التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

ازدواجية الوهابية والسلفية التكفيرية بين القول والفعل – الجزء الأول 

المتتبع لتحركات الجماعات التكفيرية والمتطرفة في العالم الاسلامي لاسيما في منطقة الشرق الأوسط يدرك تماماً الازدواجية التي يتميز بها الفكر الوهابي السلفي والتناقض الواضح بالقول والفعل في التعاطي مع الاحداث التي تشهدها المنطقة والعالم.

فمن ناحية تقوم الحكومة السعودية التي تتبنى الفكر الوهابي بالترويج لهذا الفكر بإعتباره يشكل الإرث التاريخي لوجودها في السلطة في حين تتبع النهج السلفي التقليدي في تغذية الجماعات والتنظيمات التكفيرية التي تعصف بالعالم الاسلامي.
وقبل الدخول في تفاصيل هذا الموضوع لابد من الاشارة الى أن هذا النوع من التحرك يستمد الدعم والقدرة على الاستمرار من اللوبي الغربي – الاسرائيلي الذي تتزعمه أمريكا في المنطقة. وثمة شواهد كثيرة ولا تقبل التأويل تؤكد هذا الأمر يمكن الاشارة الى بعضها على النحو التالي :

1 – الارتباط التاريخي بين الوهابية والاستعمار الغربي لاسيما البريطاني الذي اجتاح المنطقة في بدايات القرن الماضي والذي مهد الطريق للفكر الوهابي من أجل السيطرة على مقاليد الامور في أرض الحجاز والذي ساهم بدوره الى حد كبير في احتلال أرض فلسطين وقتل وتهجير سكانها الأصليين من قبل العصابات الصهيونية في اربعينيات القرن المذكور.

2 – على الصعيد الداخلي لعب الفكر الوهابي دوراً أساسياً في تقوية العلاقة بين محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود بإعتبارهما يمثلان النواة الأولى لتبلور هذا الفكر الذي وضع الحجر الاساس لترسيخ أقدام آل سعود في أرض الحجاز والذي بدوره مهد الأرضية فيما بعد لقيام حكمهم والاستيلاء على مقدرات هذه البقعة الجغرافية المهمة والحساسة من العالم.

والتساؤل المطروح هو : كيف تمكنت الوهابية من نشر أفكارها في أوساط المسلمين رغم ضحالة هذه الافكار وعدم امتلاكها القدرة على الصمود بوجه الحقائق التاريخية التي تفند هذه الافكار والتي تستمد قوتها ومشروعيتها من الاسلام الحنيف وتعاليمه الإلهية الواضحة.

فمن جهة يجمع علماء الاسلام بكافة طوائفهم ومللهم على أن الوهابية هي فكرة طارئة ودخيلة على الاسلام وليس لها أي جذور في الشريعة الاسلامية، ومن جهة أخرى برزت اعتراضات كثيرة من داخل الاسرة الحاكمة في السعودية تنتقد الفكر الوهابي وتعتبره السبب الرئيس في المشاكل والأزمات التي تعاني منها البلاد في مختلف المجالات على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ومنذ وقت بعيد وتحديداً في أواخر عهد حكم الدولة العثمانية الذي بسط نفوذه على أغلب الدول الاسلامية كانت هناك دعوات كثيرة لاسيما في مصر تنادي بضرورة إنهاء الفكر الوهابي بإعتباره يشكل خطراً حقيقياً على العالم الاسلامي وينذر بتمزيق وحدته وتشتيت قواه لصالح القوى الاجنبية خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.

ووفقاً للشواهد التاريخية لم تتمكن الوهابية من نشر أفكارها في بداية انطلاقتها نتيجة الوعي والحذر الذي تتحلى به الشعوب الاسلامية والدور الكبير الذي بذله علماؤها لفضح طبيعة هذه الافكار وكشف ماهية الأهداف التي تسعى لتحقيقها في العالم الاسلامي.

ووصل الأمر في بعض الاوقات الى ان يقوم الجيش المصري بإرسال أعداد من المنتمين الى الفكر الوهابي الى مركز الخلافة العثمانية “اسطنبول” كي تضرب أعناقهم ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه للارتباط بهذا الفكر المنحرف عن الاسلام.
ولكن رغم هذه الاجراءات التي اتخذها المسلمون وعلماؤهم للتصدي للفكر الوهابي السلفي تمكن آل سعود وبمساعدة الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا وأمريكا من إقامة كيانهم على أرض الحجاز، مستفيدين في الوقت ذاته من الثروات النفطية الهائلة التي تزخر بهذه الارض للترويج لأفكارهم وتقوية نفوذهم في مختلف البلدان الاسلامية.

وهنا لايمكن أن نغفل الاشارة الى أن الهدف الاساس الذي تم من أجله ظهور الفكر الوهابي ومن ثم تقديم كافة انواع الدعم اللازم للترويج له من قبل الدول الغربية وخصوصاً بريطانيا يكمن في زرع بذور الفتنة الطائفية بين المسلمين ومواجهة الفكر الاسلامي الأصيل الذي تتحمل القوى الفاعلة في الساحة مسؤولية إبلاغه وتوضيح معالمه الى العالم أجمع.

من هنا يمكن القول ان الفكر الوهابي بات يمثل حلقة أساسية من حلقات التآمر الاستعماري الغربي على الأمة الاسلامية من أجل تقطيع أوصالها وتشتيت قواها عبر إدخالها في حروب ونزاعات جانبية تغذيها النزعة الطائفية المتجلية بوضوح في أتباع هذا الفكر لاسيما في السعودية.

الى هنا نكون قد أتممنا الجزء الاول من هذه اللمحة التاريخية للفكر الوهابي السلفي. وسنكمل الحديث في الجزء الثاني عن تداعيات استمرار هذا الفكر ومخاطره على العالم الاسلامي بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.
المصدر – الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق