الحلم السوري القديم| من منظمومة الـ”اس ٣٠٠” الى الـ” اس ٤٠٠”… واهتزَّ عرش أنقرة وتل أبيب
اعربت وسائل الاعلام في الكيان الاسرائيلي عن صدمتها الكبيرة من قرار روسيا نشر منظومة الـ”اس ٤٠٠” في سوريا، ونقلت عن كبار القادة الامنيين الاسرائيلين أن الاجراء الروسي الجديد سيغير قواعد الاشتباك في كامل منطقة الشرق الأوسط، وسيرخي بظلاله السلبيية جداً على القدرات العسكرية الاسرائيلية.
وفي هذا السياق نقل موقع (WALLA ) العبري المقرب من الموساد الاسرائيلي أن دوائر القرار في تل أبيب موجودة حاليًا في موقع صعب بالنسبة إلى روسيا وتركيا، تجاه كل ما يحدث في الساحة السورية، علمًا بأن إسرائيل تختلف مع الروس بشأن بقاء الأسد وتعزيز المحور الشيعي، فهي لا تريد أن تزداد قوة حزب الله في لبنان، وهي تنظر بعين الرضا إلى الجهود العربية الرامية إلى الحد من توسع النفوذ الإيراني في المنطقة.
وأكد الموقع عن مصادر سياسيّة إسرائيليةّ إنّ الرئيس السوري بشار الأسد أثبت قدرة صمود هائلة لم يكن يتوقعها أحد، وأضاف أنّه خلافًا للاعتقاد الذي كان سائدًا من قبل، فإنّ الأسد لا ينوي الاكتفاء فقط بالمدن الساحلية في إطار المفاوضات المفترضة حول سوريّة، وهو لن يتنازل أبدًا عن دمشق وعن محيطها، بل أيضًا سيسعى إلى استعادة كل الأراضي السورية. وينقل الموقع عن مصادر غربية أنّ تصرفات الأسد أذهلت بالفعل محافل الاستخبارات في الغرب، خاصّةً أنه نجح في المحافظة على وحدة الجيش السوري وعلى حلفه مع إيران وحزب الله، وأيضًا نجح في إنشاء حزام أمني يحيط بدمشق والمدن الساحلية في سوريّة، على حدّ تعبيره. أمّا عن الموقف الروسي، فأشار المصدر إلى أنّ إسرائيل كما الغرب عمومًا، يتابعون عن كثب كل النشاطات الروسية في سوريّة، وهم في إسرائيل يقدّرون أن الروس لن يستطيعوا إتمام المهمة في القضاء على داعش خلال الأشهر الستة المقبلة، مشيرًا إلى أنّه لا توجد أي دولة في المنطقة تتوافق مع الروس في أفكارهم، ما يبقيهم وحيدين، رغم أن كل الدول التي تهاجم موسكو تفعل ذلك من منطلق مصلحتها الخاصة وليس على أساس المصلحة المشتركة لمعارضي التدخل الروسي في سوريّة، حسبما ذكر. وكانت القناة العاشرة العبرية قد أشارت إلى وجود تقدير في تل أبيب يفيد بأنّ أنقرة باتت تسأل نفسها عن ردّ موسكو في أعقاب إسقاط الطائرة الروسية، ليس إذا كانت سترد، بل كيف سترد ومتى سترد؟.
بدورها اعتبرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إنّ قيام روسيا بنصب منظومة الصواريخ المُتطورّة من طراز أس٤٠٠ في سوريّة يُشكّل علامة فارقة ويُغيّر قواعد الاشتباك، فإنّه عمليًا ينقل ما يقوله كبار الجنرالات الجيش الإسرائيليّ في الغرف المُغلقة، معتبرة أنّ الـ”تفاهمات” الإسرائيليّة-الروسيّة حول النشاط الجويّ في سوريّة ستذهب هباءً في أوّل “مُواجهة” بين تل أبيب وموسكو، مشدّدًا على أنّ بوتن لن يتحمّل بعد إسقاط الطائرة الروسيّة من قبل الأتراك أيّ تعدٍّ على قواته العاملة بسوريّة، وأضاف أنّ على صنّاع القرار في تل أبيب أنْ يأخذوا هذا الأمر على محملٍ كبيرٍ من الجدّ، حسب تعبيره.
وأكد الصحيفة عن مصادر رفيعة المستوى إنّ منظومة الصواريخ الروسيّة من طراز أس٤٠٠ ستؤدّي إلى تحديد حريّة مُقاتلات الإسرائيليّة، لافتةً إلى أنّ إبقاء هذه المنظومة على الأراضي السوريّة سيُشكّل خطرًا كبيرًا على المصالح الإسرائيليّة.
