التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

هل سنشهد جلوس الملك السعودي على طاولة المحاكمة؟ 

 أصدرت في الأيام القليلة الماضية ٤٥ منظمة عربية ودولية بياناتٍ طالبت فيها بمحاكمة “سلمان بن عبد العزيز”، الملك السعودي، ومن المقرر أن يقدم فريق عربي وأجنبي تقارير ووثائق وملفات تكشف جرائم القوات السعودية والعربية في اليمن، وستقوم المنظمات بإظهار جرائم العدوان بحق الأطفال والنساء والمدنيين خلال دورة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على أمل أن يتم تقديم الملك السعودي للعدالة الدولية.

 

سعي المنظمات الإنسانية والحقوقية لإحقاق العدل ودفع الظلم، يعتبر بادرةً جيدة، إلا أن تاريخ المجتمع الدولي والمحكمة الدولية لا يبشر بالخير، فمن لبنان إلى فلسطين والكثير من القضايا الأخرى أثبتت المحكمة الدولية والقضاء الدولي انحيازه وعدم استقلاليته، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث عام ٢٠٠٥ بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وما تبين من تسييس المحكمة الدولية التي كُلفت بالتحقيق بالحادث، ومنذ البداية لم تعتمد هذه المحكمة في تحقيقاتها على الأدلة والبراهين والتحقيقات، بل انساقت وراء الاتهامات السياسية والأحقاد، ولم تستمر المحكمة بعملها طويلاً حتى تَبيَّن الفساد الذي يتغلغل فيها، كقضية الرشاوي التي تلقاها غيرهارد ليمان، نائب رئيس لجنة التحقيق الدولية، بالإضافة إلى تورط دانيال بلمار، مدعي عام المحكمة، بقضية شهود الزور، ورغم الفساد الذي ظهر للعلن ورغم الأدلة الدامغة التي قدمها حزب الله والتي تشير إلى تورط الكيان الإسرائيلي في عملية الاغتيال، لم تُغيِّر المحكمة مسارها، وبقيت كما كانت عليه إلا أنه تم تهميشها لتصبح أقل أهمية وقيمة.

 

وفي القضية الفلسطينة أيضًا سجلت المحكمة الدولية انحيازًا آخر، إذ قامت المحكمة بالاعتراف أنها لا تملك صلاحيات قضائية لبحث الشكاوى الفلسطينية، ويأتي اعترافها بعد مطالبات فلسطينية بمحاكمة قادة الكيان الإسرائيلي بسبب الجرائم التي ارتكبها بحق أبناء قطاع غزة في عملية “الرصاص المصبوب” التي نفذها جيش الكيان الإسرائيلي عام ٢٠٠٨، بل على العكس هدد الكيان الإسرائيلي أكثر من مرة برفع دعاوي ضد حركات المقاومة في فلسطين وبعض القادة بحجة “الإرهاب”.

 

في المقابل نجد المحكمة الدولية لا زالت تصر على اعتقال عمر البشير، الرئيس السوداني، منذ ٢٠٠٨ وتلصق به العديد من الاتهامات التي تتعلق بقضية دارفور، ولكن العالم بأسره يشاهد كبار قادة التيارات الإرهابية المتواجدة في سورية تنتقل من بلدٍ إلى آخر كتركيا والأردن وتجتمع هناك لترسم مخططات قتل الشعب السوري، ورغم كل هذا لم تُصدر المحكمة الدولية أي قرار بتوقيفهم واعتقالهم، أو بمحاكمة زعماء الدول التي تمولهم وتمدهم بالأفراد والعتاد، وبهذا يكون القضاء الدولي قد أضاف انحيازًا آخر إلى تاريخه المليء بالتواطؤ والتسييس.

 

المحكمة الدولية ليست مصممة لإحقاق العدل، بل لها وظيفتين أساسيتين: الأولى لتخويف الدول الموالية للغرب والهيمنة عليها، فمثلاً في الموضوع اليمني لا تتجرأ السعودية على الانفراد في القرار السياسي، فلا بُدَّ أن تكون تصرفاتها موافقة لسياسات الدول الغربية وإلا فإنها ستصطدم بوجه المحكمة الدولية التي سيشهرها الغرب بوجه الرياض، أي أن المحكمة الدولية تُستخدم للهيمنة على الحكومات الضعيفة، والوظيفة الثانية هي خدمة المصالح الإسرائيلية وإزالة العقبات من أمام مشروع الكيان الإسرائيلي.

 

لن تغير الوثائق والأدلة التي ستعرضها المنظمات الحقوقية من حال المحكمة الدولية شيئًا، وإن كانت هذه الوثائق قد تسبب بعض الضغط على السعودية، إلا أنها لن تقدم شيئًا جديدًا، فالدول الغربية وأمريكا يدركون جيدًا ما تفعله السعودية في اليمن، وهم يدعمونها بصمتهم وسلاحهم، هذا إذا لم نقل أن السعودية ليست إلا أداةً لتنفيذ المشاريع الغربية في اليمن، وبالتالي فإن النظام العالمي بأكمله يحتاج إلى تغيير جذري ليُصبح من الممكن محاكمة الدول المعتدية والحكام المجرمين وتقديمهم إلى العدالة الحقيقية.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق