التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

لماذا تقلق تركيا من الرد الروسي؟ 

لا يختلف اثنان على ان التوتر بين روسيا و تركيا على خلفية اسقاط الطائرة الحربية الروسية قد زاد الاوضاع الامنية في المنطقة سوءا و لهذا يمكن القول ان تركيا التي كانت تعلم بخطورة تبعات هذا الفعل قد نسقت مع “قوة عظمى” قبل قيامها باستهداف الطائرة الروسية نظرا للحساسية البالغة للاوضاع في المنطقة.

وفي الحقيقة من المستبعد ان تكون هذه “القوة العظمى” حلف الناتو لأن اداء هذا الحلف كان معروفا في الازمة مع روسيا اثناء الازمة الاوكرانية، فتعامل الناتو مع قضية اسقاط طائرة السوخوي الروسية و توجيه الدعوة لقادة تركيا و روسيا لضبط النفس يظهر ان الجهة التي ساندت ظهر اردوغان في هذا الهجوم لم تكن الناتو، اما المواقف الساندة لامريكا و وقوف الامريكيين الى جانب تركيا يثبت بوضوح ان واشنطن كانت تعلم بالعملية و نسقت مع الاتراك لكن و رغم ذلك يجب القول ان التجربة المريرة للامريكيين في العراق و افغانستان تمنع هؤلاء من التدخل المباشر في اية مواجهة و ان هؤلاء ليسوا موجودين فعلا الى جانب اردوغان الذي يشعر بالوحدة.

وهناك بعض المحللين الذين قالوا بان اردوغان لم يكن على علم بالهجوم و ان الجيش التركي هو من قرر ذلك، لكن الادلة الموجودة تثبت عكس ذلك، فصحيح ان هناك خلاف بين حكومة اردوغان و الجيش لكن المتطرف هنا هو اردوغان و المعتدل هو الجيش، فالجيش التركي الذي يعتبر سياسة اردوغان في سوريا خاطئة لايمكن ان يقوم بعملية ضد سوريا و حليفتها روسيا، و هكذا يمكن القول ان اقوال هؤلاء المحللون لتبرئة ساحة اردوغان و انقاذه ليست في محلها.

ان الحقائق تشير بأن تركيا خائفة جدا من تبعات عمليتها العسكرية ضد روسيا و ان التغيير المكرر للمواقف التركية يثبت هذا الامر، فاردوغان كان قد اعلن مباشرة بعد اسقاط الطائرة ان هذا العمل يدخل ضمن الدفاع عن امن وحقوق تركيا لكن رئيس وزرائه احمد داود اوغلو قال بعد يوم من وقوع الحادث ان الدفاع الجوي التركي لم يكن يعلم هوية الطائرة المستهدفة، و بعد ذلك حاول اردوغان الاتصال ببوتين لكنه قال ان طلبه رفض و بعد مضي يومين على ذلك قال اردوغان انه آسف جدا كما قال اوغلو ان تركيا لاتريد الرد على اي عمل انتقامي تقوم به روسيا و هذا كله يدل علی ان انتقال المسؤولين الاتراك من موقع هجومي الى ابداء الأسف الشديد يدل بأنهم قلقون جدا.

و خلافا للارتباك التركي اظهر قادة روسيا سيطرتهم على الاوضاع و اتخذوا خطوات تدل على قدرتهم على ادارة الامور، فبوتين قال ان بلاده طعنت في الظهر و في هذا اشارة الى الاتفاق الذي ابرم بين روسيا و تركيا في ٧ سبتمبر والذي سمي باتفاق “السماء المفتوحة” و الذي باشر الطيران الروسي بتنفيذ غاراته في سوريا بموجبه و لذلك فإن دخول الطائرة الروسية الى الاجواء التركية لثوان معدودة لايبرر اسقاطها.

و بعد اسقاط قاذفتها زادت روسيا من طلعاتها الجوية في شمال و شمال غربي سوريا لتثبت انها لا تأبه لحساسية تركيا و هذا ما زاد من انتقادات الاجهزة الامنية التركية لاردوغان، و من جهة اخرى اتخذت موسكو خطوات تصيب تركيا بالشلل و اعلنت انها ستوقف صادرات الغاز الى تركيا التي تستورد ٦٠ بالمئة من حاجاتها من الغاز من الجانب الروسي و ذلك مع اقتراب فصل الشتاء كما علقت موسكو نشاط نحو الفي شركة تركية في الاراضي الروسية، من جهة اخرى قالت الحكومة الروسية انها ستنتظر موافقة مجلس الدوما لمعاقبة تركيا عسكريا في حين قال رئيس مجلس الدوما ان المجلس يريد ردا عسكريا روسيا، و هكذا و مع دخول مجلس الدوما الى هذه القضية اصبح الرد العسكري الروسي المحتمل هو بمستوى “الرد الوطني” الذي يخيف الاتراك.

و هنا يعتقد الخبراء و المحللون ان روسيا سترد عسكريا على تركيا فالمسؤولين الروس يقولون انهم لن ينتظروا الاعتذار التركي كما ان الاتراك ايضا لم يعتذروا و الجميع يعلمون بأن الاعتذار يعني تقبل المسؤولية و تبعاتها و اعطاء الحق لروسيا بالرد و مطالبة تركيا بالتعويضات و اذا قبل اردوغان ذلك فإن مكانته ستتزعزع و حينها ستقع كافة تكاليف هذا العمل على عاتق اردوغان.

ان تركيا خسرت شيئا آخر بعد هذه العملية وهو امكانية اقامة منطقة حظر للطيران في شمالي سوريا و ذلك بعد ان اصبح الامريكيون موافقون على اقامة مثل تلك المنطقة اثر هجمات باريس و هذا ما كان يمنح الاتراك و الامريكيون امكانية التحرك في سوريا بشكل اكبر بكثير.

ورغم كل ما اعلنه الروس بأنهم سيفعلونه ازاء اسقاط طائرتهم في سوريا فإن المراقبين يعتقدون بان موسكو لديها خطط و برامج اكبر للرد على تركيا لكنها لا تعلن عنها الا في حينها و هذا ايضا يعتبر من اسباب تزايد القلق التركي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق