التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

أبعاد التقارب الإيراني الأوروبي وتأثيره على أزمات المنطقة 

 شكل الإتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية في الثلاثاء ١٤ يوليو ٢٠١٥ إنجازاً تاريخياً للدبلوماسية الدولية باعتباره الإنجاز الأهم في هذه الفترة على الصعيد الدولي لما له من تداعيات على الأمن والسلم الدوليين، اللاعب الإيراني القوي بحنكته وذكائه الدبلوماسي استطاع انتزاع إعتراف دولي بحقه بامتلاك التقنية النووية السلمية في مقابل بعض التنازلات التي لا تمس السيادة الإيرانية وحقوقها الدولية.

 

بعد الإتفاق النووي المنتظر بدأ رسمياً موسم الحج الغربي الى طهران، حيث بدأت بالفعل الوفود الأوروبية بالوصول الى العاصمة الإيرانية طهران بعد قطيعة من الزمن، وفتح نجاح إيران والسداسية الدولية في التوصل الى هذا الإتفاق التاريخي الآفاق بين ايران والدول الغربية على التعاون في جميع المجالات لاسيما وأن الطرفين أكدا على وجوب التعاون وتطوير العلاقات فيما بينهما على أساس المصالح المتبادلة واحترام الآخر، وزيارة الوفد الألماني برئاسة وزير الخارجية الألماني ومن بعده الوفد الفرنسي برئاسة لوران فابيوس وزير خارجية فرنسا ورغبة دول أوروبية أخرى بزيارة طهران في وقت لاحق دليل على بداية مرحلة جديدة من العلاقات بين ايران والدول الأوروبية.

 

إن السوق الإيرانية الفتية والإمكانات الإقتصادية الكبيرة التي تمتلكها إيران أسالت لعاب الإقتصادات الأوروبية التي تعاني من الجمود والتي بدورها تبحث عن أسواق جديدة لإنعاش إقتصادها، والإهتمامات الأوروبية والإيرانية تركز في المرحلة الحالية على العلاقات الإقتصادية بين البلدين وزيادة الإستثمارات الخارجية، فسوق الطاقة الضخم الذي تمتلكه إيران يغري الأوروبيين للإستثمار فيه وتنميته الى جانب مجال التكنولوجيا والمعلوماتية، كما يشدد الطرفان على زيادة التبادلات التجارية والسعي الى تحقيق تعاون في جميع المجالات.

 

ويعتقد الخبراء بأن لدى ايران من المقومات الاقتصادية ما يكفي ليشد أكبر الشركات الأوروبية وليفتح الباب أمام علاقات متميزة بين إيران ودول الإتحاد الأوروبي في المجالات الاقتصادية والتجارية، بالإضافة الى رغبة الدول الاوروبية مشاركة إيران لإيجاد حلول لأزمات المنطقة المعقدة باعتبار إيران لاعباً أساسياً لها حضور قوي في ملفات المنطقة وتستطيع أن تلعب دوراً أكثر فاعلية في هذا السياق.

 

زيارة الوفد الوزاري الألماني والوفد الفرنسي الى طهران أدى الى إيجاد قنوات تواصل بين بعض العواصم الأوروبية وطهران والذي بدوره سينعكس إيجابياً لجهة التنسيق المتبادل بين الطرفين في المسائل الأمنية والأزمات السياسية المختلفة التي تشهدها منطقة غرب آسيا والتي تمس بشكل مباشر أمن الدول الأوروبية، ويمكن للعلاقة بين إيران والإتحاد الأوروبي أن تتجاوز العلاقات الاقتصادية والتجارية لتصل الى مرحلة التنسيق فيما بين الطرفين للتعاون على حل أزمات المنطقة وخاصة أزمة اللاجئين السوريين التي تدق أبواب أوروبا حالياً والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وخصوصاً تنظيم داعش الإرهابي الذي أصبح مصدر قلق وتهديد لجميع دول العالم.

 

إن الإتفاق النووي أخرج إيران من دائرة الشكوك الأوروبية ليضعها في دائرة الشريك في حل أزمات المنطقة وخصوصاً الأزمة السورية المعقدة بالإضافة الى أزمة العراق ولبنان والحرب على اليمن، ويعلم الأوروبيون أن ايران لها قدرة وفاعلية كبيرتين في معالجتها لهذه الملفات وأن سعي الغرب وأمريكا لحل هذه الملفات دون التنسيق مع طهران لن يجدي نفعاً لما لطهران من أهمية في محاربة الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق وتأثيرها الكبير على حلفائها سواء في العراق وسوريا أو لبنان واليمن.

 

تطور العلاقة بين دول الإتحاد الأوروبي من جهة وإيران من جهة ثانية سواء في المجال الاقتصادي والتجاري أو على المستوى الأمني والتعاون المشترك لا يخدم الطرفين فحسب بل يمكن أن يخدم المنطقة برمتها لما له من تأثير على تخفيف التوتر في الكثير من ملفات المنطقة الساخنة ويساعد على الحد من خطر الإرهاب وتقليص قدرات تنظيم داعش الإرهابي وتحجيمه وبالتالي إحتواء الشرق الأوسط ومنعه من الإنفجار.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق