التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

السعوديون.. وهندسة الهزيمة 

في الوقت الذي تشهد فيه الأراضي السورية عملا عسكريا يحمل من السمات ما سيغير شكل السياسة العالمية، ويدفع نحو إعادة التهدئة في الشرق الأوسط خصوصا وفي العالم عموما لفترة زمنية لن تكون قصيرة بالمطلق.

وهو ناتج عن تلاقي التقنية الروسية، والخبرة العسكرية الإيرانية، مع الصمود السوري بوجه الحرب التي فرضت على البلاد منذ ما يزيد عن الأربع سنوات ونصف، في هذا الوقت يتحرك السعوديون نحو محاولة هندسة الهزيمة في سوريا وتجميلها بقدر الإمكان، علهم يتحصلون على نصر ولو من وهم، إلا أن التدخل العسكري الروسي المباشر في الأراضي السورية، يؤكد على إن الخيار الروسي الاستراتيجي المتمثل بالحفاظ على شكل الدولة السورية وجوهرها على ما هو عليه، وتعزيز هذه الدولة بما يلزمها لتحقيق النصر، هو خيار تذهب إليه بكل ما تملكه من طاقة سياسية وعسكرية بكون سوريا هي الامتداد الاستراتيجي للأمن القومي الروسي، ولأن الوعي الكبير الذي يملكه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يركز على هذه النقطة، فإن المنطق السياسي يفرض أن يعود وزير دفاع النظام السعودي بخفي حنين من سوتشي الروسية، فلا يمكن أن تساوم الحكومة الروسية على أمنها القومي.في المقلب الآخر، يعرف السعوديون إنه لايمكن اختراق القرار الإيراني الداعم لسوريا، وذلك لسبب يمس جوهر الثورة الإسلامية في إيران والقائمة على الفعل المقاوم للأطماع الاستعمارية والصهيونية في المنطقة، وإذا ما قرأ تاريخ الثورة المليئ بالتضحيات في سبيل المقدسات الإسلامية في فلسطين، ودعم المقاومة اللبنانية والعراقية، وصولاً إلى دعم سوريا في مواجهة العدوان الصهيوتكفيري، وبالتالي فإن على الرياض التي تحاول الظهور بصورة القوة الإقليمية المتحكمة بمسار الحدث في المنطقة، أن تفكر ملياً في الطريقة الصحيحة لتكسب هذا الدور، فالعلاقة التي باتت معلنة للرياض مع تل أبيب، وانصياعها المطلق للقرار الصهيوأميركي لن يقدم لها إلا المزيد من الارباك على المستوى الداخلي نتيجة لتنمية آل سعود للفكر التكفيري بما يساعد على تجنيد المزيد من الجهاديين في التنظيمات التي تمولها المخابرات الأميركية على غرار القاعدة وداعش، وتمويل هذه التنظيمات من قبل واشنطن أمر اعترفت به هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة وأكدته الكثير من التسريبات الإعلامية، لوثائق تؤكد هذه النظرية، ويعلم آل سعود جيداً إنهم يقامرون بمصير المملكة إذا ما قبلوا بتهدئة الملف السوري، فالمملكة إحدى الدول المرشحة لاستقبال موجة كبيرة من الجهاديين الفارين من الحرب في سوريا، وكنتيجة لانكشاف عورة الجيش السعودي في الحرب التي ورط السعوديون أنفسهم بها في اليمن، فإنهم يدركون ألا قوة حقيقة لديهم لمواجهة حرب تشبه الحرب المفروضة على سوريا، ولو في أبسط صورها، ومن الأكيد ان السعوديين يدركون تماما إن التحالف الصهيوأميركي سيترك الممكلة المتهالكة لمصيرها في مثل هذه الحالة، لكون هذا التحالف بحاجة ماسة لتحويل بقعة جغرافية من العالم إلى وطن قومي للتكفيريين للحفاظ على مشروع تقسيم الشرق الأوسط قائماً، لأن هذا التقسيم هو الضامن الوحيد لبقاء الكيان الإسرائيلي على قيد الوجود، من خلال تحويل المنطقة إلى جملة من الدول القائمة على ذات المبدأ العنصري الذي قام عليه الكيان الصهيوني.

ومن هذا المنطلق، نجد السعوديين خصوصا والخليجيين عموماً، هرولوا وسيهرولون نحو طرق باب موسكو لإخذ ضمانات تخرجهم من جملة الأزمات التي تمر بها المنطقة بأقل الخسائر الممكنة، ليكون ثمة تحول حقيقي في مسار الحدث السياسي في الشرق الاوسط بما يضمن بقاء آل سعود وسواهم من الحكام الخليجيين على عروشهم مهما بلغ الثمن أو أن يبقوا على إطالة الأزمة السورية من خلال الاستمرار بتسليح الميليشيات التكفيرية في سوريا والعراق، فالعروش بالنسبة للخليجيين أهم من كل الدم العربي .
المصدر : فارس

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق