روسيا وخياراتها في سوريا
بعد ان بات الروس ابرز الجهات الدولية التي تتدخل في الازمة السورية اثر دخولهم المباشر في المعارك التي تجري داخل الاراضي السورية ضد الجماعات التكفيرية المسلحة اتبع الروس سياسة ابقاء باب التعاون مفتوحا مع كل من يمكن التعاون معه في داخل سوريا وخارجها من اجل انجاح خطة عملهم في سوريا.
لم يحصر الروس تعاونهم في داخل سوريا بالحكومة السورية فقط وسعوا الى مد جسور العلاقات مع كافة الاطراف المتدخلة في النزاع باستثناء الجماعات التي ليست في زمرة الجماعات الارهابية وقد اعلن الروس استعدادهم للتعامل والحوار مع كافة الاطراف الموجودة في سوريا بعد الحملات الاعلامية التي اتهمت الروس باستهداف جماعات غير تنظيم داعش الارهابي.
ويعتبر الروس ان تشجيع بعض الجماعات مثل الجيش الحر على قتال داعش يعود بالنفع الكبيرعليهم لان دخول باقي الجماعات المسلحة في الحرب ضد داعش الى جانب روسيا يضع موسكو وهؤلاء في جبهة واحدة في وجه عدو مشترك وهكذا يصبح بامكان موسكو الاستفادة من امكانيات هذه الجماعات الموجودة في سوريا في الحرب ضد داعش.
اما فيما يتعلق بالشق الخارجي فقد ابدى الروس استعدادهم للتعاون حتى مع الدول التي تتعارض مصالحها مع مصالح موسكو في سوريا، وقد شهدت الاسابيع الاخيرة تعاملات روسية نشطة مع بعض الدول الغربية والعربية وسافر المسؤولون العرب الى موسكو او قام وزير الخارجية الروسي بزيارة هذه الدول ولذلك يمكن القول ان الاستراتيجية الروسية هي الاحتفاظ بالتعاون مع الدول الصديقة وكذلك الاحتفاظ بالعلاقة مع الدول التي تعارض مصالحها مع المصالح الروسية، لكن الخبراء يختلفون حول مدى نجاعة ونجاح هذه السياسات الروسية لأن اللاعبين الاقليميين والدوليين والجماعات الناشطة في سوريا يختلفون حول بعض القضايا الجوهرية مع الروس وان اوجه هذه الخلافات هي :
مستقبل الرئيس السوري
يريد الروس الحفاظ على النظام الحاكم في سوريا لكن معظم الدول الغربية والعربية يطالبون بتنحي بشار الاسد من السلطة.
مستوى مكافحة الارهاب
يعتبر الروس اي جماعة حملت السلاح واشتبكت مع النظام السوري في عداد الجماعات الارهابية في حين يزود بعض الدول الغربية والعربية هذه الجماعات بالاموال والسلاح.
ان الخلاف حول هاتين القضيتين اللتين ذكرناهما جعل حصول تقارب بين الموقف الروسي وبين الموقف الغربي العربي امرا صعبا لكن الروس يحاولون حتى الان الاحتفاظ بتعاملهم الدبلوماسي مع هذه الدول.
ولايزال الروس يعلنون سعيهم للتعامل مع كافة الاطراف المعنية وقد استضافت موسكو عدة جولات من التفاوض مع معارضي الحكومة السورية ويبدو ان الروس يرون ان من مصلحتهم ايجاد علاقات مع كافة الاطراف المعنية لأن الساسة الروس قد أخذوا في الحسبان عدة سيناريوهات يمكن ان تحصل في سوريا وان اول هذه السيناريوهات هو حفظ بقاء النظام الحالي في سوريا لكن اذا انهار هذا النظام فحينئذ الى من سيتوجه الروس ومع من سيتعاونون؟
ان التعامل مع المتطرفين والجماعات الموالية للغرب ليس خيارا مفضلا للروس ولايؤمن مصالحهم ولذلك يسعى الروس الى ايجاد حلفاء لهم من بين صفوف المعارضين السوريين لكن سيبقى خيار حفظ النظام السوري الحالي هو الخطة الرئيسية التي يريد الروس تنفيذها في سوريا.
المصدر / الوقت