التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

مشروع الصحوات في سوريا: حظوظ الفشل والنجاح 

بعد أن فشلت واشنطن في إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وخرج تنظيم داعش الإرهابي بجزء كبير منه عن الخريطة الأمريكية، بدأت واشنطن تبحث قبل فترة عن سبيل جديد لتحقيق أهدافها في سوريا والعراق، وبالفعل خرجت مطلع العام الجاري ببرامج لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي تحت عنوان “صحوات” سورية.

 

يأتي برنامج الصحوات بعد مدة على فشل واشنطن وتحالفها الدولي في الحد من إنتشار التنظيم الإرهابي ميدانياً، ويتزامن مع إتهامات موثقة ضد الجيش الأمريكي بالتواطئ مع عناصر التنظيم، وإمدادهم بالسلاح كما حصل في كوباني وتكريب، وكان آخر هذه الإتهامات ما كشفه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول منع واشنطن دولاً مشاركة في التحالف الدولي من استهداف مواقع لتنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا، على الرغم من تحديد هذه المواقع بدقة . وقال لافروف “شركاؤنا الأمريكيون منذ البداية لم ينظموا التحالف بعناية فائقة، أو أنهم يملكون أهدافاً أخرى غير المعلن عنها. فقد تم إنشاء التحالف بشكل عفوي للغاية، وتم خلال أيام الإعلان عن البلدان التي ستنضم إليه وبدأت أعمال القصف”.

 

وأضاف: “عندما تحلل عمليات القوات الجوية للتحالف فإنه يخلق انطباعاً غريباً، وتنتابك أفكار بأن هناك غرضاً خفياً في مهام التحالف، غير المعلن عنه”، وأردف قائلاً: أتمنى ألا أخيِّب أمل أحد عندما أقول إن بعض زملائنا في الائتلاف يؤكدون أنهم يملكون أحياناً معلومات دقيقة حول مواقع داعش، بينما ترفض الولايات المتحدة، التي تقود التحالف، الموافقة على قصف تلك المواقع. لا أريد أن أقدم أي استنتاجات، فلا أحد يعلم ما هي أفكار وتقديرات قيادة التحالف”.

 

بصرف النظر عن التواطئ الأمريكي مع التنظيم الإرهابي، فالسؤال الذي يطرح نفسه حالياً في ظل الحديث عن “الصحوات” السورية والعراقية، هو قدرة هذه القوات على المواجهة؟ والأجندة التي يدينون بالولاء لها؟ وهل سيقتصر دورهم على القضاء على تنظيم داعش الإرهابي أم أنهم ورقة جديدة لمواجهة الحكومة السورية؟

 

أولاً وقبل الدخول في الإجابة على هذه الأسئلة، لا بد من التأكيد على أن خطوة الصحوات هذه، لم تكن فيما لو نجحت أمريكا في القضاء على التنظيم الإرهابي، أو في حال إستعداد واشنطن لدفع تكلفة مواجهة داعش والقضاء عليه، سواء في سوريا أو العراق.

 

لم تكن الصحوات العراقية المتشكلة من قبل الجيش الأمريكي في العام ٢٠٠٧ لمواجهة تنظيم القاعدة في أحسن أحوالها، حيث أخذت في التراجع على طريق التلاشي، حتى تنازلت عنهم واشنطن للحكومة العراقية، والتي بدورها دمجت حوالي ٦٥% منهم في الوزارات المدنية بموجب إجراءات المصالحة الوطنية، مع العلم أن هناك العديد من التهم التي وجهت لهذه القوات بالتواطئ مع تنظيم القاعدة.

 

وأما بالنسبة للصحوات في شمال سوريا، فلن يكون حالها عن نظيرتها الأمريكية ببعيد حيث يمكننا القول إن الاستراتيجية الامريكية الجديدة في سوريا، تقوم على إعداد جيش سوري جديد يتم اختيار عناصره بعناية فائقة، ووفق مواصفات الولاء للمخططات الامريكية في المنطقة، تكون مهمته مزدوجة وتطبق على مرحلتين، الاولى محاربة تنظيم داعش الإرهابي، والثانية مواجهة الجيش العربي السوري المنهك بعد خمس سنوات من الحرب. 

 

لا نستغرب حصول تعاون وتنسيق بين الصحوات وتنظيم داعش الإرهابي برعاية أمريكية، خاصةً إذا ما أرادت واشنطن توريط الجيش الروسي في مواجهات برية تعيد إلى الأذهان المخطط الأمريكي-السعودي لمواجهة الإتحاد السوفياتي عبر الجماعات المتشدّدة.

 

وعند الحديث عن الصحوات في سوريا، لا بد من الإشارة إلى النقاط التالية:

أولاً: هناك العديد من القبائل السنية شمال سوريا، تعرّضت لأبشع المجازر على يد التنظيم الإرهابي، كما أنها ترى في داعش تهديداً لسلطتها في مناطق توزعها، وبالتالي قد تنخرط العديد من هذه القبائل في مواجهة التنظيم الإرهابي.

ثانياً: لم تكن تجربة الصحوات العراقية مشجعة للقبائل السورية الحالية، لذلك من المفترض أن تنظر القبائل السورية بعين الريبة والحذر إلى اي وعود امريكية.

ثالثاً: إنخراط العديد من أبناء المناطق الشرقية في سوريا، وبالتحديد أبناء القبائل، في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، قد يحول دون أي جدوى من هذه الصحوات.

رابعاً: هناك العديد من القبائل الشرقية تربطها علاقات جيدة، لا بل صلة دم، مع النظام في سوريا، وبالتحديد عائلة الرئيس الأسد، الأمر الذي سيحول دون إنخراطها في هذه الصحوات لعدّة أسباب، أبرزها عدم التنسيق مع الحكومة السورية وغياب الرؤية الواضحة.

خامساً: إن قدرة تنظيم داعش الإرهابي حالياً، تفوق بأضعاف مضاعفة قدرة تنظيم القاعدة في العام ٢٠٠٨، وبالتالي سيكون من الصعب على هذه الصحوات تحمّل هذه المواجهة، بإعتبار أن أمريكا لن تكون جدّية في دعمهم، بل سيصبحون خلال أي مواجهة بين فكي الطائرات الأمريكية ومقاتلي التنظيم الإرهابي.

 

لا ريب في أن هذه الصحوات بإمكانها تكبيد التنظيم الإرهابي خسائر فادحة، فيما لو كانت واشنطن جادة في محاربة داعش، وحصل تنسيق مشترك مع الحكومة السورية، ولكن الوقائع تنذر بعكس ذلك.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق