التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أكتوبر 6, 2024

أسباب و تداعيات الاضطرابات في اقليم كردستان العراق 

تشهد محافظة السليمانية في اقليم كردستان العراق اضطرابات منذ عدة اسابيع و قد قتل و جرح عدد من الاشخاص في هذه الاضطرابات و تم احراق مكتب للحزب الديمقراكي الكردستاني (حزب مسعود بارزاني) في احدى مدن السليمانية و قد تحولت هذه الاحتجاجات الى اضطرابات سياسية فما هي اسبابها و تداعياتها في داخل كردستان و خارجها؟

من السذاجة ان نعتبر هذه الاضطرابات احتجاجات اجتماعية بسبب عدم دفع رواتب الموظفين و المعلمين كما ان التوتر السياسي بين الكتل البرلمانية حول الدستور و انتخابات رئاسة الاقليم هي ايضا انعكاس لجذور المشكلة الحقيقية و الاساسية.

ان الخلافات المطلبية و السياسية هي موجودة في اكثر مناطق العالم لكن حدوثها في اقليم كردستان الذي يحلم شعبه بايجاد حكومة محلية لأنفسهم و في مستوى اقليم مستقل يطرح تساؤلات كثيرة لأن هناك احتمال لتبديد هذا الحلم الكردي.

و يعتقد المحللون ان اضطرابات كردستان العراق يجب ان يتم دراستها و تحليلها ضمن دائرة الاحداث الوطنية و الاقليمية ففصل الاحداث في كردستان عن الاحداث الجارية في العراق و الشرق الاوسط يعتبر خطأ كبيرا.

ان تدمير الدولة العراقية بفعل الاحتلال الامريكي و من ثم ظهور الجماعات الارهابية التكفيرية قد زاد توتر الاوضاع الامنية في العراق و اصبح الأمن حاجة رئيسية للشعب العراقي و لم يكن الاكراد استثناء و قد شعر هؤلاء ان افضل طريق لحفظ امنهم هو الحفاظ على الكيان الكردي في اقليم كردستان و عقد الأمل على قوات البيشمركة الكردية لكن هناك قضية هامة تعاني منها كردستان و هي عدم حل موضوع دستور اقليم كردستان و انتخابات رئاسة الاقليم منذ عقد حتى الان.

لقد تم تمديد رئاسة بارزاني منذ عام 2013 من قبل برلمان الاقليم بسبب الاوضاع الامنية في العراق و المنطقة لكن التمديد لبارزاني مرة اخرى يعتبر امرا غير قانوني وقد عارضت الاحزاب الكردية الرئيسية الاربعة ( حزب الاتحاد الوطني الكردستاني و حركة غوران و الاتحاد الاسلامي و الجماعة الاسلامية) هذا التمديد الجديد لبارزاني من قبل المجلس القضائي لكن مع اندلاع الاضطرابات اعلن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وقوفه الى جانب حزب بارزاني كما اختار الحزبان الاسلاميان الآخران الصمت و بقي حزب غوران وحيدا في المواجهة مع حزب بارزاني و هذا يدل بأن الشعب الكردي يولي اهمية كبيرة للاستقرار الامني.

و هناك اسباب ثانوية ايضا لهذه الاضطرابات فحزب بارزاني الذي يمتلك قوة اقتصادية و عسكرية كبيرة يستخدم هذه القوة للتغلب على الاحزاب المعارضة له كما يضاف الى هذا قلة خبرة الاكراد في قضية الادارة المجتمع المدني فاكراد لايزالوا متأثرين بالنظام القبلي.

و كما يتاثر اقليم كردستان بالاحداث الجارية في العراق و المنطقة فإن الاحداث الجارية في كردستان تؤثر ايضا على العراق و المنطقة و هنا نشير الى هذه التأثيرات.

التأثيرات المحلية

ان هذه الاضطرابات تبدد حلم قيام كردستان الكبيرة بالنسبة لمعظم الاكراد و ستؤدي الى تراجع سياسي في اقليم كردستان فحزب بارزاني سيستغل هذه الاحداث للتغلب على باقي الاطراف السياسية و قد رأينا كيف قام حزب بارزاني بطرد وزراء حركة غوران من حكومة الاقليم و هكذا اعلن للجميع بأنه يرد منافسين مطيعين فقط.

ان وقوف حزب الاتحاد الوطني الى جانب حزب بارزاني بعد اندلاع الاضطرابات يثبت بأن حزب الاتحاد الوطني يولي اهمية كبيرة الى موضوع الحفاظ على الاستقرار الامني اكثر من القضايا السياسية و هذا يمنح بارزاني سلاحا جديدا و فعالا في المستقبل لكي يستخدم القوة في وجه معارضيه لكن اذا نجحت حركة غوران في تحقيق مطالبها عبر الاحتجاجات فهذا الامر سيصبح سابقة فيتاريخ كردستان و سيلجأ الآخرون في المستقبل الى الاحتجاج كسبيل لتحقيق اهدافهم.

التأثير الوطني

ان الاضطرابات في كردستان العراق سيؤثر على عموم العراق من الناحيتين السياسية و العسكرية فمن الممكن ان توقف الحكومة المركزية في بغداد الدعم المالي الذي تقدمه لكردستان كما من المحتمل ان يوقف العراق ضخ النفط الى الخارج عبراقليم كردستان.

و هناك قضية اخرى تتعلق بتنظيم داعش، فالبيشمركة الاكراد الذين كانوا يحاربون داعش قد وجهوا بنادقهم ايضا نحو صدور المتظاهرين الاكراد و هذا سيشغلهم عن قتال داعش و يفيد هذه الجماعة الارهابية و عندئذ تصبح الحكومة العراقية في بغداد مجبرة على دفع تكاليف اكبر لمواجهة داعش.

التأثيرات الاقليمية

ان الاضطرابات في كردستان تعتبر فرصة ثمينة و كبيرة لحزب العمال الكردستاني الذي استغل هذه الاحتجاجات و دعمها للضغط على حزب بارزاني الذي لم يساعد حزب العمال الكردستاني في المواجهة مع تركيا و هكذا سيستقطب حزب العمال الكردستاني عدد اكبر من العناصر من بين الاكراد و يخرج نفسه من الحصار الذي فرضته تركيا عليه.

و في الحقيقة يسعى حزب العمال الكردستاني الى الاستفادة من اكراد العراق في مواجهته مع تركيا تماما كما يستفيد من اكراد سوريا في مواجهة تركيا.

ان فشل التجربة الكردية في اقليم كردستان العراق سيؤثر سلبا على اكراد تركيا و سوريا الذين كانوا يرون في اقليم كردستان العراق نموذجا للحكم الذاتي المحلي.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق