الميدان العسكري يُحدد معالم جنيف، وهادي يفشل في لعب دور الرجل المسؤول
يحاول الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، الظهور بصورة الغيور على وطنه، والمدافع عن شعبه. هكذا عبَّرت الأطراف اليمنية، في ردة فعلها على دعوات هادي لوقف إطلاق النار تزامناً مع البدء بالمحادثات. فالرجل الذي يعتبره اليمنيون خائناً لوطنه، لم يُفلح في ترسيخ أهدافه أو إقناع الشعب اليمني برؤيته السياسية، والسبب الأساسي لذلك، يعود لإعتباره رجل السعودية في اليمن. وبالتالي فهو يُمثِّل الخط الذي يُدير الحرب على اليمنيين. يُضاف الى كل ذلك، تعقيدات المشهد اليمني والذي يبدو أنه سيبقى يترنح بين التطورات السياسية الإقليمية، فيما يلعب الميدان العسكري دوراً مميزاً في إعادة خلط الأوراق. فماذا في دور هادي المشبوه؟ وما هي آخر دلالات المشهد اليمني؟
إطلالةٌ على المشهد اليمني عموماً:
ترفض الأمم المتحدة الراعية لمفاوضات جنيف حول اليمن، تحديد مكان انعقاد المحادثات مع الإعلان أنَّها ستكون في سويسرا. في حين تُشير المصادر الإعلامية، أن هدنةً في اليمن ستدخل حيّز التنفيذ في ١٥ من الشهر الحالي، موعد انطلاق المحادثات بين الأطراف اليمنية. من جهةٍ أخرى فقد عاد وفد حركة أنصار الله من مسقط إلى صنعاء، على أن يتوجّه قريباً إلى جنيف للمشاركة في المحادثات، وفق ما أفاد المتحدث باسم الحركة محمد عبد السلام. إضافة الى ذلك فقد رحَّب حزب المؤتمر الشعبي العام والذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، بالمحادثات المرتقبة، داعياً الأمم المتحدة إلى إصدار قرار مُلزم للأطراف التي ستشارك في المباحثات بالوقف الفوري والكامل وغير المشروط للعدوان على اليمن، ووقف الإقتتال الداخلي المموّل سعودياً، وفك الحصار المفروض على اليمن. كما ادعى الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي الأمم المتحدة، أنَّه طلب من التحالف بدء وقفٍ لإطلاق النار في ١٥ كانون الأول، تزامناً مع محادثات السلام التي ترعاها المنظمة الدولية .
تحليلٌ ودلالات:
لا شك أن الملف اليمني يزداد تعقيداً لأسبابٍ عديدة، في وقتٍ يبدو واضحاً أن حركة أنصار الله، تمضي قُدماً في خياراتها، متسلحةً بورقة الميدان الذي يجعلها قادرةً على فرض شروطها. وبين كل التطورات يخرج الرئيس المستقيل هادي، محاولاً كسب ود الشعب اليمني من خلال طرحه لوقف إطلاق النار خلال المفاوضات. فيما يفتقد الرجل للآذان الصاغية له، نتيجة سياسته التي أغرقت اليمن بحربٍ طاحنة، تمولها السعودية. وهنا لا بد من الإشارة للتالي:
– يحاول الرئيس المستقيل هادي، كسب ما فرضته أنصار الله في الميدان. فالأمور بحسب المراقبين تتجه لإعلان حالة الهدنة تزامناً مع بدء المفاوضات. وهو الأمر الذي يمكن حصولها شرط إلتزام السعودية وقوات التحالف بوقف عدوانهم على اليمن. وهنا يمكن الوصول لنتيجتين محتملتين من خلال التحليل. إما أن الرئيس المستقيل يناور سياسياً وبالتالي تناور معه الرياض في الداخل اليمني، إذ أنها ومن خلال التجربة لم تلتزم بأي إتفاقٍ لإطلاق النار. فيما يُشير محللون الى أن الأمم المتحدة تسعى حالياً لإنجاح المفاوضات، وبالتالي فقد جرى الضغط على التحالف السعودي، من أجل القبول بشرط أنصار الله القائل بأنه لا تفاوض تحت النار. مما يعني أن الرئيس المخلوع هادي يحاول كسب الإنجاز لا أكثر. وهو الأمر الذي فشل فيه نتيجة إفتقاده للثقة الشعبية داخلياً قبل الثقة الدولية.
– ولعل الأمور بأسرها تدل على مدى القوة التي أصبحت سمة موقف أنصار الله سياسياً وعسكرياً. فالإلتفاف الشعبي شبه الكامل حول الحركة، وإيمان الأطراف المؤيدة والمنافسة لها سياسياً في الداخل بضرورة رفع الحصار وإنهاء العدوان السعودي، جعل المجتمع الدولي يُدرك أن المضي قدماً في الخيارات التي تطرحها الرياض لم يعد منطقياً. فيما يجب إعطاء الإعتبار الأكبر لإنجازات اللجان الشعبية لا سيما حركة أنصار الله في الميدان العسكري.
في وقتٍ تحاول فيه الرياض حشد الأنظار لها عبر القيام بخطواتٍ إقليمية متعددة تبدأ بجمع ما يُسمى بالمعارضين السوريين، ولا تنتهي عند اللعب بالورقة اليمنية، أصبحت الملفات التي راهنت عليها الرياض أسباباً تُمثل عجزها الحقيقي لا سيما سياسياً. فيما يمكن القول إن اليمن بالتحديد، أصبح عصياً على كل المؤامرات الإقليمية والدولية والتي سعت السعودية لإدارتها. كما يبدو أن الرئيس المستقيل هادي سيكون أول الضحايا، ولن تنفعه محاولات الظهور بموقع الرجل المسؤول. بينما ستبقى الكلمة الفصل للميدان الذي يديره الجيش واللجان الشعبية اليمنية.
المصدر / الوقت