للمشاركين في إجتماع فيينا الثاني: الشعب السوري هو من يقرر مصيره
هنالك الكثير من الدول وتاتي في مقدمتها إيران، تشكك بمصداقية أمريكا وفرنسا ودول اخری مثل تركيا وقطر والسعودية، في مايخص مساعي هذه الدول للعمل علی إنهاء الأزمة في سوريا. كيف يمكن أن نصدق أن أمريكا صادقة في جهودها لإنهاء الأزمة في سوريا، في حين نسمع وزير خارجيتها «جون كيري» يتحدث قبل أيام، بان واشنطن ستستمر بدعم الجماعات المسلحة في سوريا، بالمال والسلاح. جميع الدول التي اجتمعت الیوم في فيينا تعرف جيدا أن شريحة كبيرة من الجماعات المسلحة التي تقاتل في سوريا، قد دخلت الی هذا البلد من الخارج، وهي لا تمت بصلة للشعب السوري، فلماذا تريد واشنطن دعمها ولا تسمح بالقضاء علیها والتي جاء عناصرها من الشيشان واوروبا وأفغانستان وتونس ودول اخری؟ إذن كيف يمكن للمشاركين في إجتماع فيينا الثاني أن يلبوا طموحات الشعب السوري، ويتداركوا اللعب في مصير السوريين؟
الشعب السوري لا يتوقع الكثير من المجتمعين في فيينا، سوی دعم الحكومة السورية للقضاء علی داعش والمجموعات المسلحة الاخری التي لا تؤمن بالانتخابات والمسار الديمقراطي. ما شهدته باريس يوم امس من هجمات إرهابية راح ضحيتها المئات من الأبرياء، يتكرر يوميا في سوريا ومنذ حوالي خمسة أعوام. فلماذا تدين فرنسا وامريكا مثل هذا العنف في باريس وتدعمه في دمشق وبغداد وبيروت ومناطق اخری في المنطقة. الرئيس السوري «بشار الاسد» والذي تجتمع ١٩ دولة ومنظمة دولية في فيينا لمناقشة إنهاء الأزمة في بلاده، وفي معرض رده علی الهجوم الذي تعرضت له العاصمة الفرنسية، باريس، قال ان الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس لا يمكن فصلها عما وقع في العاصمة اللبنانية بيروت مؤخرا وما يحدث في سورية منذ خمس سنوات. إذن لماذا الإرهاب في فرنسا، مدان وفي دمشق وبيروت، غير مدان؟
وزير الخارجية الإيراني «محمد جواد ظريف»، استبعد أن تتوصل المحادثات الجارية في فيينا، الی نتائج جدية لإنهاء الصراع في سوريا ووقف الإرهاب، معلنا أن «الأميركيين غير جادين وغير موضوعيين» للتوصل الی نتائج إيجابية لانهاء الأزمة في سوريا. إذن، إذا ما كانت امريكا باعتبارها الدولة الاكثر تاثيرا في الأزمة السورية، هي غير جادة لمساعدة السوريين علی إستعادة أمنهم، حسب وجهة نظر إيران، فكيف يمكن أن نتوقع أن مثل إجتماعات فيينا، يمكنها أن تنقذ سوريا والمنطقة من الإرهاب. لا يمكن للإجتماعات أن تحل الأزمة في سوريا، بل إيقاف دعم المجموعات الإرهابية ومن ثم ضربها بيد من حديد كما تفعل هذه الايام روسيا، هو ما سوف يحل أزمة الإرهاب في سوريا. وفي هذا السياق نسأل مرة اخری، كيف يمكننا أن نتصور أن داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرها من مجموعات إرهابية، يمكن القضاء علیها، في حال لازالت تركيا تشتري النفط من هذه المجموعات، وتستمر قطر والسعودية بدعمها مالیا، وكذلك فرنسا وامريكا لازالت تقدم لها الدعم التسليحي.
إن لم يكن المجتمون في إجتماع فيينا الثاني يعرفون ما هو الحل لانهاء الأزمة في سوريا، فان الشعب السوري يعرف ذلك جيدا. الشعب السوري يريد استعادة الامن والهدوء لبلاده، ووقف الصراع المسلح الذي تشنه المجموعات المسلحة علی البلاد، ولم يتحقق ذلك إلاّ من خلال عملية سياسية تنخرط فيها جميع المكونات السياسية السورية، وعلی حد سواء، تلك التي تدعم النظام والتي تعارضه سياسيا. لكي يتسنی بعد ذلك إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية، نزيهتين وشفافتين، وبمراقبة اقليمية ودولية لضمان سلامة هذه الإنتخابات. ومن ثم فعلی الجميع القبول بنتائج هذه الإنتخابات حتی إن لم تكن وفقاً لما تشتهيه بعض الاطراف المشاركة فيها، او بعبارة اخری فعلی الذين سيخسرون الإنتخابات، القبول بنتائجها وعدم الطعن بها ما لم تُرتَكب هنالك أي مخالفة قانونية.
إذن فاننا لا نعتقد أن الدول الغربية مثل أمريكا وفرنسا وحلفاؤها الاقليميين مثل السعوديين والقطريين والاتراك، لا يعرفون ما هو الحل الجذري لإنهاء الأزمة في سوريا، لكن المشكلة تكمن هنا أن هذه الاطراف لها أجندة خاصة لا تتماشی مع هذا الحل، والذي كما قلنا يتمثل في إنهاء الصراع المسلح وإجراء الإنتخابات في سوريا. وبناءً علی هذا، فعلی جميع الدول المشاركة في إجتماع فيينا الثاني، أن تقدم مصلحة الشعب السوري وكذلك مصلحة المنطقة، علی أي اعتبارات اخری، إن كانت حقا تريد التوصل الی حل ينهي الصراع في سوريا، وإلا فاننا سنشهد العديد من الإجتماعات، دون أن تخرج بنتائج ايجابية لوقف اراقة الدماء في سوريا.
المصدر / الوقت