التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

محافظ البنك المركزي: مغالطات حول السياسة النقدية من مغرِضيِن وأصحاب مصالح 

اقتصاد – الرأي –
أكد محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، قيام البعض من غير المختصين، بإطلاق تصريحات بشأن السياسة النقدية وعمل البنك المـركزي العـراقي، وقد اتسمت غالبية تلك التصـريحات بالمغالطات وبالتشاؤم والتحبيط، إما بسبب غياب الفهم الدقيق أو القصد غير الموضوعي الذي ينطلق من دوافع مختلفة ترتبط بالواقع السياسي، و المناكفات و المصالح.
وقال العلاق في بيان اطلعت عليه “الاتجاه برس” أن سياسة البنك المركزي الراسخة هي النأي بعيداً عن السجالات وردود الفعل إزاء التصريحات إلا إن حجم المغالطات و التشويش بلغت حداً يضر بالاستقرار العام و استقرار السوق و الإضرار بسمعة العراق خارجياً وما يستتبع ذلك من آثار خطيرة على معاملات العراق المالية و النقدية و المصرفية، مما يدعونا إلى توضيح بعض الأمور و كما يأتي :

1- يعمل البنك المركزي على تطبيق سياسة متوازية للحفاظ على الاستقرار العام للأسعار و كبح التضخم باعتباره هدفاً أساس و مهمة رئيسة بموجب قانون هذا البنك، و بنفس الوقت يعمل على الحفاظ على احتياطاته السائدة للدينار و بتغطية عالية بالرغم مـــن الظروف الاقتصادية السائدة و المعروفة لدى الجميع، وهو بذلك كله حافظ و يحافظ على القوة الشرائية للدينار العراقي.
إن تبديد للمخاوف بشأن قيمة الدينار والاحتياطيات الدولية نشير إلى الحقائق الآتية :
أ‌- انه ومع انخفاض الموارد الدولارية، بسبب انخفاض أسعار النفط، ما تزال الاحتياطيات بمستوى الكفاية بل اعلى من ذلك بكثير و حسب المعيارين الدوليين وهما : معيار تغطية العملة المحلية بما يعادلها من العملة الأجنبية، و قدرة الاحتياطي على تغطية الاستيرادات لمدة ( 6 ) اشهر.
ب‌- توقع صندوق النقد الدولي في بداية سنة 2015 وصول الاحتياطي الى 40 مليار دولار في نهاية السنة، وقد بينا في حينها بأن الاحتياطي سيكون بحدود 60 مليار دولار في نهاية تلك السنة و بعد اشهر من بداية السنة عدَل الصندوق توقعته.
وقدر الاحتياطي ب 50 مليار دولار، وما زال توقعنا وفقاً للمعطيات و المؤشرات الفعلية لدينا فإن الاحتياطي – كما توقعنا – سيكون بحدود ال 60 مليار.
ج‌- بلغ الفرق بين مشترياتنا من الدولار (من وزارة المالية) و مبيعاتنا من الدولار للفترة من 1/1/2015 لغاية 30/9/2015، بلغ الفرق حوالي 600 مليون دولار شهرياً، و يقوم البنك المركزي بتغطية هذا الفرق لتحقيق التوازن في ميزان المدفوعات و الحفاظ على سعر الصرف و بالتالي المستوى العام للاسعار , ومن ذلك يتضح انه حتى مع استمرار تدني أسعار النفط و بالتالي انخفاض الإيرادات من الدولار فإن الاحتياطي يستطيع الاستمرار بالتغطية بكفاية وافية بوجود حوالي 60 مليار دولار من الاحتياطيات.
د‌- إن ما يحدث من انخفاض وارتفاع في الاحتياطيات امر يتكرر حدوثه في الدول التي تعتمد على صادراتها من النفط، وقد حدث ذلك في سنة 2009 عندما انخفضت أسعار النفط، حينها بلغت نسبة مبيعات البنك من الدولار الى مشترياته من الدولار 148% ثم عاد ليراكم احتياطيات جديدة بعد ان عادت الأسعار الى معدلاتها الأعلى.
– إن من الأخطاء الشائعة ربط انخفاض او ارتفاع الاحتياطي بالبنك المركزي، حيث ان هذا الاحتياطي تحكمه طبيعة تكوين وطبيعة استخدام تقع خارج سيطرة أو تحكم البنك المركزي ويتمثل ذلك في :

1- إن الوارد من الدولار محكوم بصادرات النفط الخام : كمية وسعراً، وان المصادر الأخرى شبه معدومة (تحويلات من الخارج سواء من المقيمين في الخارج او الاستثمارات الأجنبية، او الصادرات غير النفطية ).
2- إن نفقات الموازنة العامة للدولة تمثل المصدر الأساس للطلب الكلي على السلع والخدمات والتي في الغالب تكون مستوردة، نظراً لغياب القاعدة الإنتاجية المحلية.
3- تشكل هجرة الأموال من العراق ظاهرة جلية بسبب الأوضاع التي يعيشها البلد.
4- استمرار العجز في الموازنة العامة للدولة وتغطيتها بالقروض والسندات والحوالات وهذا يعني زيادة عرض النقد الذي لا يقابله ايراد دولاري، وهذا يخلق طلباً إضافيا على السلع والخدمات المستوردة بأكثر مما يستلمه البنك المركزي من الدولار الذي تبادله عادة وزارة المالية بالدينار العراقي من خلال البنك.
وهكذا فان العوامل التي تحكم تكوين الاحتياطي هي خارج سيطرة البنك المركزي، وان الاحتياطي بموجب ما مر يتكون من الفرق بين مبيعات الدولار من خلال نافذة البنك ومشتريات البنك من الدولار من وزارة المالية فاذا كانت المبيعات اقل مما يستلمه يرتفع الاحتياطي واذا كانت المبيعات اكثر ينخفض الاحتياطي.
وهنا يثار سؤال حول إمكانية تحكم البنك المركزي في كمية البيع من خلال قيود يضعها على عمليات البيع والتحويل، نقول إن تقييد عمليات بيع الدولار تؤدي الى النتائج والظواهر الآتية :
أولا : مخالفة المبادئ التوجيهية لصندوق النقد الدولي التي وافقت والتزمت بها الدول الأعضاء (منهم العراق).
ثانياً : يتقاطع التقييد مع قانون البنك المركزي الذي نص في المادة 28 منه على (الشراء او البيع البسيط غير المشروط ” النقدي أو الآجل ” للنقد الأجنبي ).
ثالثاً : خلق انحراف كبير بين سعر الصرف الرسمي والسوق وتحقيق مكاسب فاحشة للمضاربين والوسطاء، ويؤدي ذلك الى الارتفاع العام للأسعار والإضرار بالقوة الشرائية للدينار العراقي.
رابعاً : ممارسة عمليات الغش والتزوير والتحايل والفساد من اجل الحصول على كميات من الدولار.
ومن وجهة نظر البنك المركزي فانه اذا ما أَريد الحفاظ على الاحتياطي يقتضي ذلك، معالجات بنيوية وهيكلية تتعلق بالاقتصاد الكلي والسياسات المالية (الإيرادات، النفقات، الضرائب… ) ومنها :
• تحفيز الإنتاج الوطني وتنويع القاعدة الإنتاجية المحلية لتقليل الطلب على المستوردات وبالتالي على الدولار. وتشكل مبادرة البنك المركزي بتخصيص قروض بمبلغ 6 ترليون دينار مبادرة تصب في هذا التوجه.
• تخفيض عجز الموازنة الى اقل حد ممكن، منعا للتوسع النقدي الذي لا تقابله موارد بالدولار، وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات التي هي في الغالب مستوردة.
• توفير عوامل الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني للحد من تدفق الأموال الى الخارج، وزيادة الاستثمارات والادخار في داخل العراق.
• تطبيق القوانين المعطلة لحماية المنتوج المحلي (قانون التعرفة الجمركية، قانون حماية المستهلك، قانون حماية المنتج، قانون مكافحة الإغراق ).
• تأدية مؤسسات الدولة ذات العلاقة بالاستيرادات لأدوارها، في منح الإجازات وفي الرقابة والسيطرة واستحصال الرسوم والأجور وتوفير قواعد بيانات وطنية.
– إن دور البنك المركزي وفقا لقانونه وقانون مكافحة غسل الأموال هو الزام المصارف والمؤسسات المالية بتطبيق مبدأ ” أعرف زبونك ” للتحقق من مصادر الأموال التي تدخل عملية شراء الدولار، وفي هذا الصدد اتخذ البنك جملة من الإجراءات والخطوات المهمة (الوقائية والردعية )، وسيتم نشرها على موقع البنك المركزي حيث لا مجال هنا لشرح تفاصيلها.
2- يرد في بعض التصريحات دعوة البنك المركزي إلى الاستعانة بخبرات ومشورة المؤسسات الدولية المتخصصة، وهنا نشير إلى ما يلي :
