التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

خطة السعودية لعرقلة محادثات “جنيف” 

عمدت السعودية طيلة عدوانها على اليمن إلى تكثيف عملياتها في المحافظات اليمنية الجنوبية كمحافظة عدن و تعز و مناطق أخرى، و رغم أن المعركة وفق الاستراتيجيات العسكرية يجب أن تكون في الشمال حيث الحدود المشتركة و سهولة وصول الإمدادات، إلا أن الرياض كانت تضمر أهدافًا غير تلك التي أعلنت عنها، وهذا ما دفعها إلى التوجه إلى الجنوب و جعله نقطة المواجهات الأصلية.
تحاول الرياض إعادة اليمن إلى عام ١٩٩٤ ، حيث تشكل حكومتين و جيشين، تمهيدًا لتقسيمه إلى دولتين، و تعمد الرياض إلى نقل المعركة إلى الجنوب بغية تحقيق هذا الهدف، و ذلك ليضطر “أنصار الله” إلى دخول المناطق الجنوبية للتصدي للعدوان، و هنا ستتمكن السعودية من زرع فتيل الفتنة بين “أنصار الله” و حركات الجنوب من خلال الترويج لفكرة أن “أنصار الله” يعتدون على مدنيي الجنوب، و أنهم يسعون إلى السيطرة على اليمن بالقوة، و ذلك بهدف إدخال اليمن في دوامة حرب أهلية لا تنتهي.
إن نشوب حربٍ أهلية في اليمن يضمن للرياض عدم استقرار اليمن في وقت قريب، بعبارة أخرى، ستحقق أمنية الرياض بإدخال “أنصار الله” في حرب استنزاف طويلة الأمد، تكون السعودية في موضع المتفرج، و هذا ما يخلصها من عناء الحرب المباشرة التي أنهكتها دون تحقيق أي نتائج، و في حال تم التوافق في جنيف على إيقاف العدوان نهائيًا، ستضمن السعودية أن إضعاف اليمن و خاصة “أنصار الله” لم ينتهِ، و الحرب الداخلية ستكفل ذلك.
يدرك اليمنيون خطورة المخطط السعودي على مستقبل البلاد، و أن الحرب الأهلية تعني عدم الاستقرار لسنوات طويلة، و لهذا أبدوا حكمة في التعامل مع العدوان السعودي و استطاعوا إفشال مخططه، فأنصار الله انسحبوا من المناطق الجنوبية كعدن كي يقطعوا رأس الفتنة التي كانت تحاول السعودية إشعالها بينهم و بين أهالي تلك المناطق، كما أن “أنصار الله” رغم اتباعهم استراتيجية دفاعية محضة اضطروا إلى التوغل في الأراضي السعودية بهدف تخفيف المعارك في الجنوب و الضغط على الرياض و إفشال خططها.
أما عن الحركات الجنوبية فهي الأخرى أدركت خطورة المشروع السعودي على مستقبل البلاد و أمنها و استقرارها، و لهذا رفضوا تقديم أي مساعدة للقوات السعودية التي لجأت إلى تشكيل تنظيمات إرهابية و دعمها لتهدد به الجنوبيين و تخيّرهم بين الانصياع للرغبات السعودية أو الإرهاب، و هذا ما يفسر قيام تنظيم داعش الإرهابي باستهداف محافظ عدن، كما أن الجنوبيين يدركون أن أي تحالف مع الرياض هو تحالف مؤقت، فالسعودية لا تهتم لأهالي الجنوب ولا لغيرهم، و جل ما تهتم به هو مصالحها التي ترغب بتحقيقها، و الجميع يذكر تحالف السعودية عام ١٩٩٤مع الحزب الاشتراكي في الجنوب رغم الاختلاف العقائدي و الإيديولوجي معه.
المعركة دخلت مرحلتها الأخيرة، و الوقت المتبقي للسعودية لم يعد بالكثير، و المؤشرات تشير إلى تراجع عسكري سعودي في الآونة الأخيرة، ما يعني أن السعودية لن تتمكن من تحقيق أمنيتها التي عجزت عن تحقيقها طوال العدوان المستمر منذ ما يقارب الـ٩ أشهر، و لن تتمكن السعودية من عرقلة جنيف و إطالة أمد العدوان، فهي لم تعد جاهزة لتكبد خسائر أكثر من التي تكبدتها، كما أن الوضع الاقتصادي في السعودية لم يعد يسمح بالمزيد من النفقات.
يمكن اعتبار السياسة السعودية الرامية إلى إشعال حربٍ أهلية التفافًا على مؤتمر جنيف، و محاولةً لتسيير مصالحها بعد هذا المؤتمر الذي يأمل الشعب اليمني بأن يكون مخلصًا له من العدوان، و ليس بعيدًا على الرياض أن تتهرب من المقررات الدولية بطرق ملتوية، و لم تمضِ فترة طويلة حتى ننسى “مؤتمر الرياض” الذي عقدته السعودية بهدف توحيد الجماعات المسلحة في سورية، والذي يخالف ما تم الاتفاق عليه دوليًا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق