إسلام المسلمين و”إسلام” الإرهابيين
(اليمين والشّمال مضلّة، والوسطى هي الجادّة، عليها يأتي الكتاب، وآثار النبوة، ومنقذ السنّة، خاب من ادعى وضلّ من افترى).
هذه القاعدة الإسلامية الأصيلة والوسطية أعطانا إياها علي بن أبي طالب عليه السلام لتحكم مختلف جوانب الحياة. مثلاً الشجاع عليه ألا يُفْرِط بشجاعته فيقع في التهور وألا يُفَرّط بها فيقع في الجبن. إذاً لا إفراط ولا تفريط، فقد أتى الإسلام المحمدي الاصيل ليرفع شعار الاعتدال في كل جوانب الحياة (كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) ﴿٢/١٤٣﴾.
في يومنا هذا ما إن نقول إن الإسلام الأصيل وسطي ومعتدل يتبادر إلى الذهن على الفور السؤال “إن كان الاسلام أتى معتدلاً وسطياً إذاً من أين كل هذه الوحشية من قبل مجموعات ترفع شعار الإسلام وتطبيق الشريعة والسير على خطى السلف ؟؟”.
لا يختلف اثنان من المسلمين على أن ما تقوم به المجموعات التكفيرية الظلامية من أعمال لا يمت بصلة للإسلام وأن كل ادعاءاتهم بأنهم يطبقون الشريعة او النصوص ما هو إلا تحريف وانحراف وإساءة لصورة الاسلام النقية وعودة إلى قرون الجاهلية التي حاربها النبي (ص) وتحمّل أذاها وجاهد ليطوي تلك الصفحة من التاريخ القاتم ليحل محلها إسلام التسامح والتعايش والاستقامة والوسطية.
إن ظهور الحركات التكفيرية في التاريخ الاسلامي ليس حديث النشأة، إذ يعود بعض الافكار الشاذة لبعض العلماء كابن تيمية إلى القرن السابع الهجري. لكن الأخذ بهذه الأفكار ووضعها في الإطار العملي يعود فقط إلى زمن محمد بن عبد الوهاب حيث نشأ الفكر التكفيري الحديث عندما تبنّى هذا الرجل أفكار ابن تيمية وأخرجها من إطار النظرية الكلامية إلى فعل واقع على الأرض مستفيداً من مسألتين الأولى الدعم المالي والغطاء السياسي من آل سعود مقابل توفير الغطاء الشرعي لهم والمسألة الثانية هي ترسيخ مفهوم الجهاد المقدس وذلك في مجتمع بدوي قائم على الغزو والغنائم ما أدى إلى تهافت القبائل للانضمام للدعوة الجديدة.
ولا داعي لإثبات صلة الحركة الوهابية بأجهزة الاستخبارات الأجنبية بعد اشتهار هذا الأمر في ايامنا وافتضاحه على نفس لسان أتباع هذه الحركة. بل من الواضح الدور المخابراتي الأمني في قيادة دفّة الحركة الوهّابية وأسيادها منذ النشأة وحتى الآن.
فدعم هذه الحركات الشاذة هو في سبيل النخر الذاتي في الإسلام الذي لا يهدد البلدان الاسلامية فحسب بل يهدد كيان الأمة بما يحمل من تشويه للفكر العقائدي والحضاري الذي جاهد المسلمون لإيصاله كمنهج وحيد قادر على صنع الحياة وإدارتها في مختلف جوانبها.
إن مواجهة هذا النهج الظلامي لا تكون إلا بالرجوع إلى الإسلام المحمدي الأصيل وإحياء مفاهيمه الناصعة التي أتى بها نبي الرحمة والانسانية محمد (ص) الذي يقول “ليسَ مِنّا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتلَ على عصبيّة وليس مِّنا من ماتَ على عصبيَة”، والعودة إلى كتاب الله دون تحريف ولا انحراف ولا تفسيرات مبنية على الأهواء أو لإرضاء حاكم أو سلطة، الكتاب الذي يقول ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ … ﴾ ﴿١٦/١٢٥﴾.
المصدر / الوقت