حزب النور السلفي؛ بين فوز الأمس وهزيمة الیوم
بعد فرز آراء الناخبين المصرريين في المرحلة الاولی من الإنتخابات البرلمانية، خيمت خيبة أمل كبيرة علی قيادات حزب النور السلفي، بسبب الهزيمة المدوية والصادمة التي مني بها الحزب في هذه الإنتخابات. وبعد ما تبيين أن الحزب لم يتمكن من دخول البرلمان القادم حتی بعضو واحد، بناءً علی نتائج هذه الإنتخابات، بدء حزب النور يثير الإتهامات ضد حكومة السيسي ويصعد من لهجته الإنتقادية و تشكيكاته حول نزاهة الإنتخابات. وتاتي هذه الهزية المريرة لحزب النور، بعد ما کان الحزب حاز في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها البلاد في عهد الرئيس المصري المعزول «محمد مرسي»، علی 22 في المئة من مقاعد البرلمان السابق. حيث بات حزب النور يری نفسه الیوم خارج اللعبة السياسية، حتی صار الحزب لم يجد أية وسيلة لتبرير هزيمته سوی اللجوء الی التشكيك في نزاهة إجراء الإنتخابات. إذن بعد هذه الهزيمة المدوية، كيف سيكون مستقبل حزب النور السلفي في المجتمع المصري، خلال المرحلة القادمة؟.
وفي ظل هذه الهزيمة التي مني بها السلفيين، بات الكثير من المتابعين يتنبأ بان السلفيين المتشددين من المحتمل أن يتجهوا نحو ممارسة العنف والتصرفات الإرهابيية في البلاد. وباتت العديد من وسائل الاعلام المصرية تكتب عن احتمالیة تعاون السلفيين مع الجماعات المتطرفة في سيناء ضد الجيش وقوات الأمن المصرية، لاعتقادهم أن حكومة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» ساهمت في هزيمتهم الإنتخابية. حيث أن المفاجأة الكبيرة التي هزت أركان حزب النور كانت متمثلة في خسارة الحزب للإنتخابات في معاقله التقليدية مثل الإسكندرية والبحيرة. في ما قال «سامح عبدالحميد» القيادي بالدعوة السلفية، بعد هزيمة حزب النور، «لقد صدق أناس كثيرون أننا خونه وعملاء ومتورطون في الدماء».
وبعد هذه الهزيمة لم يتبق أمام رموز حزب النور السلفي، سوی اغلاق هواتفهم أمام الاعلاميين والبدء في بث الاتهامات يمينا وشمالا ضد خصومهم عبر مواقع التواصل الإجتماعية. حيث قال «يونس مخيون»، رئيس حزب النور، في حديث لجريدة الاخبار: «نشكّك بقوة في نزاهة الانتخابات». وفي غضون ذلك دعی «صلاح عبد المعبود»، المتحدث باسم حزب النور، علی حسابه في موقع «فيسبوك»، مؤيدي الحزب الی عدم الانكسار أمام الهزيمة التي أصابتهم في الانتخابات وکتب قائلا: «يا شباب النور.. لا تنزعجوا، فالله عنده الخير». وفي ظل هذه الاحداث، وجهه الامين العام لحزب النور، «جلال مرة» اتهامات حادة للنظام الحاكم بقيادة السيسي، متهما اياه بالسعي لاعادة إنتاج برلمان عام 2010، والرجوع الی عهد ما قبل ثورة الـ25 من يناير.
وبالاضافة الی هذه التبريرات التي تسوق لها قيادات حزب النور لتبرير فشلها الذريع في الانتخابات، باتت تدعي هذه القيادات أن حزب النور تعرض الی هجمة تشويه واسعة من قبل خصومه عبر مختلف الفضائيات، وحتی التي تديرها الحكومة المصرية. وفي هذا السياق يزعم حزب النور أن المال السياسي الذي تلقته بعض الاحزاب الاخری، كان له دور أساسي في تحريض الشارع المصري علی عدم التصويت، لحزب النور. وتاتي هذه التشكيكات من قبل قيادات حزب النور، في حين أن الكثير من المراقبين، يتهم الحزب بتلقي أموالا طائلة من قبل السعودية، منحت له بهدف شراء أصوات تلك الفئة من الناخبين، الذين لا تهمهم نتيجة الإنتخابات ومصلحة البلاد.
ومع الاخذ بعين الاعتبار بنتائج المرحلة الاولی من الانتخابات البرلمانية والتي لم يصوت خلالها الشارع المصري، لاي من حوالی 120 مرشحا سلفي ينتمون لحزب النور، صار واضحا أن التوقعات السابقة التي كانت تتنبأ، أن حزب النور سيحل محل جماعة الاخوان المسلمين، لم تكن توقعات في محلها، بل أنها غير دقيقة. ووفقا لهذه النتائج التي جاءت بها الانتخابات البرلمانية المصرية في المرحلة الاولی، يمكن القول أن البرلمان المصري القادم بات خال من الإسلام السياسي.
وبعد هذه الهزيمة المدوية التي مني بها حزب النور السلفي في الجولة الاولی من الإنتخابات البرلمانية، انكشفت جميع الادعاءات الزائفة التي كان يروج لها هذا الحزب، بانه يتمتع بمكانة سامية في المجتمع المصري وهو الوريث الوحيد لجماعة الاخوان المسلمين. وتبيين أن المجتمع المصري يرفض السلفيين، لتشددهم، رفضا تاما. هذا الرفض لا يستهدف العنصر البشري في حزب النور، إنما يستهدف برامج هذا الحزب ورؤيته، البعيدة عن متطلبات العصر، لرسم مستقبل البلاد.
وفي سياق هذه الإنتكاسة التي أصابت حزب النور في المرحلة الاولی من الانتخابات البرلمانية، تحاول الحكومة المصرية، عدم إثارة غضب وانزعاج قيادات هذا الحزب، لتفادي رد فعلهم السلبي بسبب هزيمتهم، وكذلك لقطع الطريق علی قيادات حزب النور لعدم الإنضمام الی جماعة الاخوان المسلمين من جديد. ولهذا سمعنا علی سبيل المثال، مدير مركز الاهرام للدراسات السياسيه والاستراتيجيه «ضياء رشوان»، يقول أنه «يجب أن نحيي حزب النور علی التزامه بالقانون في الانتخابات»، رغم خسارته فيها.
إذن بعد هذه الهزيمة التي مني بها حزب النور في المرحلة الاولی من الانتخابات البرلمانية، فقد انطوت صفحة الماضي من الانتخابات البرلمانية، التي جرت عام 2011، والتي فاز فيها حزب النور بنسبة 22 في المئة من مقاعد البرلمان، ولهذا فعلی حزب النور اليوم الإعتراف بجمیع أخطائه بعد ما أصبح منبوذا من قبل الشارع المصری والنظام الحاكم وكذلك كبار التيارات المعارضة، وعلی رأسها جماعة الاخوان المسلمين. ولهذا بات الکثير یعتقد أن رصيد حزب النور السلفي في المجتمع المصري صار يعادل «الصفر».
المصدر – الوقت