التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

قرار مجلس الأمن لمحاربة (داعش) يؤكد صواب الخيار الإيراني- الروسي لاجتثاث الإرهاب 

بعد عدّة أيام على هجمات باريس الدموية التي أوقعت مئات القتلى و الجرحى و تبناها تنظيم (داعش) الإرهابي أقر مجلس الأمن الدولي بالإجماع المشروع الفرنسي لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتصدي للجماعات الإرهابية وفي مقدمتها (داعش).

وطلب مجلس الأمن من كافة الدول إتخاذ الإجراءات اللازمة، بما يتفق والقوانين الدولية لمواجهة (داعش) في الأراضي الخاضعة لسيطرته لاسيما في العراق وسوريا. كما دعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمضاعفة وتنسيق جهودها بهدف منع ووقف الأعمال الإرهابية التي يرتكبها (داعش) ومجموعات أخرى مرتبطة بتنظيم “القاعدة”، معتبراً هذه الاعمال بأنها تمثل تهديداً حقيقياً وغير مسبوق للسلام والأمن الدوليين.

الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند و وزير خارجيته لوران فابيوس رحّبا بقرار مجلس الأمن، و اعتبرا أن من المهم الآن أن تنخرط جميع الدول في هذه المعركة سواء أكان ذلك عبر العمل العسكري أو البحث عن حلول سياسية أو مكافحة تمويل الإرهاب.

ومع أن قرار مجلس الأمن لا يمنح بصريح العبارة تفويضاً للتحرك عسكريا ضد (داعش) ولا يأتي أيضاً على ذكر الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة، إلا إنه بحسب المراقبين يوفر إطاراً قانونياً و سياسياً للتحرك الدولي الرامي لمكافحة الإرهاب لاسيما في سوريا و العراق.

ورحّب بالقرار أيضاً السفير البريطاني في الأمم المتحدة (ماثيو رايكفورت) الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، معتبراً أنه يمثل دعوة بالإجماع إلى التحرك، لكن نظيره الروسي فيتالي تشوركين أشار إلى أن القرار لا يتضمن سوى دعوة سياسية لا تغير المبادئ القانونية، وذلك في انسجام مع الموقف الروسي التقليدي المطالب باحترام سيادة الدول.

وقال تشوركين إن بلاده تنوي مواصلة العمل على مشروع قرارها لمحاربة الإرهاب و ستسعى إلى تبنيه من قبل مجلس الأمن، منتقداً محاولات بعض الدول الأعضاء محاصرة المشروع الذي طرحته موسكو للمناقشة في أيلول الماضي، واصفاً هذه المحاولات بأنها قصيرة الرؤية السياسية.

وكانت روسيا تقدمت بمشروع قرار هو نسخة معدلة عن المشروع الذي تقدم به رئيسها فلاديمير بوتين في سبتمبر/أيلول الماضي، والذي لم يحظ بقبول الدول الغربية لأنه ينص على وجوب أن يتم التصدي للجماعات الإرهابية في سوريا بالتعاون مع حكومة الرئيس بشار الأسد.

ويعتقد معظم المراقبين أن قرار مجلس الأمن الأخير جاء منسجماً مع ما تدعو اليه كل من روسيا و إيران بضرورة تكاتف الجهود الدولية لمحاربة الجماعات الإرهابية وترك الخيار للشعوب لتقرير مصيرها بنفسها، والذي يؤكد الكثير من المتابعين بأنه يمثل السبيل الوحيد للقضاء على الإرهاب في الشرق الأوسط والعالم ويمهد في الوقت نفسه الأرضية الصالحة لتسوية الأزمة السورية.

في غضون ذلك أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أن بلاده تعوّل على محورية مجلس الأمن وفق نصوص ميثاقه في صون الأمن والسلم الدوليين لما لذلك من أهمية في توفير مناخ يكفل تحقيق تنمية الشعوب واستقرارها، مجدداً إدانة دمشق للأعمال الإرهابية في أي مكان في العالم ولمرتكبيها وداعميها ومموليها.

بدوره أكد مندوب الصين في الأمم المتحدة أن الإرهاب آفة فظيعة للإنسانية وأن الإرهابيين يرتكبون أعمالاً خطيرة تهدد الأمن والسلم الدوليين، داعياً المجتمع الدولي الى التوحد على أساس مبادئ وميثاق الأمم المتحدة والمبادئ الأخرى للقانون الدولي وأن تعطى الأمم المتحدة الدور الرائد لتعزيز التنسيق وتشكيل جبهة مشتركة ضد الإرهاب.

وأوضح المندوب الصيني أن جهود مكافحة الإرهاب ينبغي أن تعالج أسبابه الحقيقية داعياً الى الابتعاد عن الازدواجية عبر تطبيق قرارات مواجهة الإرهاب التي ينبغي أن تشمل مكافحته عبر الانترنت واتخاذ الاجراءات لمنع تمويله وتدفق الأموال عبر الحدود ومكافحة الأعمال التي تمثل تحدياً للحضارة الانسانية.

في هذه الاثناء أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن ضربات سلاح الجو الروسي في سوريا تكبد تنظيم (داعش) خسائر بالغة ، مشيراً الى أنه تم القضاء على أكثر من 600 من عناصر هذا التنظيم عند تدمير أحد مواقعه بصواريخ كروز في محافظة دير الزور.

وأشار شويغو أيضاً إلى أن القوات المسلحة الروسية تنفذ عملية جوية لتصفية زعماء المنظمات الإرهابية ومساعديهم وإحداث خلل في نظم التحكم والدعم المادي الفني، وتدمير المواقع العسكرية لتنظيم (داعش).

وبيّن شويغو أنه تم خلال العمليات الجوية الروسية تنفيذ 522 طلعة وإطلاق 101 صاروخ كروز من الجو والبحر أسفرت عن تدمير 826 هدفاً إرهابيا. وأوضح أنّ سفن أسطول بحر قزوين أطلقت الجمعة 18 صاروخاً من نوع كروز على مواقع للإرهابيين في سوريا، مشيراً الى أنها أصابت سبعة أهداف في محافظات الرقة و إدلب و حلب.

وفي وقت سابق أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعه بقيادات عسكرية أن الغارات الروسية في سوريا غير كافية لتطهيرها من الإرهاب وحماية روسيا من الهجمات الإرهابية المحتملة. وأضاف: مازال أمامنا عملاً كبيراً لننجزه، معرباً عن أمله بأن تتم المراحل القادمة لهذه العمليات بالحرفية والدقة اللازمة و تعود بالنتائج المرجوة لدرء خطر الإرهاب عن بلاده.

أخيراً يمكن القول بأن دخول روسيا و إيران المعترك السوري يفهم منه سياسياً بأن البلدين قررا تحقيق هدفين؛ الأول: إفهام أمريكا و الدول الغربية و الإقليمية الحليفة لها بأن دورهم التخريبي بدعم الإرهاب يجب أن يتوقف، وأنه لم يعد مسموحاً لهم اللعب كما يشاؤون في الساحتين السورية والعراقية و زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، والثاني وهو مكمل للهدف الأول و خلاصته أنه لم يعد مقبولاً إستثمار الإرهاب لتحقيق أهداف سياسية لا تملك أي رصيد من الشرعية القانونية، خصوصاً لجهة تغيير أنظمة بالقوة العسكرية، وأن موسكو وطهران لن تتهاونا في الدفاع عن أمنهما وأمن المنطقة وهما مستعدتان في ذات الوقت للحوار لتعزيز الأمن والسلم إقليمياً ودوليا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق