التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

إيران ومبادرة الحوار مع الدول العربية: بين الشعور الإيراني بالمسؤولية وقرار العرب المُنتظر 

تسعى إيران ومن ضمن سياساتها القائمة على الحوار، الى مد اليد للدول في المنطقة من أجل التحاور فيما يخص المصالح المشتركة. لكن وعلى الرغم من أن العديد من الدول العربية ومنها الخليجية، ترحب بالتقارب مع طهران، فإن السياسة التي انتهجتها الرياض من خلال إدارتها لمجلس دول التعاون، أرست واقعاً يساهم في المزيد من الشرخ. فيما يبقى على الدول العربية أن تحدد موقفها، خصوصاً بعد أن أصبحت الكرة في ملعبها. فماذا في تصريحات وزير الخارجية الإيراني في هذا الخصوص؟ وكيف يمكن قراءة دلالاتها؟

تصريحات وزير الخارجية الإيراني:

أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظریف بأنه يجب الوقوف عند حقیقة وهي أن ايران والتي استطاعت التوصل الی اتفاق مع دولٍ کبری بعیدة، تستطیع التوصل الی اتفاق مع الأخوة العرب. وأضاف وزیر الخارجیة الإیراني خلال استقباله رؤساء تحریر الصحف العربیة بأنه يجب زيادة النشاط الإعلامي فی الساحة العربیة فيما يخص الخطر الدائم الذی یهدد المنطقة أجمع لا سيما ایران والسعودیة والعراق. مؤكداً أن أمن السعودیة یعتبر مهماً بالنسبة لإيران، متمنياً حكام الرياض ادراك هذه الحقیقة. وفي معرض حديثه عن أهمية التحاور بين إيران والدول العربية، أشار الى أن الإسراع في الإلتقاء يساهم في مواجهة الخطر، مبدياً استعداد طهران لمد ید العون لکل الأشقاء والأصدقاء فی مکافحة الإرهاب. ولفت الی أن طهران اقترحت حوار الحضارات، وهذه المبادرة لا تسعى لإلغاء دور الآخرین، فيما يسعى الآخرون لإلغاء دور إيران المركزي.

وفی معرض حديثه حول الصراعات المذهبیة والطائفیة والأهلیة فی المنطقة، والحروب بالوکالة کما یحصل فی الیمن وبلاد أخری، شدد وزیر الخارجیة الإیراني علی أن أولی أولویات طهران هي تطویر العلاقات مع بلدان المنطقة، مشدداً على أن إيران والعرب هم في سفینة واحدة في المنطقة، ولا توجد لدی إیران سفینة تخصها وسفینة أخری تخص العرب. ولا بد للإلتقاء والتحاور حول المستقبل المشترك الذي يخص الأمة بأسرها. لأن “غرق السفينة” على حد تعبيره سيجعل الآخرين یقفون علی الشاطئ ویصفقون.

قراءة في الدلالات:

على الرغم من موقعها الإقليمي والدولي، تسعى إيران لأجل التلاقي مع الآخرين وهو الأمر الذي يدخل ضمن مسار سياستها المعهودة. وهنا نُشير للتالي:

– رمى وزير الخارجية الإيراني الكرة في ملعب الدول العربية. فالجميع يعرف أن إيران كانت دائماً على استعداد من أجل التحاور مع الجميع. وهو الأمر الذي أعلنت قطر والكويت وعمان ترحيبها به. لكن بعض الدول الأخرى كانت تسعى لمنع حصول ذلك من خلال كيل الإتهامات لإيران إما بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول أو اتهامها بعمليات تخريبية. وهذا ما يمكن القول أنه كان ميزة السياسة التي انتهجتها الدول الخليجية الأخرى والتي كانت تسعى دائماً لمنع تقرب الدول العربية من إيران.

– وفي هذا الخصوص نقول أن الرياض كانت تتمايز دوماً في موقفها تجاه إيران، ولكنها لم تستطع إيجاد حالةٍ مُقنعة بالعداء لطهران لا سيما لدى العديد من الدول الخليجية، على الرغم من محاولاتها الدائمة لمنع أي تقارب. وهو الأمر الذي تفاقم اليوم جراء سياسات الحكام الحاليين للسعودية والذين أوجدوا حالة من الشرخ بين الدول العربية، لا سيما نتيجة سياسات الرياض الظرفية والبعيدة عن التخطيط الإستراتيجي فيما يخص المصالح العربية المشتركة. كما أن السعودية لا تتعاطى مع ملفات المنطقة بالمرونة المطلوبة. فحادثة منى الأخيرة والتي لقيت سخط جميع الدول الإسلامية ومنها إيران والعديد من الدول الخليجية، لم يرق فيها التعاطي السعودي لمستوى احترام مشاعر الشعوب الإسلامية والسياسة الخارجية للدول.

مرةً جديدة تسعى طهران من أجل الإلتقاء والتحاور. فمصالح الأمة الإسلامية تقع في أولوياتها، والتي تعتبرها طهران أهم من المشاكل الصغيرة الآنية. فيما يبقى على الدول العربية مهمة تحديد موقفها، في ظل تفاوتٍ واختلافٍ في الرؤى، حول الموقف من العلاقة بإيران. فالدولة التي انهكت الدول العربية الأخرى في سياساتها القصيرة النظر، لم تعد تمثل بإعتراف الجميع مرجعيةً لأحد. فيما يُدرك الجميع أن موقع طهران المتميز وقدرتها على فرض نفسها على الساحة الإقليمية والدولية، يجعلها قادرة على لعب دورٍ فعال يصب في مصالح الدول في المنطقة كافة. فكيف ستكون ردة الفعل العربية تجاه المبادرة الإيرانية؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق