التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

التحالف السعودي الجديد؛ إضفاء الشرعية على الإرهاب والتقسيم الجديد 

أعلن الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع وولي ولي العهد السعودي، في مؤتمر صحفي عقده في الرياض بتاریخ 15 ديسمبر، عن تشكيل “التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب”. ووفقاً لتصریحات محمد بن سلمان، فإن ما مجموعه 34 بلداً يشاركون في هذا التحالف العسكري، وهناك 10 بلدان أيضاً یدعمون التحالف من خارجه. وفي القائمة التي نشرتها السعودية حول البلدان الأعضاء في التحالف، لا نری اسم إيران وسلطنة عمان والعراق وسوريا والجزائر. والذي يجعلنا نؤکّد منذ البداية علی العقم والطابع الصوري لهذا التحالف، هو أن السعودية باعتبارها قائد هذا التحالف، هي السبب الرئيسي للإرهاب في المنطقة، بحيث أن وسائل الإعلام الغربية قد اعتبرت مراراً الأفكار التي تحكم السعودية، العاملَ الأهم في تشكيل الإرهاب، والسعوديون في السنوات الأخيرة ومن خلال الدعم الكامل للجماعات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن ولبنان، قد أدخلوا هذه الدول في حروب لا نهاية لها. وإن نظرةً على مستوی قوة البلدان التي تشكل هذا التحالف، یطرح هذا السؤال بأنه ما التأثیر الذي ستترکه دول مثل بنين وتوغو وسيراليون على مكافحة الإرهاب؟ وما هو موقع هذه الدول في تحالف کهذا؟ وأیضاً ما هو تاریخ السعودية كقائد لقوات التحالف، في الحرب ضد الإرهاب، سوی عائدات النفط التي قد حدّت من ایرادات السعودية هذه الأيام بشكل حاد، نتيجة الانخفاض المستمر في أسعار النفط، وماذا تمتلك السعودية في هذه الحلبة حقاً؟ من ناحية أخرى، فقد أثبتت التجربة مراراً عدمَ فعالية مثل هذه التحالفات، وقد شكلت السعودية إلی جانب الإمارات وعدة دول أخرى منذ مارس 2015، التحالف السعودي ضد الیمن، ومنذ ذلك الحين لم یفشل التحالف في تحقيق أهدافه المعلنة فحسب، بل يمُنی في كل يوم بهزيمة جديدة أیضاً.

انتقاد حسنين هيكل اللاذع للرياض
محمد حسنين هيكل، الكاتب والخبير والمحلل البارز في العالم العربي، ورداً على الإعلان عن تأسيس هذا التحالف الجديد المرغوب به سعودیاً، انتقد في صفحته علی التويتر بشدة هذا التحالف، وذكّر أعضائه، بما في ذلك السعودية، باحتلال فلسطين من قبل الكيان الإسرائيلي وتجاهلهم لهذا الاحتلال. وقال هيکل أيضاً إن بعض أعضاء هذا التحالف، هم أهمّ جهة راعية للإرهاب بما في ذلك تنظیم داعش. ویضیف هذا الكاتب البارز في العالم العربي ومصر متسائلاً:ما هي المعايير التي تشكّل علیها هذا التحالف؟ ما هي الأدوات والحلول والاستراتيجيات لدیه؟ ثم مَنْ هو عدوّ هذا التحالف؟ وكتب الهيكل بالقول إنه يعتقد أن تشكيل هذا التحالف، جاء بعد هزيمة السعودية وحلفائها في غزو اليمن في إطار عملية “عاصفة الحزم”، لعلهم یجدوا عبر تشكیل هذا التحالف العسكري – الإسلامي، وسيلةً للخروج من الأزمة في اليمن. وأوضح هذا الكاتب والمحلل المصري البارز: لقد مضی أكثر من 70 عاماً علی احتلال فلسطين، والسعودية تشكّل هذا التحالف الجديد تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وتنظیم داعش، في حين أن المواجهة مع الكيان الإسرائيلي لم تخطر إلی الآن حتى على أذهان السعوديين.
وهذا یجعلنا نؤكد أن هذا التحالف لن يكون قادراً حتى على الحفاظ على وحدته، ناهيك عن مكافحة الإرهاب. فأمريكا، وعلى الرغم من امتلاکها للمعدات العسكرية الأكثر تقدماً، فشلت في العامين الماضيين وعبر تشكيل الائتلاف ضد داعش، في التقدّم خطوةً إلى الأمام في مجال مكافحة الإرهاب، وبالتالي فمن المؤكد أن السعودية أيضاً لن تستطیع القیام بأي عملیات أو تحقیق أي أهداف خارج حدودها.
من ناحية أخرى، فإن هذا التحالف لا يشمل دولاً مثل العراق وسوريا، والتي تکبّدت أكبر الخسائر والأضرار الناجمة عن الإرهاب، كما أن بيان تأسیس التحالف يتحدث عن التفاعل والتعاون مع الجماعات التي اعتبرها “مشروعة”، حیث نرى في لمحة عامة أن هذه المجموعات القانونية والمشروعة، ستشمل بطبيعة الحال المجموعات الإرهابية المسلحة المشاركة في اجتماع الرياض. بالإضافة إلى أن الدول الراعية للجماعات الإرهابية مثل تنظیم داعش والجبهة الإسلامية وجبهة النصرة وأحرار الشام، فكما وفّرت حتى الآن أرضیات حماية ودعم هذه المجموعات، ستوفّر أيضاً الأرضیة لخروج هذه المجموعات من قائمة الإرهاب، ووضعها على لائحة الجماعات المسلحة “المعتدلة”، وقريباً جداً سنرى أن الإرهاب ومكافحته سيتم حصرهما بمحور المقاومة من قبل هذا التحالف.

