التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

قطر وتمايزها في العلاقة مع طهران: إمكانيةٌ التقارب خدمةً لمصالح دول المنطقة 

منذ أن بدت إيران دولةً فاعلةً على الصعيدين الإقليمي والدولي، قامت العديد من الدول في المنطقة والعالم بمحاولة الحشد لعزلها. لكن طهران التي لم تحتج لأيٍ من الدول الأخرى يوماً إن على الصعيد السياسي أو الإقتصادي، استطاعت فرض نفسها في المعادلات الإقليمية منذ سنوات طويلة، كما أنها أصبحت بمستوى اللاعبين الكبار بعد أن أرغمت الغرب على توقيع اتفاقٍ معها. ومن بين هذه الدول التي سعت لعزل إيران وإن بمستوياتٍ متفاوتة من حيث العلاقة معها، كانت الدول الخليجية. في حين لم تتبن هذه الدول سياسةً موحدة، إذ يمكن استثناء عمان أولاً ثم قطر من السياسات التي مارسها مجلس التعاون. فكيف يمكن تقييم ذلك؟ ولماذا تتميز قطر عن غيرها؟

إن الحالة الإقتصادية التي تجمع الدول الخليجية، أثرت على الأداء السياسي لهذه الدول، لكنها لم تجعلهم يتبنون رؤيةً أو مساراً سياسياً موحداً. وفي حين يمكن القول فيه أن أكثر الحاشدين ضد إيران هي السعودية و يمكن الجزم بأن أكثر المقربين منها كانت عمان. فيما بقيت قطر بين الإثنين، لكنها لم تُدخل نفسها في علاقةٍ متوترة مع طهران بطريقة مباشرة. فالسعودية التي ومع الأسف قامت ببناء واقعٍ يهدف للحشد السياسي ضد إيران، محاولةً جعل العقيدة الدينية والتأجيج المذهبي سلاحها، أدخلت مجلس التعاون في سياسةٍ يمكن القول أنها أغرقته في مخططاتٍ لا نفع له بها. في حين بقيت عمان بوابة تقريب وجهات النظر بين الطرفين. ولأن الدور السعودي معروفٌ تجاه إيران، وهو الذي طالما واجهته طهران بالدعوة للحوار، لا داعي لتسليط الضوء عليه، إذ لا يرقى الأداء السعودي لمستوى يستحق التحليل. لكن الدور القطري المتمايز يستحق الوقوف عنده، لما يمكن أن يشكله من فرصةٍ لتقريب وجهات النظر بين الدول الخليجية وطهران.

على الرغم من أن قطر انتهجت مساراً معيناً تجاه الأزمة السورية، إلا أن خلافاتها مع السعودية الساعية لتقييد دول مجلس التعاون لم تتوقف. لكن وبغض النظر عن الماضي، فإن الدور الإيراني الجديد في المنطقة والعالم، يبدو أنه جعل الدول الخليجية تُعيد النظر في سياساتها تجاه طهران. وهذا ما أتى تباعاً بعد تغير المواقف الدولية لا سيما بعد رضوخ الغرب وتوقيع الإتفاق النووي، إذ تميزت قطر في دعوتها مؤخراً للوساطة وتقريب وجهات النظر مع إيران. وهو ما يعني مخالفة السياسة العامة لدول مجلس التعاون، الى جانب الإعتراف الضمني بدور طهران المركزي في المنطقة.

فمن الناحية الإقتصادية هناك العديد من المصالح المشتركة بين البلدين والتي يمكن أن تمتد أحيانًا إلى التنسيق السياسي حول بعض القضايا الإقليمية. فطهران وقعت صفقة استثمارات نفطية مع قطر بقيمة ٥٠ مليار دولار، كما أنها تشترك مع قطر في أكبر حقل نفطي في العالم وهو حقل الشمال الذي يحتوي على أكثر من ٥٠% من احتياطي الغاز الإيراني. وتشير تقارير اقتصادية أن إيران وقطر هما المنقذ الوحيد لمنطقة الخليج الفارسي من أزمات الغاز، بفضل الإحتياطات الضخمة التي يمتلكها البلدان. إضافةً إلى وجود إتفاق على تطوير حقل فارس الجنوبي حيث تم افتتاح خطين من خطوط الإنتاج في نفس الحقل في بداية عام ٢٠١٢.

أما من الناحية السياسية فإن لقطر سوابق في قيامها بلعب أدوارٍ سياسية تتفق مع الرؤية الإستراتيجية لإيران. فقطر كان لها دورٌ في دعم القضية الفلسطينية لا سيما في حرب غزة كما ساهمت في إعادة إعمار ما دمره العدو الصهيوني في حربه على لبنان في تموز ٢٠٠٦. وهو ما يعتبر أحد الأمثلة التي تميز قطر عن باقي الدول الخليجية سياسياً.

على الرغم من سعيها لتمتين علاقتها بواشنطن، من أجل إيجاد قوةٍ لدورها مقابل الرياض، لم تسع الدوحة للعداء مع طهران. فيما تجدر الإشارة الى أن محاولة التقرب القطري من إيران، تحتاج لمزيدٍ من العمل لناحية تحديد المواقف من العديد من القضايا الإقليمية. في وقتٍ يشجع فيه العديد من المراقبين، التقارب الخليجي مع إيران، لما في ذلك مصلحةٌ لشعوب المنطقة كافة. إلا أن هذا التقارب يبقى رهن السياسات العملية، فطهران تحتاج لمن يلتزم بمبادئ أرقى من شراء الدول بالمال، ليصل الى مقاربة مصالح الشعوب وجعلها الأولى. فيما تبقى إيران واضحة المبادئ تمد يدها للجميع.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق