نظرة على التطورات الجديدة في اليمن
مع فشل الاستراتيجية العسكرية من منظار المساندين الغربيين للسعودیة، والحاجة إلى الدخول في العملية السياسية وبدء المحادثات، هنالك محور جديد قید التشکیل بشأن الأزمة في اليمن، والغربیون الذین کان لهم دور مهمَّش حتى الآن في الأزمة اليمنية، بدأوا یتخذون موقفاً نشطاً حیال ذلك؛ حیث توحي المواقف الأمريكية والبريطانية أن ثمة إجراءات جديدة ستُتخذ من قبل الأمم المتحدة وبعض الدول الغربية في الملف اليمني، ومن الضروري توفیر الاستعداد السياسي والدبلوماسي للاستفادة من الفرص المقبلة، کي یحصل الشعب واللجان والجيش الیمني، علی ثمرة المقاومة والصمود في وجه الغزاة السعودیین.
بعد ثمانية أشهر من الحرب المدمرة وغير المجدية والتي أدت إلی تدمیر اليمن وإزهاق آلاف الأرواح، وصلت جميع الأطراف الغربية والعربية وحتى السعوديين أيضاً إلى استنتاج مفاده أن الأزمة اليمنية لن تحل بالوسائل العسكرية، وسوف لن یحققوا أیاً من أهدافهم عبر الحرب.
لذلك، في هذه الظروف ليس لديهم خيار سوى الدخول في العملية السياسية والمفاوضات، ولکن المشكلة الرئیسیة للسعوديين هي أنهم لا یمتلکون أي ورقة رابحة وأي تفوّق في ساحة المعركة للحصول على امتيازات على طاولة مفاوضات، حتى أنهم لا یملکون أي سیطرة علی المناطق والمحافظات الجنوبية التي تتواجد فیها أنصار الله.
فالمحافظات الجنوبية والشرقية یسیطر علیها بشكل أساسي تنظيم القاعدة والحراك الجنوبي، الذین يعارضون السعودية بطريقة ما، وهو ما كررته أنصار الله مراراً، أنه في حال انسحاب القاعدة والجماعات الإرهابية، سوف یسیطرون علی محافظات الجنوب والشرق.
وهذا الأداء السعودي أوصل داعميهم الغربيين إلی نتیجة مفادها أن السعوديین لا یمتلکون أي قدرة في إدارة الأزمات، حتى في مواجهة أفقر بلد عربي، في حين أن الشعب اليمني کان لا یملك سوی الحد الأدنى من الإمکانات، لحماية نفسه أمام الغزو السعودي المدمر والحصار البحري، وكانت السعودية تحظی بدعم عسكري وسياسي وإعلامي واسع النطاق من قبل الغرب.
لذلك، فقد وصلت العملیات العسكرية إلى نهايتها بسبب مقاومة الشعب والجماعات والجيش اليمني، وواجهت الفشل والإخفاق، وليس هناك خيارٌ سوى الدخول في العملية السياسية، وبالتالي فإن الغرب وخاصةً أمريكا یمارسون الضغوط على السعوديين للدخول في المرحلة السياسية وعملية التفاوض.
في هذه الظروف، فإن السعوديین الذین لا يملكون أي ورقة رابحة على طاولة المفاوضات، إلی جانب تخريب المفاوضات وتأجيلها على الرغم من حاجتهم الملحة إلیها، یسعون من خلال إعادة تفعيل المعارك، لانتزاع ورقة رابحة لهم عبر الاستیلاء علی تعز والسيطرة على باب المندب في الجبهة الجنوبية، أو مأرب وصنعاء في الجبهة المركزية، لیتمکنوا من امتلاك الحد الأدنى المطلوب من الأوراق، بهدف المساومة على طاولة المفاوضات، والتستر علی هزيمتهم في حربهم المدمرة والمكلفة، وحتی لا یواجهوا أزمة الاقتدار الإقليمي والمحلي.
المصدر / الوقت