التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

بركان الأقصى؛ إنتفاضة السكاكين أم هبّة شعبية؟ 

منذ بدء رأس السنة اليهودية تتسارع الأحداث في مدينة القدس المحتلة بإتجاه إنتفاضة ثالثة، حيث يسعى الكيان الإسرائيلي لبسط سيطرته الكاملة على المسجد الأقصى، في إطار مساعيه المتكرّرة لتهويده، وتقسيمه مكانياً وزمانياً بين المسلمين واليهود.

ملامح الإنتفاضة الثالثة والإعتداءات اليومية من المستوطنين والجيش الإسرائيلي على أبناء الضفّة الغربية، تأتي بعد فترة وجيزة من حديث العديد من الأطراف الفلسطينية والعربية عن صلح جدّي بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي، على غرار التنسيق القائم بين فتح وتل أبيب، حتى أن بعض الدول العربية عمدت إلى إستخدام سياسة العصا والجزرة في محاولة منها لترويض حركة حماس وجرّها بإتجاه صلح دائم مع الكيان الإسرائيلي.

الغريب أن بعض الأصوات الفلسطينية التي عانت كثيراً من الإعتداءات الإسرائيلية إنخرطت في هذا المشروع، رغم أنها رأت بأم العين كيف يعيش أبناء الضفّة جرّاء التنسيق القائم بين محمود عباس وسلطات الإحتلال، فهل نجح عبّاس في وقف الإعتداءات الإسرائيلية على أبناء الضفّة الغربيّة؟ وهل حدّ هذا التنسيق من الإستيطان الإسرائيلي؟

هناك جملة من الأسئلة لا بد من الإجابة عليها حتى يتّضح المشهد القائم على الأراضي الفلسطينية، فهل نحن اليوم على أبواب انتفاضة ثالثة؟ وهل إنتهاكات الاحتلال بحق الأقصى اليوم تفوق جريمة حرقه عام 1968، أو دخوله من قبل رئيس وزراء الإحتلال ارئيل شارون عام 2000؟ ماذا عن الوحدة الوطنية لشعب يرزح تحت الاحتلال منذ العام 1948؟ أين الدول العربية من هذه الإنتفاضة؟

إنتفاضة ثالثة
تساءل الكثيرون على مدى الأيام الماضية هل هذه نذر انتفاضة ثالثة للشعب الفلسطيني بعد الإنتفاضتين السابقتين 1987و 2000، خاصّةً أن الوضع القائم يعيد إلى الأذهان مشهدا مضى عليه 15 عاما في “انتفاضة الأقصى”. كثيرة هي التصريحات التي وجدت في الواقع القائم إنتفاضةً ثالثة، فقد قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، محمود الزهار إن فرصة حدوث انتفاضة ثالثة متوفرة وبصورة أشد من انتفاضة الأقصى، لكن القوات الأمنية للسلطة الآن أقوى مما كانت عليه في عام 2000.
ما يؤكد أن الامور تسير بإتجاه إنتفاضة ثالثة، هي تلك التصريحات التي طالعنا بها وزير المواصلات الإسرائيلية، يسرائيل كاتس، الذي هدّد بأنه من “شأن الاحتلال أن ينفذ اجتياحا بريا للضفة الغربية ومدنها على غرار الاجتياح البري عام 2002 الذي أطلق عليه “السور الواقي”، بمحاصرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وإنتهى وأضاف كاتس: “إذا اضطررنا، سنشن حملة “السور الواقي 2 وأسوار القدس” وتصعيد الخطوات، من أجل تعزيز الأمن للإسرائيليين”.

الفرص
هناك جملة من الفرص تسير بالمواجهات الحالية نحو إنتفاضة ثالثة، أبرزها:
أولاً: إقتناع أغلب أبناء الشعب الفلسطيني بأن الحل الوحيد للدفاع عن المسجد الأقصى ومنع المخططات الإسرائيلية هو أن يحمل أهل الضفة الغربية والقدس السلاح، لذلك لا يجب التغافل عن المخزون البشري الحقيقي في الضفة الغربية الذي يمكن أن يتحرك في أي لحظة.
ثانياً: إن الشبان الذين يقودون المواجهات الحالية، كانوا في آوخر الطفولة أو أول سن الشباب في إنتفاضة الأقصى عام2000، ولازالت ذاكرتهم ملئية بالإعتداءات الإسرائيلية، كما أن حجم المشاركة في العمليات الفردية واستهداف الجيش الإسرائيلي والمستوطنين تؤكد عزم الشباب على المواجهة.
ثالثاً: يدرك سكّان القدس أن الوضع اليوم لا يقل خطورة عن جريمة إحراق المسجد الأقصى في العام 1968، خاصةً أن مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى هو مقدّمة طبيعية لتدمير القدس وبناء الهيكل المزعوم.

التحديات
رغم وجود هذه الفرص، هناك جملة من التحديات تتربص أي إنتفاضة جديدة ضد سلطات الإحتلال، أبرزها:
أولاً: لن تسمح السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس باندلاع انتفاضة جديدة، وبالتالي لن نجد إجماع فلسطيني رسمي حول المضي قدماً فيها حتى النهاية. في الواقع، قد يحول التنسيق الأمني بين السلطة والكيان الإسرائيلي دون قيام أي انتفاضة جديدة.
ثانياً: غياب أي دور عربي فاعل تجاه القضية الفلسطينية وقضية القدس، والإعتماد على إستراتيجية “السلام خياراً عربياً وحيداً” في مواجهة سياسات الكيان الإسرائيلي.
إننا نعبر اليوم من فوهة بركان الإنتفاضة الثالثة عبر انتفاضة السكاكين في الاراضي المحتلة، والتي ستزلزل الأرض تحت أقدام الإحتلال كما يُبَشِّر البعض، لأن الشعب رغم كافّة التحديات لن يتخلّى عن طريق المقاومة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق