التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

لماذا يحاول الكيان الإسرائيلي التقرب من اليونان؟! 

بعد الأزمة الاقتصادية والمالية الحادّة التي عانت ولازالت تعاني منها اليونان والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة سعى المسؤولون في هذا البلد بكل جهدهم للتخلص من أعباء هذه الأزمة دون الرضوخ للشروط القاسية التي وضعتها دول الاتحاد الأوروبي التي حاولت استغلال هذا الظرف والتصيد بالماء العكر لتحقيق مصالحها.
كما سعى الكيان الإسرائيلي الى توظيف هذه الفرصة لتحقيق أهدافه العسكرية والاقتصادية والسياسية في اليونان وعموم منطقة شبه جزيرة البلقان.

ووجدت تل أبيب الأرضية مهيئة أمامها للعب دور متميز في اليونان بسبب ترحيب الحكومة اليسارية التي تتولى زمام الأمور في هذا البلد بتوسيع علاقاتها مع هذا الكيان في شتى المجالات لوجود مصالح مشتركة يمكن تحقيقها من خلال هذه العلاقات.

فاليونان تسعى لحل أزمتها الاقتصادية من جانب، وتقوية قدراتها العسكرية من جانب آخر، لحفظ توازن القوى مع تركيا التي تمثل الغريم والمنافس التاريخي والجيوسياسي لها فيما يتعلق بجزيرة قبرص رغم المفاوضات التي أجراها الجانبان خلال السنوات القليلة الماضية لتخفيف حدّة التوتر فيما بينهما في هذا المجال، في حين يسعى الكيان الإسرائيلي للاستفادة من الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به اليونان لقربها من مياه بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط لتحقيق عدة أهداف يمكن تلخيصها بما يلي:
1- إقامة تحالف عسكري استراتيجي مع اليونان وتوسيع نفوذ الكيان الإسرائيلي في هذه المنطقة للاستعاضة عن تحالفه مع تركيا في حال تعرضت العلاقات بين تل أبيب وأنقرة الى القطيعة أو شابها ما قد يؤدي الى زعزعة هذه العلاقات نتيجة أي تطورات محتملة ليست في الحسبان. ولهذا قام الكيان الإسرائيلي بتقوية علاقاته العسكرية مع اليونان خلال السنوات الأخيرة ونفذ الجانبان مناورات مشتركة في مياه البحر المتوسط والجزء الغربي من بحر إيجة. وكان من نتائج هذا التقارب أن وفّرت اليونان مخرجاً لعزلة الكيان الإسرائيلي، ومجالاً جوياً لتدريب طياريه، كما يمكن أن تكون زبوناً لصناعاته العسكرية في المستقبل.
2 – يسعى الكيان الإسرائيلي من خلال تقوية علاقاته الاقتصادية مع اليونان للتعويض عن خسائره التي نجمت عن مقاطعة العديد من دول الاتحاد الأوروبي لبضائعه بسبب استمراره ببناء المستوطنات في الاراضي الفلسطينية المحتلة التي تنتهك القوانين الدولية وبسبب مواقفه المتشجنة والمتعنتة ازاء مفاوضات التسوية مع السلطة الفلسطينية. وتحاول تل أبيب الايحاء عبر وسائل الاعلام التابعة لها بأن اللوبيات الاقتصادية اليهودية التي تنشط في أوروبا وأمريكا تعتزم تنفيذ مشاريع استثمارية في اليونان في مختلف المجالات بهدف استمالة الشعب اليوناني وترغيبه بالاصطفاف الى جانب حكومته التي رحبت بهذا الاعلان للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.
وتنشط سفارة الكيان الإسرائيلي في أثينا للتأثير على الرأي العام اليوناني من خلال إقامة بعض الندوات التي تروج لأفكار التقارب بين الجانبين، كما تحاول الضغط والتواصل مع الصحفيين والكُتّاب لعدم انتقاد انتهاكات كيان الاحتلال واعتداءاته ضد الشعب الفلسطيني، ويدور في هذا الفلك مجموعات من العسكريين السابقين الذين تربطهم مصالح بتل أبيب.
3 – يسعى الكيان الإسرائيلي الى كسب اليونان الى جانبه للاستفادة من مواقفها السياسية في المنظمات الدولية لاسيما الأمم المتحدة لمنع الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المغتصبة ومواجهة المجتمع الدولي الذي يطالب الكيان الإسرائيلي بالكف عن جرائمه الوحشية ضد الفلسطينيين والاستجابة لحقوقهم المشروعة التي أقرتها القوانين الدولية.

ويعتقد معظم المراقبين أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها اليونان المرهقة بالديون والمهددة بالإفلاس والتي وجدت نفسها مضطرة للدخول في تحالفات مع الكيان الإسرائيلي تشكل العامل الاساسي الذي يسعي هذا الكيان لاستغلاله لتحقيق أهدافه الأمنية والعسكرية والسياسية من وراء تطوير علاقاته مع هذا البلد، ولكن رغم ذلك لايمكن أن تعوّض هذه العلاقات أي خسارة محتملة في مختلف الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد في حال ساءت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب لأي سبب كان وفي أي وقت من الأوقات، ليس هذا فحسب؛ بل يرى الكثير من المحللين أن من مصلحة الكيان الإسرائيلي زيادة التوتر بين اليونان وتركيا والتحكم فيه بما يخدم مصالحها، بحيث تظهر أنها الحليف الضروري والحامي لليونان، جازمين في الوقت ذاته بأن تل أبيب لن تساند أي من البلدين في أي صدام محتمل.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق