الخلافات والتحالفات الجديدة في افغانستان
قبل حوالي شهر ونصف من الان شهدت افغانستان تكرار سيناريو التحالفات والخلافات بين الاحزاب والحركات السياسية وقد اعلن في كابول عن تشكيل “مجلس الاحزاب الجهادية والوطنية في افغانستان” بمشاركة قادة 8 احزاب سياسية رئيسية وقيل ان الهدف من تشكيل هذا المجلس هو ايجاد الوحدة بين الاحزاب الجهادية، فما هو هذا المجلس الجديد وعلى ماذا يدل تشكيله؟
يضم هذا المجلس شخصيات مثل “صبغة الله مجددي – سیداحمد كیلاني – کریم خلیلي – احمد ضیاء مسعود – محمد امین وقاد – عبدالحکیم منیب – السید حسین انوري – حاجي دین محمد – قطب الدین هلال – انوارالحق احدي”، وقيل ان هذه الشخصيات قد توحدوا بعد مفاوضات جرت بينهم و بين الرئيس اشرف غني ومستشاريه وان هذه الشخصيات هي من الشخصيات الداعمة للرئيس اشرف غني رغم اعلان سخطهم من فشل حكومة الوحدة الوطنية في ارساء الامن والاستقرار ومكافحة الفساد وتأكيدهم بأن هدفهم هو ارساء السلام والاستقرار الحقيقيين ومكافحة الفساد، لكن المراقبين قد اكدوا ان هذه الشخصيات ينتمون بشكل أو آخر الى القصر الجمهوري.
ويقول هؤلاء المراقبون ان الرئيس اشرف غني لم يستطيع تسجيل انتصار كبير حتى الان في قضية مكافحة الفساد في بلاده وان عمله في هذا المجال اقتصر فقط على قضية الفساد في “بنك كابول” وسعيه لجذب المساعدات الاجنبية كما لم يقدم اشرف غني وحكومة الوحدة الوطنية استراتيجية واضحة لارساء السلام والامن ومكافحة الارهاب في البلاد في وقت تتعمق الخلافات داخل هذه الحكومة يوما بعد يوم.
ان الخبراء يؤكدون بأن الشخصيات التي اجتمعت في هذا المجلس الجديد هي شخصيات انتهت صلاحيتها منذ زمن بعيد وانها لاتنتمي ابدا لجبهه الجهاد والمجاهدين ولايمكن لها ان تكون مؤثرة في البلاد لأنها تفتقر الى القدرة على القيادة وتشكيل تيارات مستقلة كما ليس لهولاء برنامج واضح.
ان الانتخابات الرئاسية التي شهدتها افغانستان تخللتها شوائب كثيرة وفي الحقيقة تم تعيين اشرف غني رئيسا بدلا عن انتخابه ولذلك يمكن القول انه لايحظى بدعم شعبي ولذلك يحاول ايجاد داعمين سياسيين وحزبيين لنفسه واستغلال اسم الجهاد والمجاهدين في وقت ازدادت الخلافات بينه وبين قادة المجاهدين الحقيقيين امثال الجنرال دوستم الذي كان يعتبر من حلفائه.
وهناك احتمال بأن يكون اشرف غني يسعى عبر ايجاد احزاب وحركات جديدة الى التأثير على اداء الاحزاب والحركات المعارضة له وقد قيل مؤخرا في كابول ان هناك حركة سياسية جديدة ستظهر في افغانستان بقيادة محمد يوسف قانوني وسياف وهذا ما لم يرق لحكومة الوحدة الوطنية خاصة بعد التسريبات التي تحدثت عن مفاوضات بين الرئيس السابق حامد كرزاي وهذه الحركة الجديدة.
ان الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي في افغانستان أحيت آمال الشعب الافغاني في ايجاد تغييرات اقتصادية وامنية وثقافية واجتماعية وقد شارك قسم كبير من الشعب الافغاني في تلك الانتخابات بسبب هذه الآمال لكن الخلافات التي ظهرت اثناء تلك الانتخابات وبعدها قضت على آمال هذا الشعب، وقد دفع التدهور الامني والاجتماعي في افغانستان الكثير من مؤسسات الاغاثة الدولية التي كانت تعمل في افغانستان الى وقف نشاطاتها ومغادرة البلاد كما ترك الكثير من اصحاب الرساميل والاستثمارات هذا البلد بسبب سوء الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية ويضاف الى هذا ايضا تراجع الدعم المالي الامريكي والغربي لافغانستان وتحويل انتباه المجتمع الدولي من افغانستان نحو سوريا والعراق والاخفاق في مفاوضات السلام مع طالبان وهكذا لم تستطع الحكومة الافغانية الجديدة ان تخطو خطوة نحو الامام بل انها بددت بعض ما انجزته حكومة حامد كرزاي خلال الاعوام الـ 13 الماضية.
وتحكي الطوابير الطويلة امام مراكز اصدار جوازات السفر في افغانستان قصة مريرة وهي فقدان قسم كبير من المجتمع الافغاني أملهم بمستقبل البلاد ويقينهم بعدم حصول تغيير كبير في المستقبل ومعاناتهم من تفاقم الازمة الامنية وتفشي الفقر والبطالة، وقد حذر الخبراء ان افغانستان تشهد الان “الموجة الثالثة” للهجرة.
ان سيناريوهات الخلافات والتحالفات السياسية بين الاحزاب والحركات الافغانية هي قصة قديمة ومكررة ومن السذاجة ان نعتقد بأن الاعلان عن تشكيل جبهات واحزاب واطراف سياسية جديدة سيغير الاوضاع في افغانستان لأن قسما كبيرا من مشاكل هذا البلد سببها اداء الاطراف الداخلية التي تدين بالولاء للخارج حسب مصالح القوى الاستعمارية.
المصدر / الوقت