أ‌- أن هذا البنك عضو مؤسس في صندوق النقد والبنك الدوليين، إضافة إلى منظمات مالية عربية وإقليمية ودولية، والبنك في تواصل وتشاور وتفاهم مع تلك المنظمات، بل إن القواعد التي تحكم عمله في مفاصل عمله الأساس هي المبادئ والقواعد والتوصيات والاتفاقيات الصادرة من تلك المنظمات، وعلى سبيل المثال فإن نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي، وإدارة الاحتياطيات الدولية يحكمها المبادئ التوجيهية لصندوق النقد الدولي، والتي تطبقها الدول الأعضاء التي اتفقت عليها ومنها العراق، وهكذا في بقية النواحي التي يمارسها البنك طبقاً لأفضل المعايير والممارسات الدولية.
ب‌- يملك البنك المركزي عقوداً استشارية مع افضل المؤسسات الاستشارية الدولية والعربية ومؤسسات التدقيق والمراجعة الدولية، والبنك مستمر في توسيع قنوات الاستشارة، إضافة إلى الدعم الذي يتلقاه البنك من منظمات وبنوك مركزية دولية وعربية وإسلامية والاستفادة من خدماتها المجانية بحكم عضوية العراق فيها او بحكم العلاقات الثنائية ومذكرات التفاهم.
ج‌- حيث إن الأنظمة و البرامج الإلكترونية أضحت إطاراً وسبيلاً لتنظيم الأعمال و الممارسات ومن خلالها يمكن اجتذاب افضل الممارسات التي وصل اليها العالم المتقدم، فإن البنك المركزي طوَر و يطور تقنية المعلومات بالاستعانة بشركات عالمية مع احدث البرامج و التقنيات , ويمكن الاطلاع على البنى التحتية لها حالياً في هذا البنك، ونقول بفخر بأنها الأفضل بين كافة مؤسسات الدولة، ومـن نماذج تلك الأنظمة، نظام المدفوعات و المقاصة و التسويات الذي يطبقه البنك حالياً وهـو واحد من اكثر الأنظمة تقدماً في المنطقة و العالم، و الذي يوفر اليوم أيضا قاعدة لتطبيق وتطوير أنظمة الدفع الإلكترونية في كافة اشكالها من خلال المقسم الوطني الذي دخل حيز العمل حالياً، كما إن هذا البنك بصدد البدء بمشروع النظام المصرفي الشامل Core Banking System وهو اكبر برنامج الكتروني في عالم المصارف و الذي يمثل نقلة تاريخية في عمل البنك.
د‌- إن الموارد البشرية في البنك المركزي – خلافاً لمؤسسات الدولة الأخرى – تمثل موارد مستقرة لم تغادر هذه المؤسسة رغم ما مر به العراق من ظروف , ولذلك فإنها موارد تراكمت لديها الخبرة و العطاء , وتحظى هذه الموارد بدعم خاص من منظمات وبنوك ومؤسسات مالية دولية وإقليمية وعربية , ولعل عـدد الدورات التدريبية والورش التي يساهم فيها موظفو البنك هي الأعلى بين مؤسسات الدولة.
كما قمنا بتعزيز كادر البنك بتعيين الأوائل من الجامعات و خريجو الدراسات العليا، كذلك تعيين المتخرجين من خارج العراق (من المبادرة التعليمية ) للاختصاصات المتعلقة بعمل البنك.
هذا، فضلا عما يقوم به مركز الدراسات المصرفية (أحدى تشكيلات هذا البنك) من برامج تدريبيه وتأهيلية على مدار السنة.
3- سيطلق هذا البنك قريبا استراتيجيته للسنوات 2016 – 2020، وقد بُنيت على آخر التطورات العالمية في القطاع المصرفي والمالي، احدث التوجهات والمهام الناشئة من التطورات والأزمات المالية والنقدية والتي ولدت وطورت من مهام وأدوار البنوك المركزية، وهي الاستراتيجية الأولى في تاريخ البنك المركزي في طريقة بنائها وفي محتواها وتوجهاتها، وعلى أسس ومعايير الجودة الشاملة في الإعداد، مع استحداث تشكيل خاص يتولى المتابعة والتقويم.
أخيراً، إن ما أوردناه هو بعض مما يدعونا جميعا للفخر والاعتزاز بهذه المؤسسة المهمة، ومسؤوليتنا جميعا أن ننظر اليها بنظرة مهنية موضوعية بما يخدم المصلحة محلياً ودولياً، وان هذا البنك على استعداد تام لاطلاع من يهمهم امر البنك، اطلاعهم ميدانيا ووثائقيا، على سياساته وإجراءاته وخططه، وأبوابنا مفتوحة لهذا الغرض.انتهى

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق