التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

لماذا اختارت أمريكا “سنجار” لتحارب تنظيم داعش الإرهابي؟ 

منذ اجتياح تنظيم داعش الإرهابي للأراضي العراقية، لم تبدِ واشنطن أي خطوات جدية على طريق محاربة هذا التنظيم سواء في العراق أم في سوريا، وحتى أن التحالف الذي قادته أمريكا لم ينفذ أي هجمات تُضعف هذا التنظيم، هذه السياسة الأمريكية كانت مختلفة في “سنجار” الواقعة غرب محافظة نينوى شمال العراق، إذ دخلت طائرات التحالف بقوة فاعلة في المعركة حتى تم تحرير المنطقة، ولم تقتصر واشنطن على تقديم الإسناد الجوي إذ أن خبراء عسكريين كانوا يقدمون التوجيهات للقوات الكردية بالإضافة إلى تواجد قوات أمريكية خاصة، واللافت أنه خلال المعركة لم تتوقف تصريحات المسؤولين الأمريكيين عن أهمية الدعم الذي تقدمه واشنطن للأكراد، وهذا ما يطرح العديد من التساؤلات عن أهداف أمريكا من التدخل في تحرير سنجار.
واشنطن صرحت أن هدفها من المشاركة في تحرير سنجار يتمثل في كون سنجار صلة الوصل بين مدينة الرقة السورية والموصل، فهي عصب الحياة بالنسبة لتنظيم داعش، وتحريرها يقطع أوصال التنظيم، ولكن ما أعلنته واشنطن ليس إلا تصريحات لإشغال الرأي العام، فواشنطن كانت تعرقل تقدم الحشد الشعبي في كثير من المناطق العراقية، كما حصل في الفلوجة عندما حاولت أمريكا فرض حظر للطيران العراقي بذريعة “البراميل المتفجرة”، ولا يمكن للراغب بمحاربة تنظيم داعش الإرهابي أن يعرقل تحرير الفلوجة ويساهم في تحرير سنجار!، وهذا يدل على أن لواشنطن أهدافاً أخرى من تحرير سنجار، ويمكن تلخيصها بما يلي:
الهدف الأول: تثبيت إقليم كردستان وعلى رأسه البرزاني:
تعمل واشنطن على تقسيم العراق إلى ثلاث أقاليم فيدرالية، إقليم للأكراد والمتمثل بإقليم كردستان، وإقليم للشيعة، وإقليم للسنة، ومن وجهة النظر الأمريكية يجب أن تكون هذه الأقاليم متعادلة في القوة إلى درجة كبيرة، وهذا ما يبرر تقديم أمريكا الدعم لإقليم كردستان، فهي لا ترغب بسقوط الإقليم الذي سيضطر إلى اللجوء إلى الدولة المركزية في بغداد لطلب المساعدة، وهذا يهدد وجود الإقليم واستقلاليته.
ومن جهة أخرى فإن سنجار كانت مدينة متنازع عليها بين أربيل وبغداد، ما جعل أمريكا ترى في دعم الأكراد خيارًا مناسبًا للسيطرة على المدينة وإلحاقها بإقليم كردستان عوضًا عن الدولة المركزية، ولهذا نجد أن البرزاني طلب رفع علم الإقليم في سنجار ممتنعًا عن رفع العلم العراقي، الأمر الذي رفضه العبادي.
كما وتحاول أمريكا تقديم الدعم للبرزاني الذي يتعرض لانتقادات واسعة من قبل الأحزاب الكردية المعارضة له، فتحرير سنجار أصبح ورقةً جيدة في جعبة البرزاني، الذي بات قادرًا على استعمال هذه الورقة لرفع مستوى شعبيته بين الأكراد على أمل أن يستطيع الفوز في الانتخابات المقبلة.
الهدف الثاني: إظهار القدرة:
الانتصارات التي حققتها سوريا وإيران وروسيا في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، دفعت واشنطن إلى اتخاذ خطوات دعائية ضد تنظيم داعش الإرهابي، وتحرير سنجار يدخل في سياق هذه الخطوات، فأمريكا أظهرت نفسها من خلال ما أقدمت عليه على أنها الوحيدة القادرة على هزيمة هذا التنظيم، كما استغلت تحرير سنجار إعلاميًا لنفي ارتباطها بالإرهاب، ولتُظهر أنه لا غنى لشعوب المنطقة عن مساندتها.
الهدف الثالث: التمهيد لإرسال قوات خاصة:
تحاول أمريكا جاهدةً إرسال قوات خاصة إلى سوريا، وهي تسعى إلى إيجاد الحجة والدوافع المناسبة لهذه الخطوة، ولهذا عمدت إلى إظهار قدرة قواتها الخاصة في سنجار كخطوة على طريق تجييش الرأي العام وتهيئته ليقبل بالتدخل الأمريكي في سوريا، وهذا يفسر ما قام به الإعلام الأمريكي أثناء تحرير سنجار وبعدها، إذ قام بتسليط الضوء بشكل مكثف على دور القوات الأمريكية الخاصة في المعركة.
الهدف الرابع: إبعاد إيران عن الساحة:
تحاول أمريكا إبعاد إيران عن الساحة، وتهميش دورها، وخاصةً أن لإيران دوراً فاعلاً في مكافحة تنظيم داعش، حتى أن البرزاني شكر إيران على دعمها للأكراد وتقديمها السلاح لهم، وهذا ما أقلق أمريكا ودفعها إلى التقرب من الأكراد أكثر وتقديم المساعدة لهم حتى تحول دون العلاقات الجيدة التي باتت تربط الإقليم مع طهران، فواشنطن قلقة من العلاقات الوطيدة التي تجمع طهران مع بغداد، ولا ترغب بنمو مثل هذه العلاقات بين الأكراد وإيران.
هذه الأهداف التي دفعت أمريكا إلى المشاركة في تحرير سنجار تعارض التصريحات الأمريكية الزاعمة بالرغبة في محاربة تنظيم داعش الإرهابي والقضاء عليه، وتؤكد أن أمريكا لم تساهم في هذه العملية لأجل شعوب المنطقة، أو خدمةً للإنسانية، كل ما في الأمر أن المصلحة الأمريكية اقتضت هذا الأمر، هذا إذا أحسنا النية، وإلا فإن هذه المعطيات تطرح فرضية أن تكون أمريكا هي وراء سقوط سنجار بهدف تحقيق مآربها السابقة، وطالما أن الفائدة من تحرير سنجار أعظم من الضرر المترتب، فإن واشنطن لن تتردد لحظة في اتخاذ هكذا قرار.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق