التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

ماذا يعني التدخل العسكري الروسي بالنسبة للكيان الإسرائيلي؟ 

أثار التدخّل العسكري الروسي في سوريا حالة من القلق والترقب لدى العديد من الدول الإقليمية والدولية وفي مقدّمتها الكيان الإسرائيلي وأمريكا. وتأتي الخطورة الروسية المتمثلة بدمج أقوالها بأنها لن تتخلى عن دعم حليفها الرئيس السوري “بشار الاسد” بالأفعال، لتؤكد موقف القيادة الروسية الفعلي من القرار الاستراتيجي بالقتال المباشر إلى جانب دمشق ضد أعدائها، وهو ما أثار إستنكار وشنطن ورعب الكيان الإسرائيلي.

 

أمريكياً، حذر وزير الخارجية، جون كيري، في مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، من أن التدخل الروسي في سوريا سيؤدي إلى تصعيد الصراع، وتزايد الضحايا، واحتمال الصدام مع القوات المحاربة لتنظيم داعش الإرهابي. ولكن كيف يمكننا قراءة الموقف الإسرائيلي من التدخل الروسي في سوريا؟ وهل بالإمكان أن نستثير منهجا لقراءة تبحث بشكل واقعي عن تداعيات هذا التدخل على سوريا والكيان الإسرائيلي في آن واحد؟

 

بدايةً، يمكن أن نلحظ أن التدخل العسكري جاء في وقت يشهد على تراجع الجيش السوري ميدانيًا، لاسيّما في الأشهر الأخيرة، ليبدّد كافة الاحاديث عن ترك موسكو لدمشق في منتصف الطريق مقابل الحصول على إمتيازات، ويؤكد أن خيار روسيا القومي حالياً يتمثل في الحفاظ على نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة الجماعات التكفيرية، ولكن ما هو موقف الكيان الإسرائيلي من هذا التدخل؟ وما هي التداعيات على المعادلة مع دمشق وحلفائها في المنطقة؟

 

معادلة جديدة مع الكيان الإسرائيلي 

أثار التدخل الروسي المباشر موجة قلق غير مسبوقة في الإعلام الإسرائيلي من ناحية، ولدى قيادات الكيان من ناحية أخرى، فقد عبّرت سلطات الكيان عن قلقها من التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، وتداعياته على تغيير قواعد الاشتباك في السماء السورية واللبنانية، ومن القيد الذي يمثله على عمل سلاح الجو الإسرائيلي بإعتبار أن إنضمام منظومات الدفاع الجوي الروسية إلى الطائرات المقاتلة قد يقوض الغارات الجوية التي تشنها مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي من آن إلى آخر، ضد المنشآت السورية وقوافل السلاح إلى حزب الله. 

ولم يكن موقف الإعلام الإسرائيلي بعيداً عن نظيره السياسي، فقد أوضحت صحيفة هآرتس أن تل أبيب لم تُغيّر موقفها بشأن الساحة السورية، وهي لا تزال معنية باستمرار القتال مع بقاء النظام ضعيفًا، لا يسيطر إلّا على نصف المساحة الجغرافية لسوريا، بما بات يعرف بـ”سوريّا الصغرى”، لكن التطورات الأخيرة تبعث على القلق، ولا تمثّل عامل تشجيع للجيش الإسرائيلي.

في الميدان السوري أيضاً، يفرض التدخل الروسي معادلة جديدة، حيث بات يمتلك الجيش السوري وحزب الله هامشاً في التحرك بحرية أكبر على جزء كبير من الأراضي السورية، فضلاً عن كونه يؤثر على وضع الجماعات التكفيرية المدعومة إسرائيلياً على الحدود. روسيا التي تريد المحافظة على نظام الرئيس الأسد قد تتغاضى عن بعض الدعم العسكري الإسرائيلي للجماعات المسلحة إلا أن أي تدخل مباشر أو دعم عسكري للجماعات المسلحة، يؤثر على المعادلة الروسية أو العاصمة دمشق من قبل الكيان الإسرئيلي، سيواجه بردّة فعل روسية قد تقلب المعادلة القائمة حالياً في الجنوب السوري عموماً، وعلى الحدود في الجولان السوري المحتل على وجه الخصوص.

وبما أن الكيان الإسرائيلي من أبرز المستفيدين حالياً من الأزمة السورية، فلن يكون التدخل الروسي في صالحه، خاصة اذا ما نجح في إعادة زمام الامور بشكل أكبر إلى النظام، وهذا ما يتوقّعه الكثير من المحللون، لأن روسيا تحاول إعادة فرض هيبتها من جديد على الساحة الدولية، لاسيّما بعد الأزمة الأوكرانية. فموسكو تريد إثبات نفسها من جديد على الساحة الشرق أوسطية، وسوريا القاعدة الأخيرة لها في المنطقة، وأي هزيمة في دمشق تعني وصول التهديد إلى عقر دار الدب الروسي، في المقابل إن أي إنتصار ميداني للجيش الروسي على حساب الجماعات التكفيرية يمثل “ضربة معلم” للرئيس بوتين في إعادة الهيبة الروسية، فما فشلت في تحقيقه واشنطن وحلفاؤها، نجحت روسيا منفردة في تحقيقه، وربما بفترة أقل.  

التداعيات لا تنحصر على الداخلين الإسرائيلي والسوري فحسب، بل يمكننا القول إن العلاقة الإسرائيلية الأمريكية لن تكون بمنأى عن هذا التدخل، حيث سيثير السكوت أو التهاون الامريكي إزاء هذا التدخل الروسي قلق نتنياهو من جديد، ما ينذر بإعادة سيناريو “الإتفاق النووي” بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس حكومة الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق