطرة على المدينة، يسعى تنظيم القاعدة لبسط نفوذه في عدن، وقد إعتقل عسكريين في مدينة المكلا، كما داهم عناصر التنظيم في وقت سابق، عددا من منازل قيادات عسكرية موالية لـ”عبد ربه منصور هادي”. كذلك قبل يومين، إتهمت قيادات ما يسمى بـ”الشرعية” وقوف تنظيم القاعدة وراء عمليات الاغتيال التي طالت قيادات فيما يسمى “المقاومة الشعبية” ورجال أمن، في المحافظة.

وأما الحراك الجنوبي الذي لا يعترف بشرعية هادي وينادي بفك الارتباط عن الشمال، فقد أوضح أمين سر مجلسه الأعلى، فؤاد مرشد، أن “المقاومة الجنوبية لم تقاتل من أجل الشرعية اليمنية، وأن الحراك لا يرحب بعودة الحكومة اليمنية إلى عدن، لكنه (أي الحراك) لن يدخل في الوقت الحالي في خصومة مع الشرعية، كون الحراك يركز حالياً على التمدد العسكري، وإحكام سيطرته على كامل الجنوب”. ولم يترك مسلحو الحراك الجنوبي الساحة العدنية لمليشيات هادي والقاعدة، فقد سيطروا على مرافق هامة في المدينة سواءً الميناء أو مراكز الشرطة أو بعض المؤسسات الحكومية. 

كذلك لم يكن حال حزب الإصلاح الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع تنظيم القاعدة عن هذه الخلافات ببعيد، فرغم مشاركته في عملية «السهم الذهبي» ميدانياً، إلا أن مواجهات عسكرية إندلعت مع القوات الإماراتية المشاركة في العدوان، والتي بدورها ضغطت مؤخراً على الرئيس هادي لإقالة محافظ عدن والقيادي في حزب الإصلاح نايف البكري، وبالفعل حصل ذلك بطريقة سلسة عبر إعطاءه حقيبة هامشية هي وزارة الشباب والرياضة، بدلا من منصبه الهام والحساس أمنيا وعسكريا.

ولا تقتصر تحديات الحكومة على الحلفاء فحسب، بل ظهرت مؤخراً بوادر خلاف جذري بين هادي وبحاح رغم أن الطرفين أحد أحجار الدومينو السعودية. فقد كشف التعديل الوزاري لثلاث وزارات هي الشباب والصحة والنفط، عن تأكيد ما تردد من اختلافات وصراعات حول الحكومة ودورها والصراع على النفوذ في رئاستها ووزاراتها. فبعد أكثر من نشر صحفي وبث متلفز لتصريحات وتسريبات في الإعلام السعودي بهذا الشأن أعدت شبكة بي بي سي البريطانية تقريرا موسعا بالخلفيات والحيثيات وأحضرت مواضيع الخلاف وأطرافه وتركت أبواب الاستنتاجات مشرعة. 

كذلك نشر صحيفة الشرق الأوسط السعودية تصريحاتٍ نسبتها إلى “مسؤولٍ حكوميٍ كبير” بأن هادي يتجه نحو إعفاء بحاح من منصبه كرئيس للوزراء وتكليف شخصية شمالية بتشكيل حكومة وحدة وطنية مصغرة. وأبلغت مصادر حكومية في الرياض بي بي سي أن ذلك “المسؤول الحكومي الكبير” ليس سوى الوزير ياسين نفسه على خلفية مطالبة بحاح للرئيس هادي بإقالته.

في المقابل، يؤكد مصدر مسؤول في الرئاسة اليمنية من السعودية، أن “الرياض أدركت مؤخرا، أن هادي، لم يعد بمقدوره التعاطي مع حجم المرحلة التي تمر بها اليمن، وقد أصبح ضيفا ثقيلا على السعودية، لذلك كلفت بحاح بالتوجّه إلى عدن لتشكيل الحكومة. وبين المصدر المسؤول أن علاقة الرئيس هادي بنائبه خالد بحاح تشهد ما أسماها “حربا باردة”، وصلت في إحدى المرات إلى نشوب مشادات كلامية بين الرجلين، بسبب رفض هادي لأسماء اقترحها بحاح للوفد الذي سيمثل الحكومة المستقيلة في مشاورات جنيف”.

وفي الخلاصة، ورغم قدرة الجيش اليمني واللجان الشعبية على توجيه ضربات موجعة إلى حكومة بحاح وقوات هادي في الجنوب، على شاكلة مطار صافر في مأرب، إلا أن الخلافات الحالية في عدن بين الترويكا الجنوبي (مليشيات هادي وحلفائها، الحراك الجنوبي، تنظيم القاعدة وحزب الإصلاح) من ناحية وبين هادي وبحاح من ناحية أخرى تنذر بتدمير كافة المخططات السعودية.

بصرف النظر عن خلافات هادي مع بحاح، والتي ستتكفل الرياض بمعالجتها، قد تشهد الفترة المقبلة صراعات دموية بين الترويكا الجنوبي، خاصةً أن أي حكومة جديدة في عدن ستحاول القضاء على الحراك الجنوبي والقاعدة والإصلاح في آن واحد.

المصدر : الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق