من المستفيد من اذكاء الصراع “العربي-الإيراني”؟
تسعى الدول الغربية الكبرى من أمريكا و بريطانيا و من خلفهم الكيان الإسرائيلي الى تحويل الصراع في منطقة الشرق الأوسط من صراع عربي – إسرائيلي إلى صراع عربي – ايراني، وليس خفياً على أحد بأن هذا الصراع الذي تشيعه أمريكا وحلفاؤها متزايد هذه الأيام في المنطقة العربية، وهو الذي يصب في مصلحة العدو الأول للأمة العربية والاسلامية وهو الکیان الإسرائيلي. فمنذ سنوات عديدة والكلام عن الصراع العربي – الإسرائيلي خرج عن تاريخه المعهود واستبدل بصراع عربي- ايراني.
التوجه العربي بين الماضي و الحاضر
لم يعد عرب “عبدالناصر” و”الشريف حسين” و”الملك فيصل” وغيرهم كما كانوا عليه في السابق. فبعدما كان عبد الناصر يقاتل حتى الشهادة في حرب تشرين من اجل تحرير البلاد العربية من الاحتلال الاسرائيلي، انتقل السادات ليتفق مع الكيان الإسرائيلي وثم مبارك لبناء علاقات دبلوماسية مصرية -اسرائيلية، وبعدما اخرج الشريف حسين والملك فيصل الاحتلال التركي من الدول العربية اصبح الامير السعودي اليوم سلاحا اسرائيليا-امريكيا يضرب الحكومة السورية الممانعة، والشعوب العربية اليمنية والبحرینية، وأصبح الداعم الأساس للارهاب في جميع الدول العربية الممانعة للمشروع “الصهيوني السعودي الأمريكي” في المنطقة.
وقد ازداد هذا الصراع وتجلى في الايام الماضية ليبرز جلياً في تصرفات وتصريحات وزيري الخارجية السعودية والقطري في محادثات فيينا، وفي حرب السعودية على اليمن وقمع الشعوب المظلومة الفقيرة المنادية بالحرية في البحرين واليمن والعراق وليبيا ومصر وغيرها من البلدان. الأسئلة التي تتبادر الى الأذهان سريعاً هي أنه هل اصبحت السعودية سلاحاً امريكياً-اسرائيلياً يحارب به الغرب الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحور الممانعة في المنطقة؟ ومن هي القوى المستفيدة من تحوّل الصراع من صراع عربي-اسرائيلي الى صراع عربي- ايراني ؟ ولماذا يسلط الاعلام الغربي الضوء على هذه القضية؟
مخاوف انتشار النموذج الديمقراطي الإيراني
الواضح من التاريخ الحديث ان الصراع العربي – الإيراني يكتسب وضوحاً لم يكن ظاهرا قبل الثورة الاسلامية الإيرانية. وأصبح من الواضح ايضا ان أطرافا عربية قد أضاعت البوصلة ولم تعد تفرق بين الصديق والعدو، فالكثير من الدول العربية اعتبرت ايران العدو الأساسي في المنطقة مع أنّ ايران حملت وما زالت تحمل القضية الفلسطينية و القضايا العربية على رأس أولوياتها وتدعمها بشتى الطرق والوسائل. لكن على ما يبدو فإن بعض الدول العربية الخليجية وعلى رأسها السعودية تعاني من “ايران فوبيا” الذي يحاول الغرب بثه في المنطقة، وذلك للحد من “الدور الايراني” في المنطقة العربية، ودفعها للتخلي عن مبادئها والجلوس مع العدو الأساسي للأمة الاسلامية المتمثل بالكيان الاسرائيلي، حيث ذكرت صحيفة معاريف الاسرائيلية أن وفداً اسرائيلياً قد زار السعودية مؤخرأ لمناقشة الخطر الايراني على البلدين، وتابعت الصحيفة أن الطرفين قد وضعا الخطط لأجل قطع “يد ايران” الداعمة للمستضعفين في المنطقة والمقاومين للکيان الإسرائيلي، وذلك باستهداف كل دول الممانعة لوجود الكيان الاسرائيلي في المنطقة واضعافها وتفكيكها كاستهداف سوريا والعراق والمدنيين في اليمن وفلسطين.
تحويل الأنظار عن العدو الأساس للأمة
ما يحدث من إنقسامات خطيرة على اسس “طائفية أو مذهبية” تتمثل في الصراع “العربي – الايراني” في الشرق الأوسط يقودنا إلى البحث عن من يكون المستفيد الحقيقي من إذكاء هكذا إنقسامات وصراعات ذات صبغة دينية أو مذهبية؟
ومن خلال قراءة ما جرى للمنطقة المعنية بالأحداث في ماضينا القريب، نقول إن مصيبتنا (كمسلمين وعرب) بدأت منذ عام 1918 التاريخ المشؤوم، حيث قامت بريطانيا وحلفاؤها آنذاك بخلق غدة سرطانية اسمها الكيان الإسرائيلي في فلسطين، وبالنظر الى ما ذكر سابقا يتضح لنا أنّ الكيان الإسرائيلي هو المستفيد الأول من هذا الصراع والحروب الداخلية في المنطقة. فمشروع هذا الکيان يتحقق، والدول العربية التي من حوله تتفكك وتتقاتل فيما بينها دون أي ثمن، وهو الذي كان يدفع الأثمان الباهظة في السابق من أجل اضعاف الدول المحايدة والممانعة لوجوده. أما المستفيد الثاني من هذا الصراع فهو الدول الغربية كأمريكا وبريطانيا والتي سحبت جنودها من العراق واستبدلتهم بالارهابيين المدعومين من السعودية عن طریق حرب بالوکالة. كما تستفيد الدول الغربية اقتصادياً أيضا عبر سرقة النفط العراقي بأقل الأثمان.
آلية اذكاء الصراع
ولتحقيق هذا الصراع أخذت وسائل الاعلام الداعمة للمشروع “الصهيو سعودي أمريكي” بنشر أكاذيب وأقاويل بأن ايران تسعى الى الانتقام من العرب بسبب حرب العرب والفرس في القادسية، وهي تقوم بإرسل السلاح الى البحرين والكويت من أجل زعزعة الاستقرار ونشر الفتنة في البلاد العربية والاقتتال فيما بين الشعوب العربية. هذه الاتهامات قوبلت بالرفض من قبل ايران، التي طالبت الدول التي اتهمتها بنشر التقرير الذي يتناول ارسال ايران للسلاح ولكن لم ولن تنشر هذه الدول التقرير لانه ليس له أساس من الصحة.
خلاصة القول، من الواضح ان السعي الايراني لمساعدة حركات المقاومة في كل من لبنان وفلسطين واليمن وسوريا، الممانعة في منطقة الشرق الاوسط، لا تروق للسياسة السعودية الأمريكية الخارجية الساعية لحماية المصالح الاسرائيلية في المنطقة. لذلك كان السعي السعودي المدعوم من أمريكا للوقوف بوجه القدرة الايرانية لكي لا تصل ايران الى قدرة تجعلها المحرك الاساسي لدول الشرق الاوسط، فهل تستطيع السعودية الوقوف بوجه تطور القدرات الايرانية المتسارعة؟
المصدر / الوقت