ورأت المصادر عينها أيضًا أنّه في المُواجهة القادمة بين الطائرات التركيّة والروسيّة ستُسقط المُقاتلات التركيّة بدون أيّ إنذار مُسبق، ووصفت المصادر في تل أبيب الرئيس الروسيّ بأنّه إنسان عنيد جدًا، ولن يتوانى عن ردّ الصاع صاعين، إلّا أنّها شدّدّت أيضًا، على أنّه يحمل الكثير من الصبر حتى يُخرج قراراته ضدّ تركيّا إلى حيّز التنفيذ. سيُشكّل خطرًا كبيرًا على المصالح الإسرائيليّة. ويُمكن القول والفصل أيضًا إنّ التطورات الميدانية الأخيرة في الساحة السورية مدعاة قلق من جهة تل أبيب. “الكباش” بين الروس والأتراك، والنجاح الميداني للجيش السوري وحلفائه، يزيدان من تعقيد الميدان ويُغلّبان القوى المعادية لإسرائيل في هذه الساحة. كذلك تنظر تل أبيب بقلق إلى إعلان موسكو أنها ستنشر منظومة دفاعية متطورة تغطي معظم الفضاء السوري (اس ٤٠٠)، وترى أنه تطور سيؤدي حتماً إلى تغييرات ميدانية ويدفعها أكثر إلى الانكماش، لأنه ينعكس سلبًا على مصالحها ومخططاتها للساحة السورية.
وبدا جليًّا أنّ توصيات صدرت للمسؤولين الإسرائيليين بالامتناع عن التعليق على إسقاط تركيا للقاذفة الروسية، وعن اتخاذ أيّ موقف تجاه الحادثة وتداعياتها، إلا أن ذلك لم يمنع المعلقين الإسرائيليين، وأيضًا مصادر أمنية وسياسية، من التعبير عن الموقف المشبع بالقلق تجاه هذه التطورات. ونقل موقع “المصدر” الإسرائيليّ موقف تل أبيب من التطورات الأخيرة في سوريّة، مشيرًا إلى أنّه من ناحية إسرائيل، فإنّ اتخاذ روسيا قرار نشر منظومة اس ٤٠٠ لحماية الأجواء السورية يمكنه أنْ يحد من نشاط سلاح الجو الإسرائيلي فوق سوريّة، ضد جهات ومنظمات تخطط لإلحاق الضرر بإسرائيل، مثل حزب الله.
وأضافت أنّ إرسال هذه المنظومة إلى سوريّة سيجعل الوضع أكثر تعقيدًا لجهة نشاط سلاح الجو الهادف إلى منع وصول أسلحة إلى حزب الله في لبنان، وكذلك لجهة التصدي لمخططات أمنية ضد إسرائيل انطلاقًا من الجولان، كما أكّد.
وأضافت أنّ إسقاط الطائرة يحمل معاني كثيرة، وهذه الحادثة تعدّ تصعيدًا استراتيجيًا خطيرًا بين الجانبين، ورأت أنّه من الصعب تقدير خطوات شخص كبوتين وماهية الرد وأسلوبه، رغم إمكان ترجيح الرد الأمني الذي لا يترك بصمات.
ومن الجدير ذكره أن المسؤولين السوريين ومنذ أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد سعوا مراراً وتكراراً للحصول على منظمومة الـ”اس ٣٠٠” وتصدر الطلب السوري أولويات دمشق على مدى عقود ما بعد هزيمة ٦٧ ولم يجد آذانا صاغية من الحليف السوفياتي .
ولكن الزعيم السوفيتي الأخير ميخائيل غورباتشوف رفض مرار الطلب الروسي بعد ضغوطات واسعة من قبل أصدقاء “اسرائيل”
ومع مطلع الألفية الثالثة، دخلت روسيا حقبة بوتين الذي أعاد الى رأس النسر في الشعار الروسي التفاتته نحو الشرق. وعادت الحياة إلى صادرات الأسلحة الروسية لسوريا .
وحين حلقت الطائرات الاسرائيلية فوق قصر الرئيس السوري الشاب بشار الاسد، اعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ ان موسكو ستزود دمشق بالمنظومة المتطورة ذات المدى في الرصد والدفاع يصل الى ٣٠٠ كيلومتر ” كي لا تحلق طائرات تل أبيب ثانية فوق القصر الرئاسي السوري ” هكذا صرح حينها بوتين .
لكن تل أبيب، استنفرت كل قواها للتشويش على الصفقة؛ وتدخل حماة إسرائيل في واشنطن لاجهاضها. وباتت زيارة كبار المسؤولين في الدولة العبرية إلى موسكو تتم في غالبيتها تحت عنوان منع وصول “اس- ٣٠٠” إلى السوريين .
وجاء حادث إسقاط طائرة “سو-٢٤” الروسية بصواريخ الأتراك، لينفض الغبار عن مشروع كانت موسكو وضعته على الرفوف العالية، وتجده اليوم ضرورة حتمية للدفاع عن القوات الروسية المرابطة في الأراضي السورية .
لعل تل أبيب هذه المرة لن ترفع عقيرتها بالصراخ، فالروس أدرى بمصالحهم، وبدلا من “اس-٣٠٠” التي حلم بها الأسد الأب، صار لدى الرئيس بشار “اس-٤٠٠” الأكثر تطورا والتي يصل مداها الى عمق إسرائيل، ومن غير المحتمل أن رجب طيب أردوغان كان يتوقع تطورا نوعيا سيطرأ على تسليح سوريا، حين أمر طياريه بملاحقة القاذفة الروسية وإسقاطها !
المصدر / الوقت