بديل لتنظیم داعش، وبدء المرحلة الثانية من تقسيم المنطقة
العملية السريعة والمستمرة للأحداث الجارية في الشرق الأوسط تحت عنوان مكافحة الإرهاب، تكشف عن الخريطة الجديدة التي رسمتها الولايات المتحدة للمنطقة، والتي تركّز على إنشاء مراكز جديدة للنفوذ في المنطقة، ووضع حدٍّ للمراكز المحددة في اتفاقية “سايكس بيكو”. لكنّ المأخذ الأكبر علی هذه الخریطة، هو عدم قدرتها على إنهاء الصراعات القبلية والدينية الدموية الراهنة بين هذه المراكز.
لذلك، فإن التصريحات التي أدلت بها السلطات السعودية والتركية بشأن مكافحة الإرهاب، والتصريحات الأمريكية بشأن ضرورة المشاركة الجادة لأهل السنة في المنطقة في مكافحة الإرهاب، وزيارة مبعوث أوباما إلی المنطقة لخلق الانسجام بين حلفاء واشنطن في الحرب ضد تنظیم داعش، وإعلان الإمارات استعدادها لمشاركة قواتها العسكرية في مكافحة الإرهاب، خاصةً بعد الهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس وهزّت المجتمع الدولي، والوجود العسكري التركي في شمال العراق والذي لا شك أنه جاء بضوء أخضر أمريكي، كل ذلك يشير إلى أن واشنطن قد طلبت من أیادیها في المنطقة، إنهاءَ دور الجماعات الإرهابية في المنطقة، وهذه النهایة یجب اعتبارها بدايةً لمرحلة جديدة من المشروع الأمريكي في المنطقة.

تحالف لمواجهة إيران وروسيا
لا شك أن الإعلان عن التحالف الجديد من قبل السعودية، کان بعلم الأمريكيين وضوء أخضر منهم، الذین یشعرون بالقلق من دخول روسيا إلى المنطقة وتأثير ذلك على معادلاتها، وتشكیل الشراكة الإستراتيجية مع إيران ومحور المقاومة للتعامل مع المشروع الأمريكي في المنطقة. والنتائج الملحوظة لدخول روسيا إلى عملية ملف مكافحة الإرهاب في سوريا، وإمكانية طلب العراق المساعدةَ من موسكو، أثارت قلق واشنطن في أن استمرار هذا الوجود یمکن أن يؤدي إلى خسارتها للعراق وسوريا، ولهذا السبب یجري تشكيل هذا التحالف بموافقة ودعم من أمريكا.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق